التعيين ..الحلقة السادسة

 

 

ذَا كرة الايام .. التعيين ..الحلقة السادسة

كانت الرحلة من الكويت الي المغرب طويلة ، كنت اشعر بشيئ من الخوف والتردد والقلق ، مشاعر داخلية لا استطيع تفسيرها ، هل هي شعور بالفرحة او شعور بالندم والخوف ، ، كانت اسرتي ترافقني في تلك الرحلة. ، حملنا معنا كل امتعتنا الضرورية التي نحتاجها وتركنا الكثير. ، وضاع اكثر منه ، ارسلت كتبي الي حلب وضاع الكثيرمنها ،. لا استطيع ان اعبر عن مشاعري في ذلك اليَومَ ، كانت لدي ثقة واحدة تمنحني الشعور بالامان والسكون ، هي الثقة بالملك ، لا شيئ آخر ، اهتمام الملك اشعرني بالطمانينة ، كان ايماني بالله هو مصدر النور الداخلي وان الله تعالي قد اختار لي هذا الطريق من غير تطلع اليه ، لم أبذل فيه جهدا ، لم يكن ذلك من اختياري ، ولو اردته لما كان. ، كانت الامور تسير بيسر عجيب ، كل العقبات كانت ميسرة وكل الطرق معبدة , كانت الابواب مفتوحة ، وكنت مدفوعا بقوة. ، ترددت يوما عندما كنت في الكويت وحذرني بعض الاصدقاء : قال لي : الملوك يملون بسرعة . وسوف تجد نفسك وحيدا وبعيدا ، وفجأة زار السيد احمد بنسودة مدير الديوان الملكي الكويت ، وقابل امير الكويت لامر سياسي ، واستقبلني في الفندق وشجعني كلامه ، وقال : نحن بانتظارك في المغرب ، واعطي تصريحا لجريدة الرأي العام الكويتية شكر فيها امير الكوبت لموافقته علي انتدابي للمغرب ، وهذا مما عجل في اهتمام الامير بالامر ومتابعته. ، وصلت مطار محمد الخامس ، ووجدت باستقبالي في المطار السيد زين العابدين الكتاني الابن الاكبر لمولاي ابراهيم الكتاني الرجل الصالح. الذي التقيته في اول زيارة ، وهو والد الصديق. الدكتور يوسف الكتاني. رحمه الله. الذي لم اكن اعرفه. في تلك الفترة ، وهو عضو في الديوان الملكي ،وهو احد مساعدي السيد احمد بنسودة مدير الديوان الملكي ، و لاول مرة ، كل اسرتي معي في المغرب ، كانت الطريق من الدار البيضاء الي الرباط.تستغرق اكثر من ساعة ونصف ، كانت الشمس مشرقة والاشجار جميلة ، و الطريق الي الرباط مزدحمة بالسيارات ، وكان الجو ربيعيا. مبشرا. واخترنا الطريق الساحلية ورأيت البحر الاطلسي الهائج , وتوقفنا برهة امام الهرهورة المنطقة الجميلة الشهيرة بمناظرها الخلابة , الحياة  كالاطلسي لانهاية لها , رحلة متجددة  وموانئ  تقف قليلا ثم تعاود الابحارمن جديد  من اختار البحر واوغل فيه فيجب ان تكون سفينته قوية وآمنة ، وتفاءلت بما رايت , كان صاحبى يشرح لى ما كنت اراه  ، كان السيد زين العابدين شريفا كتانيا وكاتبا متميزا , كان شخصية عاقلة ويغلب عيه الصمت , ولم تكن لديه خصائص اخيه الدكتور يوسف الكتانى من الانفعال والغضب  ، وهو حفيد الشيخ. محمد الكبير الكتاني شيخ الزاوية الكتانية الاول وشقيق عبد الحي الكتاني ، وصلنا الرباط ، ونزلنا في فندق هيلتون الكبير الذي اقمت  فيه مدة اربعة اشهر ، في غرفتين في الطابق الرابع تطلان علي حي السويسي اجمل احياء الرباط الممتدة نحو حي الامبسادور  وطريق زعير اجمل شوارع الرباط ، وهناك حديقة واسعة جدا تسمي بغابة هيلتون الشهيرة التي. اعتدت فيما بعد. ان امشي فيها كل صباح مع بعض الاصدقاء، , ومن ابرزهم الصديق الدكتور يوسف الكتاني. رحمه الله ،لقد انتقلوا جميعا الى رحاب الله ,  وكنا فى الفندق نجد الاهتمام من كل العاملين في الفندق، ، وفي مساء اليَوْمَ الثاني زارني في الفندق الصديق. القديم الشيخ عبد الرحمن الدكالي ، صاحب المهمات الخاصة ، لم اجد اكثر .اخلاصا من ذلك الرجل وتوفي بعد سبع سنوات في المدينة ، وحزنت عليه ، كان معي في جميع المواقف والازمات بصدق لا نظير له ، كان يقول لا تبحث عني فلن تراني ، وعندما تحتاجني. فسوف تجدني امام باب بيتك وفعلا كنت اراه في الازمات وفيا. بغير حدود وبخاصة في الازمات ، وشاركت في حبل تأبينه الكبير. وتكلمت عنه بما اعرفه عنه ، كان في السبعين من العمر ، وكان له منصب. اشتهر به ، وهو المرشد العام للجيش الملكي المغربي، وكان شاعرا مجيدا وعالما وهو ابن شيخ الاسلام ابي شعيب الدكالي ومنطقة دكالة اهم. المناطق في وسط المغرب واجملها علي. البحر الاطلسي ، وكان هو. احد المقربين من الملك ، ورحب بي في المغرب باسم. جلالة الملك , وتحدثنا طويلا ، كان فرحا مسرورا ، كان هو اول من علم بالامر ، وفِي اليَوْمَ الثاني زارني الاستاذ احمد بنسودة مدير الديوان الملكي، وابلغني. ان الملك سوف يستقبلني استقبالا رسميا ، والاستقبال الرسمي هو الذي يتم الاعلان عنه ويصدر به بلاغ. رسمي ، لا احد في المغرب من مساعدي الملك يتحدث بغير المهمة التي هو مكلف بها ، لا احد يتجاوز اختصاصه ، لا تداخل بين الاختصاصات والمهمات ،بعد ستة ايام اتصل بي السيد بنسودة وابلغني ان الملك سوف يستقبلك غدا في الساعة الواحدة ظهرا ، وانه سوف ياتي الي لكي يصحبني الي قصره ، لم اكن اعلم اين هو المكان ، وفِي الوقت المحدد ذهبت معه في سيارته الي قصر السلام بالقرب من الرباط ، وهو قصر انيق جميل في اجمل احياء الرباط ، وصلنا القصر ، ووجدت السيد الحاج محمد باحنيني الوزير الاقرب والاقوي وهو الوزير الذي كان في كل الوزارات ،وكان في الستين من العمر ويرتدي الجلابة المغربية الفخمة ، ولَم ا ره بغيرها ابدا، وكان هو المكلف اداريا. بكل المصالح الملكية والمؤتمن عليها ، وورأيت الدكتور عبد اللطيف بنعبد الجليل وزير التعليم لاول مر ة وهو الصديق الذي استمرت صداقتي حتي اليَوْمَ وهو الذي تولي ادارة جامعة محمد الخامس لمدة طويلة، ثم جاء السيد احمد عصمان رئيس الحكومة ،وهو احد اصهار. الملك ، وزوج اخته ، جلسنا في غرفة الاستقبال الخارجية ، ودخل الجنرال الصارم. مولاي حفيظ العلوي ، وزير التشريفات. الملكية وكان الكل يهابه. ، كانت له هيبة. كبيرة وليس لديه كبير امام البروتوكول ، لا احد يتجاوز حدوده ، واصطحبنا الي داخل القصر في قاعة. انيقة جميلة ،. استقبلنا الملك بترحيب كبير مصحوب بعبارات دافئة ، ولَم اجد في حياتي شخصية اكثر لباقة وادبا. ولطفا في التعامل كالحسن الثاني ، كانً كبير . المواقف ولم يكن قط كما هي صورته في الاعلام ،لم يكن كذلك ابدا ، كان شخصية راقية و حسُن التعبير ، وكان شخصية مختلفة عن كل الاخرين ، جلسنا علي مقاعد جلدية فخمة في زاوية من تلك القاعة ، لم يكن. مقعده متميزا عن المقاعد الاخري ، لاول مرة أحضر مجلسه. ، وكنت من قبل القاه في مجالس الدروس الحسنية ويكون الحديث قصيرا وسريعا ، رحب بي في البداية بكلمات اشعرتني بالتفاؤل والامل ، وسألني عن امير الكوبت . الشيخ صباح السالم. وكان مريضا ، وتوفي في نفس العام ، واستمر اللقاء مدة خمس واربعين دقيقة , ، كان الحديث حول. مهمتي العلمية في المغرب ، كان. في غاية الفهم لرسالة الثقافة التربوية والتكوينية ، كان صاحب رؤية. تجديدية. طموحة. وكان غيورا علي الثقافة الاسلامية واللغة العربية، تحدثنا عن دور القرويين ودورها التاريخي والعلمي ،وعن اهمية الوحدة المذهبية كعامل من عوامل الاستقرار الاجتماعي ، كان شديد الايمان حسُن الاستشهاد بالقران الكريم فصيح العبارة ويختار كلماته. ، كان يحترم العلم ويؤمن به ، كان كبير المواقف متطلعا لمغرب اكبر واكثر تقدما ، وسألني عن دراسة اطفالي الصغار، وطلب من وزير التعليم ان يهتم بدراستهم ، وسلمته الرسالة التي كنت أحملها البه. من امير الكويت وكانت مغلقة ، وفتحها وقرأها بتمعن. ، ولَم اتمكن من الحصول عليها، وقد احتفظت بالرسالة الاولي ، ولَم اتمكن من الحصول علي نسخة من الرسالة الثانية ، وقال لي : ستواجه عقبات ومهمتك صعبة ولكنني اثق بك. ، وساكون معك والي جانبك ، وانتهي اللقاء ، وودعنا بحفاوة وتمنيات بالتوفيق ، واعطي تعليما ت للسيد باحنيني. بشأن حفل التنصيب المعتاد. في المغرب وهو حفل استلام المهمة. ، ًوله تقاليد خاصة ، وخرجنا من القاعة ووجدت رجال الاعلام التلفزيوني قد جهزوا كاميراتهم وطلبوا مني ان اتكلم كلمة عن الاستقبال الملكي ، شكرت جلالة الملك وعبرت عن سعادتي بتلك المهمة ، وذلك التكليف ودعوت الله ان يوفقني في تلك المسؤولية ، واذيع في نشرة الاخبار بلاغ من الديوان الملكي بذلك التعيين. ، واعقبه التصريح الذي ادليت به للتلفزيون ، وغادرنا القصر واخذني الدكتور عبد اللطيف. بنعبدالجليل وزير التعليم بسيارته الي الفندق ، وما زال هو الصديق الاقرب لي حتي الان ، امد الله في حياته، بعد . ذلك اللقاء زال من نفسي كل شعور. بالقلق والتردد ، لم اعد اشعر باي شيئ ، شعرت بالامان والقوة. ، وامضيت في تلك المهمة مدة ثلاث وعشرين في عهد الحسن الثاني رحمه الله الي حين وفاته ، كان وفيا لكل كلمة قالها لي في البداية ، لم اشعر بعد . ذلك اللقاء. بتلك الوحدة والغربة ، مرت ازمات كبيرة في تلك الفتر ة وكان الملك معي في جميع المواقف والازمات وبافضل من كل ما توقعت ، واعترف انني وقعت في اخطاء بسبب جهلي. لكثيرمن التقاليد والاعراف. في مجتمع لا اعرف عنه شيئا.، ونشرت الصحف المغربية. خبر التعيين ، وكانً مثيرا للانتباه ، ونقلت وكالة انباء سانا السورية الخبر و نشرته بعض الصحف السورية في ذلك اليوم..

( الزيارات : 617 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *