التنافس لا يعنى التصادم.ز

ذاكرة الايام..الخلاف وليس التنابذ

اهم ماكان يثير انتباهي خلال  حياتى العملية  هو ذلك الخلاف الذى كان يشتد بين الكبار سواء كانوا من اهل العلم فى مختلف التخصصات  ورواد الثقافة من الادباء واهل القلم , اوكانوا من اهل السياسة  والمشتغلين فيها او بين الدول والشعوب المتجاورة , وهو خلاف طبيعي وحتمي وهو تدافع فطرى وتنافس على المصالح  والحكم والمال وكل ما يعتبرونه انه يوصلهم الى المجد والشهرة والرفعة والتميز , وهو ما نلاحظه فى سلوكيات الاطفال فى الطفولة الاولى حيث يكون التنافس والتغالب , والاقوى يريد ان يستحوذ على ما يملكه الاضعف من العابه , وهو ما يثير مشاعر الغيرة والحسد لدى الانسان , وهناك افراد تشتد الانانية لديهم لا سباب نفسية واجتماعية وتربوية ويكون لديهم استعداد اكبر للعدوان على الاخرين , فالاقوى يستحوذ على اكثر من حقه مستغلا قوته وضعف الاخر , وقد يكون هذا بين الاخوة والاقارب والجيران , هذا شعور طبيعى وفطرى وقلما نجد من يمسك بزمام نفسه فلا يعتدى ولا يطمع ولا يظلم , ما اكثرما نراه من خلافات قد تكبر وقد تدفع الى سلوكيات خاطئة , واحيانا تكون بين الدول المتجاورة , وقد تؤدى الى حروب وعداوات , كنت اعتبر كل ذلك من طبيعة الحياة والتنافس لاجل الوصول الى الافضل , هذه هي مشكلة الانسان قديما وحديثا , وقد نجد هذا الخلاف بين الاغنياء والفقراء , ولا حدود لجشع الاغنياء وحرصهم على امتلاك ما يستطيعون الحصول عليه بطرق مشروعة او بطرق غير مشروعة , ومما كنت الاحظه ان كل طرف يحاول ان يستخدم كل الاسلحة التى يملكها ضد الطرف الاخر , احيانا يستخدم السلطة التى يملكها لاغتصاب حق الاخر الاضعف , واحيانا يستخدم الدين ويتهم الاخر المعادى له بقلة الدين او ينسب له من الاقوال والافعال والمواقف ماليس له اساس وانما يتهمه به ظلما وبهتانا , وما زلت اتذكر الكثر ممن اساؤوا الى المنافسين باتهامهم بالكفر والالحاد  حينا  والفسق وارتكاب  الافعال المنكرة حينا اخر  , ما اكثر ما كان يؤلمنى وانا اتذكر مواقف وذكريات لمن كانوا ضحية عدو منافس كان يترصدهم ويشوه سمعتهم  بما ينسب اليهم من اتهامات ..

كنت اتساءل فى لحظات تأملى عن هذه الظاهرة الاجتماعية التى ذهب ضحيتها الكثير ممن اتهموا ظلما واسيء اليهم وهم لا يعلمون , كنت اتساءل عن مدى حاجتنا الى الدين ليس فقط كاحكام  تبين  للانسان  احكام اعماله , ولكن كتربية تسهم فى تكوين قيم اصيلة فى داخله ان يحب الخير ويسعى اليه ويمتنع عن كل فعل يحرمه الدين من الظلم والافتراء , الدين يعلمنا ان نحسن الظن فى الاخرين والا نحقد عليهم وان نحبهم وان نتمنى الخير لهم , اين نحن مما يدعونا اليه الدين , ليست الاستقامة  ان تفعلها خوفا من العقوبة والقانون ولكن الاستقامة ان تحب الاستقامة وتلتزم بها ولو كان القانون فى غفلة عنك , مهمة الدين ان ينمى الوازع الدينى الذى يجعل الانسان اكثر استقامة ومسؤولية ورقيا فيما يختاره من افعاله , لا يمكن للقانون ان يطلع على كل اعمالك ولكن الدين يحاسبك وينمى فيك خلق الاستقامة , عندما نحب بعضنا فلا نحقد ولا نظلم ونكون اكثر رحمة بكل المستضعفين , الدين منهج تربوى يعلمنا ان نكون افضل وليس سلاحا نستخدمه ضد كل خصومنا واعدائنا لكي نعبر بذلك عن احقادنا وانانيتنا , الدين دعوة ايمانية  ومنهج  تربوى يعلمنا ان نكون اكثر انسانية ورحمة ونلنزم بما امرنا الله به من  افعال الخير لكل الاخرين , الجهل بحقيقة الدين يشوه صورته ويبعد الناس عنه , الدين ليس مطية لاحد ابدا , يمكننا ان نختلف على المصالح والمغانم وعلى المجد والحكم والمال ولكن ليس باسم الدين , , ولكل امرئ ما نوى من خير او شر , كنت اتأمل كل ذلك وانا استحضر شريطا من الذكريات التى استخدم فيها الدين لغير ما اراده الله فى ما ضينا وفى حاضرنا , مهمة التربية الدينية ان تقودنا الى معرفة القيم الاخلاقية التى ارادها الله ان تكون منطلقات اساسية لحياة مجتمعنا ودعائم لاستقراره ..      

 

( الزيارات : 1٬014 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *