العدالة مفهوم يتجدد

كلمات مضيئة….العدالة مفهوم متجدد..

كلمة العدالة والحق من اهم الكلمات والموضوعات التى يقع تداولها بين الناس للبحث عن الوضع الامثل لحياتهم , ولكن السؤال الهام الذي يتردد باستمرار هو مامعنى العدالة وما معنى الحق , من اليسير علينا ان نطلق كلمة العدالة كمصطلح علمي وفلسفى وان نتحدث عن الحق كمفهوم دينى واخلاقى وقانونى , ولكن مامعنى الحق , تلك كلمات كبيرة وذات دلالات واسعة , ومن الطبيعى ان معناها يختلف بين عصر واخر ومجتمع ومجتمع , العدالة صفة فى النفس راسخة ومتمكنة وهي من الاعتدال حينا والمساواة حينا اخر , والعدالة لا تعنى المساواة المطلقة فى الحقوق , وانما تعنى المساواة فى المكانة الانسانية , اما فى الحقوق فهي ذات دلالات مختلفة , وقد تؤدى المساواة الكلية فى الحقوق الى الجور , وهو ما ينافى العدالة , الاعتدال فى الاوصاف فضيلة , وكل وصف فى الشيء يقود الى الكمال فهو فضيلة اخلاقية والكمال فى الاعتدال وهو الفضيلة , الناس ليسوا متساوين فى الامكانات والقدرات والابدان , ولكنهم جميعا يملكون حقوقا متساوية فى المكانة الانسانية , واهمها حق الحياة وحق الحرية وحق الكرامة , وهذه حقوق توجد مع الانسان فى لحظة ولادته وبعضها يوجد قبل ولادته , كحق الحياة فلا يجوز العدوان على حيات الطفل  ولو كان جنينا فى بطن امه , تلك حقوق طبيعية من الله تعالى , مهمة الدين ان يؤكدها اولا ويبين تفاصيلها عن طريق النبوة , تلك حقوق طبيعية , وهناك حقوق وضعية متعلقة بالحقوق المكتسبة , وهي تنشا عن طريق القانون , وماكان  عن طريق القانون فهو ثمرة لارادة الانسان , وثمرة للتعاقد الاجتماعى لتحقيق مصالح معترف بها , ويشترط فى تلك المصالح ان تحقق هدفا مشروعا والا تؤدى الى ما ينافى العدالة الاجتماعية , ومن العدالة ان تكون اسباب الحياة ثابتة ومعترف بها , واهمها الحق فى الحياة , من كان عاجزا عن الكسب بسبب عجزه او فقره او مرضه فحقه ثابت فى الحياة , وهو محمول على وجه التكافل لتو فير اسباب كفايته , الاقوياء يحملون الضعفاء والاغنياء يتكفلون بالفقراء وهو واجب اجتماعى يفرض عن طريق التكافل الاجبارى , القادر يدفع والمحتاج ياخذ ويحمل بما يكفيه , من العدالة ان يكون اجر الانسان يوفر له كفايته , وليس من العدالة ان يعمل العامل ولا يكفيه اجره , وكل اجر يقل عن توفير حاجات العامل فهو جور , والجور ظلم , ولا يبرر فقر العامل سوى بالجور فى الاجور , الاجر العادل يوفر الكفاية والكرامة , ومالا يوفر الكرامة فهو من الجور الذى لا يمكن للدين ان يقره ولا للقانون ان يبرره , والعامل يملك كامل قيمة جهده ومن انتقصه من ذلك الاجر فقد ظلمه وهذه صورة من صور الربا وهو استغلال حاجة العامل , العامل شريك فيما ينتجه بقدر جهده , العدالة الوضعية لا يمكن ان تكون عادلة  اذا تجاهلت  ثوابت الكرامة , ولا عبرة بالتوافق الاذعانى الذى يفرض فيه رب العمل ارادته على صاحب العمل , لا عدالة مع انتفاء اسباب الكرامة ولا كرامة مع انتفاء الكفاية , العدالة الوضعية متاثرة بممجتمعها وهي عدالة الاقوياء على الضعفاء وعدالة الحاكمين على المحكومين , وهي لا تختلف عن عدالة السادة على العبيد فى تاريخ العبودية , كل عدالة يفرضها الانسان فينظر فيها من جهة احترامها لمفهوم العدالة الالهية , فاذا كانت جائرة فيجب اعادة النظر لكي تكون بعيدة عن الجور المؤدى الى الظلم والحقد والفوضى , مهمة القانون ان يحمي المستضعفين لكيلا يقبلوا بالاذعان فالاذعان يرضى فى الظاهر ويستفز ويغضب فى النهاية , سنة الله فى الحياة والانسان , كل عامل فانه يملك قيمة عمله كاملا من غير انتقاص له , وهو المنتج الحقيقى لما ينتجه , ولكل من العامل ورب العمل قيمة جهده , وهو كسبه المشروع , ولا احد يتجاوز قيمة جهده , كل انتقاص لقيمة الجهد فهو جور وعدوان , لا انانية فى مجال الحقوق وتوزع بعدالة , وهذه هي الفضيلة فى الحقوق , الا يكون هناك ظالم او مظلوم , من تجاوز قيمة جهده فقد جار واعتدى , ولا شرعية لكسب تجاوز قيمة الجهد فيه , سواء كان تاجرا او منتجا او عاملا , اما العاجز والصغير فهو محمول ومجتمعه مسؤول عنه , والدولة مؤتمنة على حماية التوازانات والحقوق والفضيلة فى المجتمع لكيلا يكون هناك مظلوم او جائع او محروم , وهذا لا يعنى المساواة بين الناس فالناس متفاوتون فى قدراتهم البدنية والعقلية , ومن العدالة ان تحترم جهود المتميزين بما يحقق لهم العدالة فى مجتمعهم ,  العدالة لا تتحقق عن طريق الارادة الا اذا تمكنت الفضيلة فى النفوس عن طريق الوازع الايمانى الذى هو ضرورى لتحقيق المعانى الروحية ومشاعر الرحمة وتخفف من الانانية البغيضة التى تتحكم فيها اطماع النفس , ومهمة الدولة المؤتمنة على تحقيق العدالة ان تتخذ كل الاسباب لدفع المتجاوزين والمستغلين والعابثين بمشاعر المستضعفين للرضوخ لثوابت العدالة كما ارادها الله تعالى لا كما جاءت فى كتب الفقهاء الذين تاثروا بما كان فى مجتمعهم من المعاملات الجائرة وهناك الكثير من الاحكام التى تضمنتها كتب الفقهاء وهي تتناقض مع التوابت التى تدعو الى الكرامة والعدالة , لا شرعية لحق الا اذا تحققت فيه العدالة , وعدالة التاريخ لا تعتبر حجة لان العدالة تتطور باستمرار لكي تحقق كرامة الانسان فى كامل حقوقه المادية وحرياته الانسانية , فى كل جيل لا بد من مراجعة جهود الجيل السابق من الاراء والمفاهيم فماكان صالحا اخذ به وما كان يحتاج الى تجديد يلائم عصره كانت المراجعة ضرورية لكي يواكب الفكر عصره ولكي يتقدم تاريخ الانسان نحو مزيد مما اراده الله لعباده من الحرية والكرامة ..

( الزيارات : 724 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *