الاستاذ عبد الله كنون الحسنى

7 –   عبد اللـه كنون الحسني :

 هو علامة المغرب بلا منازع ,وهو من علماء المغرب الذين يجدر بالمغرب أن يعتز بهم , وهو من أبرزعلماء الغرب الإسلامي ,ولم يخلفه أحد في مكانته وعلمه ,فهو صاحب مواقف مشهودة ,وهو رجل يندر أن تجد مثلـه علماً وفضلاً وشجاعة ونزاهة ,شارك في العمل الوطني في منطقة الشمال ,وتولى منصب عامل على مدينة طنجة بعد الاستقلال, وكان يعتز بعلمه ,ويحظى باحترام العلماءنظرا لعلمه وخصاله الرفيعة ..

اختاره علماء المغرب لكي يكون أميناً عاماً لرابطة علماء المغرب , وليس هناك من هو أجدر منه بهذه المسؤولية, و كانت الرابطة قوية وذات مكانة ومهابة من الدولة وفي موطن الاحترام من الناس, وبعد وفاته ضعفت الرابطة وفقدت الكثير من مكانتها..

عرفته قبل أن أراه من خلال بحوثه العلمية في مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة ,ثم عرفته من خلال كتابه النبوغ المغربي , وهو أفضل كتبه ,والتقيته لأول مرة في حلقات الدروس الحسنية التي كان يفتتحها كل عام , وسمعت درسه لأول مرة عام 1973 , وكان يمثل شخصية العالم الذي يحترم علمه ,فلا يجادل ولا يجامل ولا يقف على الأبواب الموصدة طمعاً في مكاسب, وهذه من خصال العلماء..

عندما زرت مدينة طنجة اتصلت به لزيارته في داره فأبى إلا أن يزورني أولاً في مقر إقامتي فى الفندق, وهذا موقف يدل على سمو خصاله, ويعيش في مدينة طنجة في دار عربية صغيرة وأنيقة , وعندما استلمت إدارة دار الحديث الحسنية زارنى وابلغنى تأييده لى ومساندته لى  فى جميع الخطوات..

ودعاني عدة مرات لحضور مؤتمرات رابطة علماء المغرب في أغادير ومكناس والناضور, وكان العمود الفقري لهذه المؤتمرات ,و كان العلماء يثقون بحكمته .ويحضرعدد من الوزراء وعلى رأسهم أحمد بنسوده مدير الديوان الملكي هذه المؤتمرات التي يحضرها أكثر من مائتي عالم  , و كان يحرص على حضوري هذه المؤتمرات , ويكرمني كل الإكرام , ويشرح لي خفايا ما يجري في الكواليس , فإذا وجد شططاً في القرارات التي تتخذها اللجان الفرعية يخفف من هذا الشطط إلى الحدود التي لا تحرج الدولة ولا تضعف مصداقية الرابطة .

يتميز الأستاذ كنون بالحكمة والشجاعة والبصيرة , وهو امتداد لعلماء السلف من أصحاب المواقف الصادقة,وكان يرتدي الجلباب والسلهام باستمرار ,ويعتز بعلمه ويحسن فهم الأمور,ويعرف ما يمكن وما لا يمكن .. وكان مسموع الكلمة وصاحب سمعة نقية ونظيفة , وتاريخه الوطني يجعلـه في موطن الإحترام لدى كافة القوى السياسية , ولم يستهلك نفسه في مواقف لا تليق بالعلماء , وكان يحسن الصمت كما يحسن الكلام في الوقت المناسب ..وكان الحسن الثاني يحترمه ويقدره,

وألقيت كلمة في حفل تأبينه بمدينة طنجة في شهر أكتوبر عام 1989 قلت فيها بأن الفقيد الكبير كان مرآة صادقة لضمير المواطن المغربي في رفضه للسياسات الاستعمارية, وبأنه كان مثالاً رائعاً للعلماء الذين يحافظون على العهد الذي التزموا به مع ربهم فلم يُخلفوا عهداً ولا ضاقوا بطالب حاجة يدافعون عن الحق ويطاردون بلا هوادة آثار ومخلفات عصور التبعية والإذلال ..

والتقينا في رحاب الأكاديمية المغربية لمدة خمس سنوات, وكنت معجباً به ومحباً لـه , وأجد فيه صورة العالم التي افتقدناها منذ قرون . رحم اللـه علامة المغرب ..

( الزيارات : 945 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *