الانانية وحب الذات

كلمات مضيئة..الانانية وحب الذات

الانانية كلمة مشتقة من الأنا ، وهي الإفراط في حب الذات والتعلق بها والاهتمام بها والنظر لكل شيئ من خلالها ، والانانية هي حالة نفسية ينظر الانسان فيها الى نفسه وكانه موطن الاهتمام ويدور فكر صاحبه حول نفسه وذاته , ويشعر بالاحباط عندما لا يشعر بما يستحقه من ذلك الاهتمام  , وتكبر الانانية لدى الاطفال فى سن الطفولة قبل ان يدركوا ان هناك من يشاركهم الحياة ويستحق منهم الاهتمام ,   الانانية وصف مذموم يعبر عن افراط في التعلق بالمصالح الذاتية ولو على حساب كل الآخرين ، الأناني يري الوجود من خلال ذاته ، لا يعنيه امر الآخرين في اَي شيئ ، وهو يعبر عن  شعور مرضي وفردية تعزل صاحبها عن مجتمعه ومحيطه ، الأناني لا يرى الا ذاته ، وليكن الطوفان بعد ذلك ، الانانية شعور فطري في بدايته وكل انسان يشعر بذاتيته ويسعى لاجلها ، وهو وليد قوة غريزية هي القوة الشهوانية التي تدفع الانسان لطلب ما ارتبطت حياته به من الطعام والشراب وكل ما تستلذه النفوس ، وكل انسان يحتاجه لتحقيق كماله ، وعندما بنمو هذا الشعور ويستولي علي صاحبه يصبح مرضا نفسيا يتحكم في صاحبه ويرهقه في امره ويجعله مكروها ومنبوذا ، وينمو شعار الانانية منذ الطفولة عندما يحاول الطفل ان يستولي علي كل ما يملكه غيره من الاطفال من الألعاب ، ويجد من يساعده علي تحقيق ذلك , ولذلك يشتد بكاؤه عندما يعجز عن الحصول على ما يريد الى ان يستجاب له بقوة او بقوة احد والديه الذي يناصره لكي يسكته ، ذلك شعور اولي لدى الاطفال وبخاصة لدي من يجدون دلالا وترفا ، انه يريد ان يستولي علي كل شيء وينفرد به ، ويعتقد انه الاولي به من كل اخوته وكل الآخرين ، الانانية تولد الطمع والحسد معا ، وتنمي مشاعر الكراهية ، ولا حدود لما تفعله الانانية اذا تمكنت من صاحبها ، الانانية تعمق الفردية ، والأناني لا يفكر في الآخرين ، انه يريد كل شيء له  وان يكون الكل  له وفِي خدمته ، عندما تكبر ألأنا الذاتية يكون التسلط اقوى ، وبخاصة عندما يملك الأناني القوة والسلطة ، الانانية فردية ناتجة عن نمو مرضي للغريزة ورؤية قصيرة لمفهوم الحياة ، الحياة لكل من فيها وبكل ما فيها ، و الكل يملك كل ما يملكه كل الآخرين من تلك الحياة ، والكل يملك الشعور بالذات ويملك قوة الدفاع عن نفسه ، ولو كان مستضعفا في نظر كل الآخرين ، المستضعف يواجه الظلم والتجاهل لحقوقه بالحقد الذي قد ينمو في داخل صاحبه ويدفعه للانتقام والغدر ، الحقد سلاح المستضعفين ، النفس كقوانين الطبيعة المادية ويمكن اكتشافها وفهم طبيعة السلوك الانساني ، لا احد خارج تلك القوانين الالهية ، وهي قانون السببية والعلل المترابطة بأسبابها ، لا يمكن تجاهل تلك القوانين ، اذا لم نفهمها كما هي في حقيقتها نخطئ كثيرا في فهم الظواهر الاجتماعية ، من اليسير ان نفهم انانية الاطفال وهم يتخاصمون على ألعابهم وان نرى الأخوة الأشقاء يتنازعون وكل فريق يدافع عن حقه كما يعتقده لنفسه ، مهمة الآباء والأمهات شاقة في منع ذلك التخاصم بين الأخوة في نطاق الاسرة الواحدة علي ما يأكلون وما يشربون ، وكم تعاني الأسر من اثار ذلك في حياتها ، تلك هي محنة الوالدين في كل عصر ، وتكبر الانانية مع الأيام وتترسخ في النفوس وتولد الاحقاد والشعور بالكراهية والبغضاء ، ما يجري في الاسرة الصغيرة يجري وبصورة اكبر واخطر بين افراد المجتمع الصغير والكبير ، بين الكبار والصغار ، ومن يملك القوة ومن كان ضعيفا ، وعندما تكبر الانانية يشتد الحقد والكراهية ، ويكون التباعد الطبقي والتنافر ، ويكون التنافس بين فريقين ، وكل منهما يملك حق الدفاع عن نفسه بكل الوسائل ، وأسوأ ما يكون هو عندما يستخدم الاقوى قوته ضد الطرف الأضعف ، وعندها تكون اختيارات الضعيف اما الاستسلام وهذا مخالف لطبيعة النفوس , وأما التصدي للقوة بالقوة ولوكانت التضحية كبيرة ، الاستسلام ليس نهاية ابدا ، انه بداية لقصة اخري اشد تعقيدا وأقسى اثرا ، الاباء وحدهم هم الذين يتألمون وهم يَرَوْن الخطر القادم كسحب مظلمة لا تحمل امطارا ، سحب الحقد اذا أقبلت تنذر ولا تبشر وتهدم ولا تبني ، حكمة الا باء لاتنفع ولا تمنع قدرا ، ما اقسى ما تفعله الانانية عندما تتحكم وتترسخ وتصبح خيارا للاقوياء وسلوكا ، لوكانت العدالة في البداية لما كانت الآنانية البغيضة متحكمة في النهاية ، تلك هي محنة الجهل عندما يكبر حب الذات وتترسخ قيم التغالب ويصبح شعر السيف والرمح عدلا وفخارا ، العدالة منهج تربوي عاقل وهو خيار المجتمعات اذا اختارته لاجل السلام ، ولا بد من الاحتكام للعدالة كما ارادها الله تعالي لكل عباده ، ان تكون حقا ونظاما واختيارا ، عندما تتحقق العدالة كما يجب ان تكون يتحقق بها الامن الاجتماعي والسلام بين الشعوب ، التعدد يقتضي العدالة ، الانانية وحب التملك والسيطرة ليست خيارا عاقلا ، الاطفال لا يدركون ذلك ، ولكن الآباء يجب ان يفهموا ان العدالة حق انساني لكل أطفالهم ، والرحمة خلق والتكافل منهح وحيد لاستمرار الحياة ، ما زلنا نعاني من انانية الصغار والكبار ، سلاح الاقوياء يفقدهم هيبة الكبار ، وتكبر الجرأة عليهم ، من استخدمه فى غير مكانه انقلب عليه  واشتد ندمه ..

الحياة الانسانية لا يمكن الا ان تكون تكافلية لا انانية فيها ، ورحيمة لا يقسو فيها قوي علي ضعيف ولا كبير على صغير، حب الذات حق لكل ذات تعبر عن كمالها بحب ذاتها  ، فاذا انفرد بها القوي وتجاهلها كحق لغيره كانت طغيانا وعدوانا ، مهمة القانون ان يجعل الحقوق عادلة وان يكون توزيعها لا ظلم فيه ، القوي يملك اسباب قوته ، اما الضعيف فالقانون هو أداته لكبح جماح المتجاوزين على الحقوق ، عندما يكون القانون مطية لتبرير التجاوز في الحقوق يفقد القانون هيبته ، ولا بد من الاهتمام بأمرين : شرعية التفويض الإرادي المشروط بالعدالة اولا، وعدالة التطبيق لمفهوم العدالة كما ارادها الله لكل عباده  تتحقق بها كل اسباب حياتهم الضرورية طعاما ولباسا وتعليما وعلاجا وأمنا وحرية وكرامة ثانيا ، تلك هي العدالة كما ارادها الله لا كما ارادها القانون ، لا عدالةً مع انتفاء العدالة ، لا احد ينفرد بحق يملكه كل الاخرين  الا بقيمة جهده العادل من غير استغلال لحاجة الاخرين ، لا شرعية لعقود الاذعان ولا للثروات الناتجة عن الاستغلال والاحتكار والامتيازات الطبقية  ، معايير قيمة الجهد يحددها ذلك الجهد ومدى المشقة فيه ، وتراعى فيه قيمة التكلفة لكي تتحقق به العدالة ، مفاهيم العدالة تتجدد منتقلة من الادني نحو الاعلى كمالا بما يراه مجتمعه عدلا ، واقله الكفاية ولا عدالة مع الحاجة ، العاجز لاي سبب محمول ، والتكافل الانساني يضمن لكل فرد في الاسرة الكونية مطالبه الضرورية ، محنة الانسان في تلك الانانية القاسية الناتجة عن المناهج التربوية التي تكرس قيم التفاضل الطبقي وكأنه من الله تعالى ، وتعالى الله ان يظلم عبدا من عباده في حق من حقوقه التي ضمنها لهم ، العدالة في الحياة والموت لا تستثني احدا ، لانها من الله تعالى ، الفقر الناتج عن العجز لا يفقد صاحبه حقه في الحياة والكرامة ، الطبقية الاجتماعية هي ثمرة لمعايير خاطئة للعدالة وعندما تصحح تلك المعايير تتراجع لك الطبقية ويكون التكافل بديلا عادلا ، قيمة العمل يحدده حجم الجهد المبذول فيه ، وليس بحسب قيم التفاضل الاجتماعي ، ليس عدلا ان تكتنز الاموال وتتمركز في يد فئة قليله ويحرم المجتمع كله من طعامه وأسباب حياته ، هذه هي رسالة الله لعباده وهذا ما افهمه من تلك الرسالة ، ورسالة الاسلام هي لكل الخلق ولا احد اقرب الى الله الا بعمله ، وكل جيل مخاطب بما خوطبت به الاجيال السابقة ، ومن حق كل جيل ان يفهم ذلك الخطاب الذي خوطب به من الله ان يُؤْمِن بالله ويؤدي عبادته للتعبير عن طاعته لله وشكره ، وان يعمل صالحا وان يقيم العدالة من غير تجاوز لحق او طغيان ، حب الذات حق لصاحبه ان يحب ذاته وان يدافع عن حقوقها ، ولكن بلا انانية بغيضة ولا فوقية مكروهة ولا طبقية مذمومة تستفز المشاعر وتثير الاحقاد بين الانسان والانسان ، مهمة التربية ان تمسك بزمام الاتسان لكبح جماح تلك الأنانية وتعيد تكوين شخصيته المتوازنة المعتدلة الملتزمة باحترام حقوق كل الآخرين ..

 

 

 

 

 

 

( الزيارات : 1٬277 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *