المفاهيم تتجدد

كلمات مضيئة..  المفاهيم تتجدد

المفاهيم والمصطلحات هي الوسيلة التى يقع التواصل فيها بين الانسان والاخر , ولكل لفظة دلالة خاصة بها ينتقل فيها المعنى المراد من المتكلم الى من يخاطبه , اللفظة اللغوية  احيانا لاتكون معبرة ولا بد من مقارنة اللفظة بما يدل عليها من اللهجة وملامح الوجه والعين , المفهوم يحدده العرف , ولذلك تنتقل الدلالة من اللغة الى العرف الذى وقع اعتماده فى الاستعمال , كل المفاهيم تتطور لتلائم مجتمعها , لفظة الدولة تعبر عن الهيئة الاعتبارية التى تملك السلطة والقوة ,  مازال المفهوم قائما ولكن الدولة فى الماضى ليست هي الدولة اليوم , دولة الماضى هي دولة القوة والغلبة والاستيلاء , الاقوى يمسك الراية , ولا وجود لغيره سوى الطاعة والرضوخ , وعندما تبلغ الدولة شيخوختها لا تقوى على الصمود وتسقط امام العاصفة , مفهوم الدولة اليوم يختلف عما كان من قبل ولم يعد مقبولا , لم تعد لفظة الحاكم والمحكوم مقبولة , ولا لفطة الطاعة المقترنة بالخوف  والاذلال والتبعية , الحاكم اليوم هو مواطن كبقية الاخرين لا يملك عصمة ولا تميزا , ويستمد شرعيته من التفويض الارادى وهو تفويض مشروط  ومراقب بما يحقق المصالح المشروعة , الوثيقة الدستورية هي وثيقة تعاقدية وارادية وملزمة , وتتجدد بما يحقق المصالح المرجوة , الدولة ضرورة حتمية , ومهمتها تحقيق الاهداف المرجوة منها , واهمها الامن والعدالة وتوفير الخدمات الضرورىة من التعليم والصحة والاشراف على المرافق الضرورية , مفهوم المسؤولية هي الاعدل لمنع التجاوز والامتيازات , السلطة بيد من يقع اختياره من اهل الكفاءة , لا مبرر للعنف والتمرد والثورة لانتفاء اسبابه , ويمكن لكل مجتمع ان يختار من يمثله ويفوضه , هناك ثوابت دستورية يقع التوافق عليها , لا احد فى الدولة يملك مالا يملكه الاخر من السلطة والنفوذ والامتيازات , اهم ما يجب ان تحققه الدولة ان تحقق العدالة وان تو فر الكفاية وان تكون موطن ثقة المواطن لكي يدافع عنها , وكلما ارتقى المجتمع كان اكثر قدرة على اختيار من يفوضه , اهم ما يجب ان تحققه الدولة هي الحريات العامة  واحترام حقوق الانسان , والجدية والاستقامة فى العمل الحكومي , ومن اهم مسؤوليات الدولة ان تحقق العدالة الاجتماعية والكفاية , وان تحمي مصالح المستضعفين وتدافع عن حقوقهم المشروعة فى الكرامة , كل اصلاح يراد به الخير والمنفعة ويحقق العدالة فهو مشروع , اهم مشكلة هي العدالة فى توزيع الثروة , كل ما يحقق العدالة ويخفف الفروق الاجتماعية فهو محمود , مهمة الدولة ان تمنع الظلم والعدوان والتجاوز , ولا احد فوق القانون لان القانون يمثل العدالة , الدولة كالورقة البيضاء اذا تمكن الصالحون من السلطة استقامت احكامهم  واذا استولى الفاسدون فسدت الاحكام , دولة القهر لم تعد مقبولة , لا بد من التفويض الارادي , امر المجتمع  بيد المجتمع نفسه , المصالح العامة هي الاولى بالاعتبار , والمستضعفون امانة بيد مجتمعهم ان يدافع عنهم كفاية وامنا ويمنع استغلالهم , ما يريده الدين ان تكون العدالة والا تكون الاموال بيد فريق دون اخر , الثروات الكبيرة دليل فساد النظام المالى وانتفاء العدالة فيه , ماتجاوز الاعتدال فهو دال على خلل وظلم , ولا تكبر الملكيات الفردية الا بظلم واستغلال وامتيازات ظالمة , لا احد خارج العدالة , النظام الرأسمالى هو مجتمع الاقوياء والاحتكارات والامتيازات وهو محكوم عليه بالفناء لانتفاء العدالة فيه , الغنى الفاحش والفقر المدقع هو دليل خلل فى النظام , ومثل هذا النظام سيموت فجاة بالسكتة القلبية بسبب انفجار داخلى حتمي ينتظر كل انظمة الفساد والاستغلال , المفاهيم السائدة هي وليدة واقعها ترتقى دلالاتها وتنحدر , عدالة اليوم ليست عدالة لانها تكرس الظلم والطبقية , وهي اشواك مؤلمة فى حديقة المحبة والتكافل الانسانى , رسالة الدين فى مجتمعه انه ينمى قيم الخير والمحبة والتسامح  والسلام , ويقاوم الظلم والعدوان والفساد ويرفع من شان الانسان المؤتمن على الحياة , صراع اتباع الاديان على الدنيا هو صراع ليس من الدين ولا يقره الدين , وهو كبقية الصراعات على السلطة والمال , ليست غاية الدين ان يقيم دولة وانما عايته  ان يصنع المجتمع المؤمن بقيم الخير التى يغذيها الايمان بالله , الدين ليس مطية الى الدنيا فمن اراده لاجل الدنيا فقد اساء للدين ولن يصل الى ما يريد ابدا , الانسان مؤتمن على الحياة ان تكون اكثر عدالة وخلقا وان تحترم الحقوق فيها لكي يكون الانسان المستخلف فى موطن الرعاية الالهية , الصراع على الدنيا ليس مبررا ولا محمودا , الاحب الى الله هم المؤمنو ن به والاكثر التزاما بما امر الله به من اعمال الخير وما ينفع الناس , والجهاد فى سبيل الله هو جهاد النفس لكي لايصدر منها فعل الشر , المفسدون فى الارض ظالمون وهم الذين يعتدون ويقتلون ويخيفون باسم الدين حينا او باسم الوطنية حينا اخر  , الاسرة الكونية واحدة متكافلة متعاونة متحابة يحمل قويها ضعيفها وينفق غنيهاعلى فقيرها , التوزيع الظالم للثروات شر مطلق وهو من اهم صور الفساد فى المجتمع , والظالمون مفسدون , والسلطة مؤتمنة على مقاومة كل اشكال الفساد , النظام الاجتماعى اذا لم يكن عادلا فلا يمكن ان يحقق السلام الاجتماعى , الترف الفاحش من مظاهر الفساد ولا حرية للمترفين فيما تجاوزوا فيه حدود الاعتدال فيما ينفقون , مظاهر الترف تستفز المجتمع وتنشر الحقد فيه , والثراء الفاحش دليل خلل فى ضوابط الاستثمار , ولاتكبر الثروات الا فى ظل انظمة فاسدة تقر الاحتكار وتمنع التجاوز , وتلك هي مهمة الانسان فيما يختار لنفسه , لا بد من اصلاح المفاهيم لكي تعبر عن دلالاتها الحقيقة ذات القيم الانسانية , وكل مفهوم لا يعبر عن قيمة انسانية من القيم التى اعتبرها الدين مما يحبه الله من عباده فلا يعتد به , ما امر الله به هو الايمان بالله والعمل الصالح , وما يحقق مصالح الانسان فى دينه اودنياه فهو من العمل الصالح , والسعي فى الدنيا بعدالة ومن غير ظلم هو من العمل الصالح , عندا نعيد النظر فى المفاهيم لكي ترتقى دلالاتها الانسانية , العدالة لا تتجزأ اما ان تكون او لا تكون , كل ماترفضه الفطرة من الانانية البغيضة المؤدية الى القسوة والطبقية فلا يمكن اقراره ولو اقره القانون , العدالة تتسع لتشمل كل المطالب الضرورية لكل انسان , ولكل انسان قيمة جهده ولا يتعداه , وهو الموروث منه , وماتجاوزه فالمجتمع اولى به كله او بعضه بما يحقق العدالة والكفاية , ولا عدالة مع انتفاء الكفاية لانها من مطالب الحياة , المجتمع متكافل فى حماية الحياة باسبابها , الحياة لكل الخلق للاقوياء والضعفاء , فاذا كانت للاقوياء فقط كان التمرد والثورة والعنف والحرب , الاسرة الكونية واحدة ولا احد اولى بالثروة من الاخر , ولا بالحكم الا بتفويض ارادى مشروط بتحقيق المصالح المشروعة , استغلال الشعوب فى حاجاتها ومطالبها الضرورية من الفساد فى الارض , لا لاغتصاب اي حق , ليست السرقة ان تسرق الطعام الذى تاكله , وانما السرقة ان تسرق اموال المجتمع عن طريق احتكار المطالب الضرورية واستغلال الحاجة والاقتطاع من اجور العمال والفلاحين , اي عدالة مع انتفاء اسبابها , عندما تذهب فضول الاموال الى مستحقيها من المستضعفين فهذا من العدالة , وباي حق تكبر الثروات وتتضخم ويكثر الفقر والحرمان , ويتمتع الكبار بكل شيء ويحرم الصغار مما هو ضروري , ومن الجهل ان يقتصر مفهوم الربا على الفائدة ويكون السكوت عن كل انواع الاستغلال والاحتكار واغتصاب الحقوق وصفقات الاستغلال والامتيازات , العدالة لاتتجزأ , كل ماكان فاحشا فهو من الظلم فى الارباح وكل المبايعات والعقود , الاسلام يؤخذ من اصوله ومصادره الالهية , وماكان من جهد العقول فهو متاثر بمجتمعه ولا يتجاوز زمنه , كنت انكر الكثير مماكنت اسمعه من الافكار , اننا نهتم بالفروع ونتجاهل الاصول ,ونتاثر بالواقع وكل المفاهيم تتجدد لتواكب عصرها فى رحلة البحث عن الكمال الذى يحبه الله من عباده ..

( الزيارات : 1٬200 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *