الحوار

الحوار

كتبت كثيراً عن الحوار ..ونشرت كتاباً عن الحوار الحضاري..

الحوار ظاهرة حضارية وإنسانية وهو الأسلوب الذي يليق بالإنسان..ولا يليق بالإنسان غير هذا .. وهو المنهج القرآني.. وللحوار آدابه وقواعده وأسلوبه.. وهذا أمر لاخلاف فيه..
ولكن كيف يمكن للحوار أن يثمر الثمرة المرجوة منه.؟!.
غاية الحوار هو منع التشابك بين الأفراد والدول والأديان والحضارات..إذا كنا نؤمن بالحوار ..فلماذا الحروب والعنف والقتل.؟!.
أهم شرط في الحوار أن يكون بين طرفين يؤمن كل منهما بحق الآخر فيما يطالب به..وهذا يتطلب الإحترام المتبادل والإلتقاء على الثوابت الأساسية المرتبطة بالحقوق العادلة..
لايمكن للحوار أن يكون بين قوي وضعيف ولا بين من يحمل السلاح ومن لا يحمله ..لاحوار في ظل الخوف والرعب الذي يهدد القوي به الضعيف..هذه بديهيات أولية لا بد منها..إذا أردت أن تحاور فيجب أن تكون مستعداً للتنازل عن شيء تملك أمره لترضي به الطرف الآخر..القوي لايقبل الحوار بإرادته أبدا..لأنه لاشيء يدفعه للتنازل ولا أحد يتنازل بإرادته عما يعتقده حقاً له ..عندما يصل الظلم والتجاوز إلى منتهاه تكون الثورة حتمية وهي ثورة اليأس والغضب لكي يصل الصوت إلى الآخر..الأقوياء لايسمعون الأصوات الهامسة والطغاة على امتداد التاريخ لايفهمون إلا لغة القوة..ما وجدنا في التاريخ حاكماً تنازل بإرادته ..في الثورة قد تربح كل شيء وقد تخسر كل شيء..هذا يرتبط بسداد قرارك في المكان والزمان ومدى استعدادك للصبر وتحمل الآلام..لابد من قيادة ملهمة توحد الناس وتقودهم في الطرق الآمنة..الثورة قرار عاقل وليس مجرد غضب وانفعال..أنت مسؤول أمام الله عن التضحيات..الجأ إلى الله فى كل موقف لكي يسدد خطاك ..إياك أن تظلم أو تقتل بريئا.. كن المثل الأعلى في التضحية وحافظ على حياة الأبرياء..الثورة مسؤولية ورعاية واستقامة ..
وأهم شرط في الحوار أن يعترف الطرف القوي بحقوق الطرف الضعيف..وأن يكون منصفاً وعادلاً ..قلة من الحكام ينصفون ويضحون لأجل شعوبهم صونا للدماء..إذا أخطأ الحاكم فلا يجوز للثورة أن تخطئ لأن الثورة أمل وفجر وحب وتضحية ونزاهة.. لابد من الثقة المتبادلة بين الطرفين..إذا لم تثق بمحاورك فلا يمكنك أن تحاوره لأنه سيغدر بك عندما تلقي سلاحك..لن يعطيك شيئاً بإرادته قط..إذا كنت قوياً ستسترد حقوقك كلها أو بعضاً منها..وإذا كنت ضعيفا فسوف تدفع ثمن اقتحامك لمخادع الأقوياء في لحظات غفوتهم ..عليك أن تحسن اختيار من يمثلك لئلا تخدع فالأقوياء أقدر على الغدر من الضعفاء والغدر من شيم الأقوياء إن تمكنوا من ذلك..وإذا كانت عواطف الناس معك فإن سيوفهم ستكون مع الأقوياء ضدك..توقع هذا ولا تحزن.. هذه من طبائع البشر..لاتهدد بالقوة إذا لم تملكها..استشر من يحسن الفهم والنصح..
اختر ما تريد لنفسك.. وإياك أن تخطئ في الحساب فلا عذر لمن يحسن الظن في مجالس الحوار ..خسارتك في الحوار قد تكون أقسى عليك لأنها خسارة اختيارية مشروعة في نظر من حولك..اجعل ملفك جاهزاً ومقنعاً ومستوفياً لكل طموحاتك المشروعة وقدم نفسك لكل الآخرين باستقامتك وصدقك ونزاهتك..إن أردت الخير فالله ناصرك وهو رب العالمين وليس ربك أنت وحدك..

( الزيارات : 3٬052 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *