الربا ماكان وما سيكون

كلمات مضيئة ..الربا ما كان وما سيكون

كنت اجد معنى الربا في معظم المعاملات والمبايعات التى يبرز فيها معنى الاستغلال  بكل صوره واشكاله ,  ويشمل ذلك كل انواع الكسب الناتج عن الاحتكارات والامتيازات الناتجة عن الفساد فى جميع صوره , كما تشمل  كل المبايعات والعقود  التى تتضمن شكلا من اشكال استغلال القوي للضعيف  والقادر للعاجز من المعاملات التي يعتبرها معظم الناس شرعية وعادلة. وصحيحة انطلاقا من نص قرآني لا لبس فيه ولا تأويل. ومفهوم شرعي.يحرم اكل اموال الناس بالباطل عن طريق. استغلال جهلهم او ضعفهم او قلة حيلتهم في الدفاع عن حقوقهم في كامل ما يستحقون في الأجور والأرباح الفاحشة , وارى ان تلك الزيادات.الناتجة  عن الاستغلال  من الربا المحرم لانها تدخل. ضمن اكل اموال الناس بالباطل والعدوان عليهم ، ولولا جهل المشتري وقلة حيلته لما رضي بذلك الثمن الفاحش الذي يتضمن استغلال جهله وحاجته . ، كل مال حصل عليه صاحبه عن طريق الاستغلال هو من الربا المحرم ، ولم اشك يوما في ربوية تلك الزيادة  التي حرمها الدين  لانها تتضمن الظلم بالمستضعفين  الذين لا يملكون القدرة على الدفاع عن مصالحهم المشروعة ، ولا افهم الربا بغير ذلك المعنى  ،. لقد حرم الله الظلم على نفسه وجعله بين الناس  محرما  , واعتبر الاسلام. تلك الصورة الجاهلية من القروض التي كانت قائمة في الجاهلية من الربا المحرم لما تضمنه من  استغلال للضعيف الذى تكفل الدين بحماية حقوقه , ومهمة الدين ان يحمي كل المستضعفين والمغفلين  وكل الذين لا يستطيعون الدفاع عن مصالحهم  ، وقد أبطل  الاسلام.    وحرمها علي الناس وشدد علي. تحريمها بكل. صورها ماكان من قبل او سيكون ، وكل صورة من صور الاستغلال تتضمن. ظلما واستغلالا. لحاجة محتاج هي من الربا الذي حرمه الله علي عباده. في كل المعاملات والمبايعات المالية والاتفاقيات الظالمة التي تتضمن الاستغلال ،وأبرز صور الاستغلال في هذا العصر هو الاحتكار البشع لما يحتاجه المجتمع. من مطالب العيش الضرورية ، واهمها الغذاء وكل المطالب الضرورية كالسكن والتطبيب. والتعليم. ، تلك حقوق. انسانية ، لا ظلم فيها ولا استغلال ، الاتجار بالانسان عن طريق استغلال حاجاته  محرم  في نظر الاسلام ، في طعامه او تعليمه او علاجه , ماكان من حق الحياة فالناس فيه سواء ولا يجوز التفاضل فيه ولا احد احق بالحياة من احد ، قيمة الجهد حق لصاحبه ويجب ان يكون عادلا لا استغلال فيه ، واقله ما يحقق الكفاية، وأكثره ما يحقق الكمال في الحاجات. ، وما زاد عن قيمة الجهد بالاستغلال  فهو تجاوز يتضمن استغلال القوي للضعيف في حق من حقوقه ، ولا احد يرضى بالتجاوز الا عندما يشعر بالعجز عن الدفاع عن حقه , الزيادة او النقصان يتضمن الاستغلال ،. فما زاد عن ذلك فهو استغلال لحاجة المحتاج وما نقص فهو استغلال لضعف صاحب الحق عن المطالبة بحقه ، الثروات الفاحشة الناتجة عن الاستغلال والاحتكاروالفساد عن طريق الاستحواذ على المال العام  هي ثروات ربوية وما كان خارج المشروعية فلا شرعية له ولو افتى به المفتون ، وهي ثمرة لاستغلال حاجة المحتاج فيما يحتاجه ، واخطرها وأكثرها ظلمًا هو سرقة اموال المستضعفين الذين يقبلون بما يفرض عليهم من انواع الاستغلال بسبب الحاجة والعجز عن حماية حقوقهم ،  اكل مال اليتيم حرام فى نظر الاسلام لان اليتيم لا يمكنه ان يدافع عن حقوقه , والمستضعف كاليتيم ولا يمكنه ان يحمي حقوقه , وكل العمال فى مصانعهم كالايتام لانهم لا يستطيعون الدفاع عن حقوقهم , وكلما اشتد جعهم اضربوا وعلا صراخهم  وعند ئذ يعطون الفتات الذى يسكتهم  ويخفف جوعهم , ليس هذا هو الطريق اما ان تكون العدالة اولا تكون , ولا خيار ثالث فى الامر , ليست هناك نصف عدالة , اما الثروات الناجمة عن الامتيازات والاحتكارات وانتقاص اجور العمال بسبب ضعفهم وعجزهم عن المطالبة بحقوقهم فهي سرقات حقيقية يحميها القانون  ويعتبرها عدالة , واين العدالة والفقراء يزدادون كل يوم وتكبر الثروات باسم العدالة , اين هي الدولة المؤتمنة على العدالة فى مجتمعها , ليست مهمة الدولة ان تحمي الظلم باسم القانون وانما ان تحمي الضعيف من ظلم القوي واستغلال حاجاته , ليس عدلا ان يربح صاحب المصنع اكثر مما يربحه الف عامل من عماله لانه يملك ادوات الانتاج , ولولا ذلك العامل ماكان ذلك الانتاج , مهمة الدولة ان تكون مؤتمنة على العدالة وان تكون الحقوق عادلة لا يحرم احد من حق الحياة وكل حق ارتبطت الحياة به لانه من الله تعالى الذى ضمن لكل عباده حقوقهم  ، ليست السرقات هي التي يقوم بها.الجائعون الصغار بسبب الجوع والحاجة للطعام , الجائع لس سارقا وقد يكون رجلا تقيا  , اليس الجوع عذرا , الم يعف العاجز من الصيام  ويعذر فيما كان عاجزا عن القيام به  فلماذا لا يلتمس العذر للجائع وهو يسرق طعامه الذى ضمنه الله له , لا ادافع عن السارق ولكننى ادافع عن العدالة  التى ضمنها الله لعباده ، السارق الحقيقي فى المجتمع  هو من احترف مهنة السرقة عن طريق العدوان علي اموال الاخرين وحقوقهم وكان دافعه فى ذلك هو الطمع والجشع ، السرقات الخفية هي التي يجب التصدي لها لانها ناشئة عن الطمع. والجشع والرغبة في العدوان ، كل ثروة ناتجة عن الفساد هي من الربا الذى حرمه الله على عباده ، الربا ليس صورة واحدة ، الربا كالفساد مصطلح شرعي يراد به. كل زيادة ارتبطت بظلم واستغلال او كانت ثمرة لاحتكار او امتيازات او اقتطاع من حق يملكه الجميع. ، ما هناك  صورة جاهلية  هي الاساس وهناك صور متجددة فى كل عصر  وكل مجتمع  , ما زالت قبيلة ثقيف  كما كانت من قبل تمارس الربا بابشع صوره , وباقسى صوره , والاختلاف بين الماضى والحاضر ان ثقيف وبني المغيرة كانوا يرابون باموالهم اما ربا اليوم فالكبار يرابون بمال شعوبهم  من المستضعفين والمستذلين الذى لا يجدون من يدافع عنهم ,  ما كان لكل المجتمع من الاموال والثروات  فهو ملكية جماعية وهو حق الجميع. ولا يمكن العبث به او العدوان عليه ، هذه هي السرقة ، اغتصاب الحقوق  سرقة عن طريق القوة. وهي اشد من السرقة الخفية. ، لان المغتصب يملك القوة لسرقة. مال الاخرين ، والسرقة من المال العام الذي هو ملكية جماعية هو فساد في الارض و ظلم كبير ، وهو اشد من السرقة ، هذا ما افهمه من معني الربا ، وقد ألقيت درسًا امام الملك الحسن الثاني عام 1975. في الدروس الحسنية عن مفهوم الربا في ظل التطورات الاقتصادية. والاجتماعية المعاصرة ، وشرحت فيه مفهومي للربا. كما افهمه. وشرحت هذه الافكار بصراحة وفق منهج علمي كنت علي قناعة به ، ثم كتبت كتابا تحدثت عن ذلك الموضوع وتمت طباعته ونشره في المغرب ، وكنت فى بداية حياتى واملك الشجاعة لكي اعبر عن قناعتى الشخصية , وكنت اعتبر ذلك امانة , بالرغم من كل صعوبة هذا الموضوع  ولقد اشاد الملك بهذه الفكرة وكنت أتوقع ان ينكرها ، وانني اكبر فيه. قبوله لها في مجلسه العام وامام كل العلماء  من كل العالم الاسلامى ، ومن الطبيعي ان يكون هناك من يعارض هذه الفكرة من العلماء والفقهاء واننى اتفهم منطلق المعارضين وكنت اقول الا يحمل الظلم والاستغلال خصائص الربا ، وانني احترم من يخالف ذلك منهم لانها مخالفة لمفهوم الربا الذي ارتبط بالفائدة والذي هو المفهوم الفقهي السائد , ليست المحنة ان نستبدل الفائدة بمثلها ظلما واستغلالا تحت اسم المرابحة  وانما  المهم ان نمنع الاستغلال ونحرر الانسان المستضعف من قبضة الذين يريدون استغلال حاجته  للزيادة عليه عن طريق  الفائدة او الربح  الزيادة هي الزيادة والمهم هو ازالة الاستغلال ، لقد ازالوا الفائدة وابقوا الاستغلال عن طريق البنوك الاسلامية , هل قضت تلك البنوك على استغلال  اصحاب الاموال  لحاجات المستضعفين من المقترضين  , لقد حرموا الفائدة وأجازوا ما عداها من كل انواع الاستغلال والظلم الاجتماعي و تجاهلوا ذلك ، كلمة الربا كلمة لغوية ، ويراد بها مطلق الزيادة وأريد بها. تلك الصورة من القروض الربوية. التي كان اهل مكة يتعاملون بها في تجارتهم ، وقد حرمها القران الكريم لما. تضمنت من ظلم واستغلال ، وكل صورة من صور المعاملات. ولو مما استجد تتضمن ذلك الاستغلال هي من الربا. المحرم والمذموم ، ولكل عصر معاملاته الربوية التي تعبر عن. طغيان الطغاة ، وهم يأكلون اموال الاخرين المستضعفين بالباطل ، وكبرت بذلك الثروات واشتد بتلك الثروات السفه واصبح سلوكًا مالوفا ، المستغل هو الضعيف ، اما القوي فهو يملك القدرة علي الدفاع عن نفسه ، الربا ارتبط بالطغيان والقوة والاستغلال. والقوة الناتجة عن امتلاك المال ، اما القوة الناتجة عن السلطة فانها. تغتصب وتسرق معتمدة علي تلك القوة ، كل من اغتصب حقوق الاخرين معتمدا علي قوته فهو سارق حقيقي ، وهذه هي السرقة التي تستحق اشد العقوبة ، اما الجائع. فهو مظلوم. ويجب ان يرفع عنه الظلم لكي يخاطب. بتحريم السرقة. ،ولا تطبق العدالة الا بالعدالة ,  العقوبة يجب ان تكون عادلة ، الجائع سيسرق طعامه ولا خيار له الا ان يفعل. ذلك دفاعا عن حياته ، من سرق بنية العدوان وبدافع الطمع. فيجب ان يعاقب ، الجوع. سبب كاف لرفع العقوبة عن الجائعين ، كنت اتأمل كثيرا هذه المفاهيم واحاول ان افهمها من جديد في ضوء الواقع الذي نعيشه ، فنحن المخاطبون بها ونحن المؤتمنون علي كلام الله ان نفهم مقاصده الاجتماعية ،ليس عدلا ان نجمع الفقر والظلم معًا علي ذلك الضعيف الجائع لكي نعاقبه اشد العقوبة ، ليس هذا هو العدل الذي يحبه الله من عباده ، ويجب ان نسأل ذلك الجائع عن سبب سرقته. ، عندما نتأكد انه الجوع فالجائع لا يعاقب ، وانما يطعم وينصف ، ثم يعلم ان يحترم الحقوق والا يعتدي علي الاخرين لان الله تعالي حرم السرقة ، ذلك ما افهمه من معني الربا ، تلك رؤية فردية وهي حق لي , ولا ادعي ابدا انني علي حق فيما اراه. ، كنت اري الدين في ذلك البعد الانساني والأخلاقي وفي تلك الرحمة الالهية وفي تلك النظرة التكافلية التي تجعل الاسرة الكونية مؤتمنة علي الحياة ان تكون اكثر عدالة وأمنًا وسلاما ، تلك هي رسالة الدين كما افهمها ، وتلك هي مفاهيمه كما يترجح لي انها المرادة ..

( الزيارات : 993 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *