الفطرة والغريزة

كلمات مضيئة..الفطرة والغريزة

الفطرة هي الهيئة التى خلق الله الانسان عليها فى استعداده للايمان بالله ومحبته للخير وشوقه الى افعال الكمال , وهذا هو الانسان فى فطرته الاصلية كما اراده الله تعالى مخاطبا ومكلفا ومؤتمنا على ان يكون كما اراده الله , الفطرة الاصليه هي ما عليه الاطفال فى تطلعهم للحياة وشوقهم لاسبابها ونفورهم الفطرى من كل وصف لا يليق بالانسان , وكل مولود يملك هذا الاستعداد الفطرى للايمان والاستقامة  , والفطرة هي موطن اليقين فى الانسان وهي موطن الخصوصية الانسانية ذات الاستعدادات الى الخير , والانسان بفطرته يستلذ الجمال والكمال والاستقامة , بحكم الفطرة الاصلية لا بحكم الاعتياد والتكرار , وما تصل اليه الفطرة بموجب الفطرة الخلقية هو ما يريده الله من عباده , وما يكون فى الفطرة لا تكلف فيه لانه عميق الجذور فى الانسان , والفطرة تحتاج الى تغذية مستمرة لكي تحافظ على صفائها الاصلى وهي كالماء الصافى يجب الحفاظ عليه لكيلا يتلوث بما يصادفه من العوارض التى تخرجه عن صفائه , واذا تعرضت الفطرة الى التلوث فقدت صفاءها واختلفت الوانها بما تأثرت به من المؤثرات الداخلية التى هي القوى الغريزية التى موطنها النفس او المؤثرات الخارجية كالتربية والمشاعر والعادات الاجتماعية , وهذه المؤثرات تضعف الفطرة الاصلية و تبعدها عما هي عليه من الصفاء , الانسان هو الارض الخصبة , فاذا اهملت تلك الارض او زرعت فيها الاشواك فمن الطبيعى ان تكون كالارض القاحلة التى تتجمع فيها كل ماتنفر منها النفوس السوية , والفطرة هي البئر الذي يستمد ماؤه من العالم العلوى الذى تشرق انواره فى الفطرة,  وهي من التجليات الالهية التى تمنح الانسان ذلك الاستعداد الفطرى لكل الفضائل والمعانى الروحية ..

وتختلف الفطرة عن الغريزة المؤثرة فى السلوك الارادى , والغريزة قوة عمياء غير مدركة , وهي نداء متجدد للبحث عن الكمال البدنى الذى ارتبطت به الحياة , ولولا القوة الغريزية لما اشتاق الانسان  لاسباب كماله , فالطفل عندما يولد يطلب طعامه بطريقة غريزية ويبكى عندما يتاخر عليه حليبه , انه يبكى ويغضب تعبيرا عن حاجته للطعام , انه يشتاق الى الطعام كما يشتاق الكبار للطعام , هذه القوة الشهوانية هي قوة غريزية تنشأ كاملة فى الطفل فى لحظة ولادته , ويبكى عندما يغضب , انه يطلب اساب كماله البدنى , ولولا تلك القوة الشهوانية لما اشتهى الطعام ولما شعر بالغضب , القوة الغريزية نداء متجدد لا يتوقف الى ان تقع الاستجابة له , لا يعنيه من اين ياتى الطعام ومن يقوم به , ما يعنيه ان يشبع الرغبة الكامنة فيه , والمجنون كالطفل يحتاج الى الطعام لانه سبب كماله البدنى  , اذا توقفت القوة الشهوانية انتهت الحياة , القوة الغريزية ليست قوة ايمانية ولا روحية , وهي موجودة فى الانسان والحيوان , وفى الصالح وغير الصالح , وهي فى الجاهل اكثر الحاحا , وكلما وقعت الاستجابة لها اشتد الحاحها , الى ان تتمكن من صاحبها وتسيطر عليه وتملك عليه امره فلا يستطيع منها فكاكا , من سيطرت عليه شهواته امسكت به بقبضة مخيفة , ومن العجيب فى امر القوة الغريزية انها تسيطر على كل حواس الانسان  وتتحكم في عقله واختياراته وقراراته , عظماء الرجال سقطوا من عليائهم لان قوتهم الشهوانية او الغضبية سيطرت عليهم وتمكنت منهم فاستسلموا لها صاغرين , قلة من العقلاء امسكوا بزمام غريزتهم الشهوانية والغضبية فهم فى المواقف الشهوانية اهل عفة ونزاهة لا يضعفون,  وهم اذا غضبوا امسكوا بزمام غضبهم فكانوا اهل سماحة وعفو لا يعتدون ولا ينتقمون , وهنا تبرز مهمة المجاهدات الروحية التى تمسك بزمام الشهوات والاهواء وتكبح جماح الغاضبين والحاقدين , ..

هنا تبرز مهمة التربية الروحية التى تنمى ارادة الخير فى الانسان وتقف فى وجه انزلاقات النفوس فى لح

ظة ضعفها وتنمى القوة العقلية لكي يمسك الانسان بزمام نفسه ويتحكم فى افعاله الارادية التى تصدر عنه , ولكل عضو فى الانسان مهمته التى خلقه الله للقيام بها , والصحة النفسية ان تكون استعدادت كل القوى بقدر الحاجة اليها لا تطغى قوة على اخرى لان كل قوة تؤدى ما هو مطلوب منها ليتحقق بذلك كمال الانسان

 

( الزيارات : 558 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *