الحقبة المؤسسة

·

ذاكرة الايام..الحقبة المؤسسة

اعترف ان ما اكتبه من تلك التأملات السريعة التي اسجلها في اللحظات التي اخلد فيها الي نفسي في صباح او مساء هي مجرد خواطر سريعة وتعبر عن اللحظة الزمانية التى اعيشها كما اشعر بها  , واحاول ان اسجلها كماهي  ,  واحيانا توفظني من نومي  وتدعوني بالحاخ لكي اكتبها فى دفتر ذكرياتى  ، ولا تغادرني الا اذا أفرغتها في ذلك الدفتر الصغير الذى احتفظ به الى جانبي ، وكأنها حمل ثقيل. احمله على كتفي ، انها تلح علي وتقرع بابي وقلما استطيع التخلص منها , انها التحمل صفة المشروع المتكامل الذى يتطلب الاعداد له ، اعترف ان تلك التاملات  تمثلني وتعبر عن قناعاتي كما هي ، انها حصيلة تجربة طويلة من الحياة مع الكتب ومتابعة جهد الاجيال كما افهمه  واتعلم منه وما يتركه في نفسي من اثر. ، وهذا هو الاهم ، محطات  في رحلتي الطويلة ، بين بلدان مختلفة ومجتمعات ذات خصوصيات تعبر عنها ، وكل مرحلة تركت اثرها في الذاكرة ، واهمها تلك الحقبة الاولي التي امتدت الي سن العشرين من العمر ، كانت الاكثرتأثيرا في التكوين. ، ما زالت حية في. نفسي بآثارها الروحية والتربوية ، كانت بصحبة السيد النبهان طيب الله ثراه ، ما تركته تلك الحقبة ما زال هو الاقوى والأرسخ ، كانت تلك الحقبة مؤسسة. لشخصيتي ، هي التي أعطتني تلك المناعة لكي افهم الحياة بطريقة اعمق  ، لم تكن تلك الحقبة غائبة عني في اية مرحلة ، كنت اعود اليها باستمرار واستحضرها  , كانت عميقة الجذور ، كانت تعيدني الي الطريق عندما ابتعد عنه ، لم تكن مرحلة طفولة ابدا ، ولا اعرف تلك الطفولة كما عرفها كل الاطفال ، كانت تلك الحقبة غنية بآثارها في حياتي في مختلف الحقب التاريخية التي اعقبت ذلك ، مما كنت ألاحظه فى حياتى اللاحقة ان العلم كان مهنة. معاشية كبقية المهن  ، وهذا الوصف  هو الذي يفقد العلم خصوصية العلم ونور ه كمعرفة. ذات افق انساني يرتقى بمجتمعه نحو مزيد من  احترام الحياة والانسان ، ومن اليسير ان نعلم. اكثر عن قوانين العلم واسرار الطبيعة ، ولكن كل ذلك. يحتاج الي ذلك الافق الانساني الذي يجعل صاحبه اكثر معرفة بالله تعالي  , ومعرفة الله هي الهدف من الحياة، ومن عرف الله استقامت نفسه وسكن قلبه وكان اقل انانية واكثر رحمة  ومحبة لكل الاخرين  ، رسالة العلم ان يخرجك من ذلك النفق المظلم من الانانية البغيضة التى  يعيش فيها الانسان الي ذلك التصور الكامل لرسالة الحياة كما ارادها الله تعالى ، العلم باهتماماته المادية. لا يفسر لك تلك الروحية. التي تقود الانسان الي الله ولا تلك المعاني التي تخرج الحياة من تلك العبثية الي الغائية التي تعبر عن الخضوع لله تعالي ، استمرت رحلة الحياة من خلال تلك المحطات المختلفة ، كنت احتاج الى ذلك الفهم الأعمق للحياة التى كنت استمده من تلك الحقبة الاولى ، وكنت اكتشف كل يوم جديدا من العلم ولكنني كنت ابتعد عن تلك الروحيةً. التي كانت في داخلي ، في لحظات تأملي الذاتي كنت اجدها كما هي ، كانت تفسر لي ما كنت احتاجه من تفسير للكثير من تلك الظواهر الاجتماعية التى كانت تواجهنى  وارها فى طريقى ، كنت احتاج الي ذلك الفهم الأعمق للحياة ، كل حقبة كانت لها خصائصها الظاهرة  وخصوصياتها الذاتية المؤثرة فى تكوينها ، كنت أستفيد من كل حقبة وتتسع رؤيتي لفهم اعمق ، واعترف ان كل حقبة كانت تضيف شيئًا وتترك اثرا لكمال التصور ، لقد اكتشفت ان الفكر لا يتجاوز مجتمعه. ويعبر عنه ، والفكر يعبر عن الواقع كما هو وهو ثمرة الانفعال بذلك الواقع ، رحلة الحياة تعبر عن رحلة الفكر من النقص الي الكمال ، وكلما اتسعت المعرفة اتسعت آفاق الفكر وانتقل من الادني نحو الاعلي ومن الانانية الضيقة الي الانسانية الكلية ، الرحمة هي ثمرة لاتساع المعرفة ، والمعرفة التي لانسهم في رقي الانسان لا قيمة لها ، عندما نطل علي الحياة من قمة عالية نري كل شيئ يحبط بنا ، محنة الانسانية في ذلك الافق الضيق الناتج عن الجهل. ، وأول مظهر للجهل هو ذلك التعصب بكل اشكاله ، كنت ابحث عن ذلك الفكر الذي يتسع لكل الاخرين من خلق الله ، يمكنك ان تكون عالما في علم من العلوم ومتمكنا منه ، ولكن هذا العلم اذا لم تصاحبه  الرعاية  وحسن الفهم  لا يوصلك الي المعرفة بحقيقة عبديتك لله تعالي ولا ينهض بك لكي  تسخر علمك لخدمة الحياة  لكي تكون  اكثر تعبيرا عن انسانية الانسان ، ان تعلم اكثر لا يعني شيئًا ولا يضيف اليك ما ترقى به الا اذا  قادك ذلك العلم الي معرفة اسباب وجودك  وتجد جوابا لذلك التساؤل  الابدى لما ذَا أراد الله الانسان ان يكون كما هو بكل ما يملكه من قدرات  تؤهله لكي يكون مؤتمنًا علي الحياة  ، كتبت الكثير وكنت بعد كل ما انجز كتابا او بحثا اسأل نفسي : وما ذَا بعد ، ما الذي أضفناه ، ما لا يفيد مجتمعه فلا قيمة له ولا حاجة اليه ، ليس العلم ان نحفظ الكثير ، مالا يفيد فلا قيمة له ، نحتاج لما يفيد ولما نحتاج اليه ، العلم يطلب لأثره في مجتمعه ، الطب لاجل علاج المرضى والتخفيف من آلامهم ، الحياة ان تكون اكثر رقيًا وفهمًا وانسانية ورحمة ، القانون لاجل تحقيق العدالة ، وليس لتبرير الظلم باسم العدالة ، المال لخدمة مجتمعه والدولة لخدمة مجتمعها والسلطة لحماية العدالة ، نحتاج الي التربية الروحية لتنمية تلك القوة الروحية الكامنة في الانسان لكي يكون اقل انانية وقسوة وطغيانا ،كنت كثير التامل فى رسالة العلم  فى مجتمعه , العلم رسالة تنوير وهداية بشرط ان يراد بالعلم اتساع افاق المعرفة لكي بتجاوز الفكر الانسانى اسوار الاهتمامات المادية المرتبطة بالنظم والحقوق وامور الحكم والثروة الى البحث عن الحياة كظاهرة كونية تستحق التامل فى كل مظاهرها وتجلياتها المدركة بالحواس الظاهرة الى التامل  الروحي فى ذلك الانسان  الذى تكون الحياة به هي الحياة  وهو المدرك لها  بما يملكه من قدرات تمكنه من الوعي بهذا الوجود  بكل ما فيه  , والايمان بالله هو الذى يجعل التصور الانسانى  خارج نطاق العبثية التى  ارتبطت بتلك الفلسفات  المادية التى عجزت عن تقديم تصور مقنع يفسر هذا الوجود بما هو عليه من تنوع وكمال , والانسان هو اجمل مافى الوجود وهو الذى يدرك من خلال ايمانه بالله  ما اراده الله لهذا الكون ان يكون عليه .

 

( الزيارات : 799 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *