الهداية القرآنية

كلمات مضيئة.. الهداية القرآنية

اجمل لحظة كنت اشعر فيها بصفاء روحي يتجاوز ما عهدته فى نفسي هي اللحظة التى كنت انصت فيها لقاري يقرأ القرآن , كنت اغيب فيها عما حولى وكأننى احلق فى عالم علوى يختلف عن عالمنا , كنت استمتع بلغة القرآن واجد فيها الاعجاز البيانى الذى يتجاوز كل وصف للاعجاز , وكنت اتتبع تلك المعانى والدلالات الرائعة  , كنت افهم من القرآن مالا افهمه من كل كتب التفسير  من المعانى , تمنيت ان يتوقف المفسرون عن العبث بالمعانى القرآنية بما اطالوا البحث فيه  , ما ابعد تفسير القرآن عن القرآن , القران لا يحتاج الى تفسير , فهو ادق دلالة واجمل عبارة واكثر فصاحة وابين من كل بيان , كان السلف فى القرنين الاوليين اكثر فهما للقرآن من اللاحقين التى اخذوا القرآن  عن طريق التفسير , كان التفسير المأثور  اكثر التزاما واقل شططا , كان مختصرا ويساعد على الفهم , وهو فهم يعبر عن عصر التابعين كما ترجح لهم , والتفسير هو جهد العقول فيما ترجح لها انه الحق , كان تفسير القرآن للقرآن هو التفسير الحق , ولا شيء مما كان مجملا فى القرأن لا نجد له بيانا من القرآن نفسه , او عن طريق النبوة , وما تجاوز ذلك فيغلب عليه جهد العقول الا ما ارتبط بتفسير يحتاج لفهم سبب نزول اية او حكم , جهود علماء التفسير محمودة وهي كجهد علماء الفقه ومناهجهم فى الاستدلال , الجهد العقلى يعبر عن حاجة عصره , والنص القرآنى  لا تنحصر دلالته , وكل جيل مخاطب به , ومن حقه ان يفهم من النص مايترجح له انه الحق والصواب , فى رحلة البحث عن المراد بما يحقق المقاصد المرجوة ويراعي المصالح المشروعة , ولا تنفصل المقاصد عن المصالح , المصالح المشروعة هي المقاصد المرجوة , المصالح المشروعة مشروعة ومرادة ومرجوة , لا شيء خارج العقول المخاطبة والمؤتمنة , كل الاحكام المرتبطة بالمعاملات الانسانية لا بد الا ان تكون معقولة المعنى ومبررة ولو بوجه من الوجوة , هناك معايير يحتكم اليها هي امامصالح  او مفاسد , فما ادى الى مصلحة مشروعة فهو مطلوب , وما ادى الى مفسدة فهو منهي عنه  وهو مذموم , , وفى المعاملات فالاصل فيها احترام الارادة الانسانية بشرط انتفاء ما ينفيها فلا ارادة لمكره  اومستضعف اومستذل اوخائف اوجائع اومذعن فهؤلاء لا ارادة لهم وان ادعوها لان الحاجة تدفعهم لقبول مالا يريدون , الظلم محرم , وعندما يثبت الظلم تنتفى المشروعية ولو فى العقود التبادلية الارادية  , لان الانسان لا يقبل الظلم فاذا قبله ورضي فيجب التاكد من سلامة ارادته ,  العدالة فى الحقوق مفهوم متجدد ومتطور , وكلما اتسعت معرفة الانسان بحقوقه الانسانية اتسع مفهوم العدالة لكي يواكب وعي الانسان بانسانيته واحساسه بالكرامة , اذا ثبت الظلم فلا شرعية له , من لا يقبل الظلم فيجب ان تحترم ارادته , العدالة اصل ثابت فى الاحكام وهو حق   مشروع , ولا يمكن لاحد ان يقبل الظلم , رسالة الدين ان يدافع عن الحقوق المشروعة التى اقرها الله لعباده , ولا يمكن للدين ان يقر ظلما , فلا احد فوق العدالة , كل الناس سواء عند الله , ويتفاضلون بالعمل الصالح , ومن توهم غير ذلك فقد اخطأ الفهم واساء الادب مع الله , الصالحون لهم مكانتهم بفضل صلاحهم , وهذه المكانة لا تمنحهم حقا فوق حقوقهم مما اختص الله به لنفسه , من توهم الكمال كبر جهله بنفسه , وهذا من الغفلة عن الله , اهم صفة فى الصالحين هو ادبهم مع الله وصدق عبديتهم لله , امر التدبير امر اختص الله به ولا شريك معه فيه , الانسان مخاطب ومكلف ومؤتمن , وبمقتضى التكليف فان كل ما يصدر عن الانسان فهو مسؤول عنه , والتكليف يقتضى كامل الارادة , ومن اختار فهو مسؤول عن اختياره وقراره , ما احوجنا الى فهم افضل لمعنى الدين , والا نحمل الدين مسؤولية التخلف والتقصير , لا عذر لمجتمعات الجهل وهي تاخذ باسباب الجهل وتعطل العقول وهي اداة التكليف وهي مقود الانسان فى مسيرة الحياة , التخلف ليس قدرا يحتج به , فالاقدار عادلة , والله لا يختار لعباده الا الخير ويدعوهم اليه , اما الظلم فهو اختيار الطغاة فى الارض الذين يفسدون ولا يصلحون , ما اشد غفلة الطغاة عن ربهم وهم الذين يستحلون ما حرم الله ويظلمون ويعتدون على حقوق المستضعفين , ويستعلون فى الارض على كل الاخرين , ويأكلون اموال الناس بالباطل ولا يرحمون , كنت اجد فى القرآن ذلك الدفء الروحي الذى نحتاج اليه , عندما نستمد الدين من القرآن فلن نخطئ ابدا ولن نضل الطريق الذى يقودنا الى الله , جهد المفسرين والفقهاء لا يتجاوز فهمهم , وهم متاثرون بمجتمعهم وبما فيه من مطالب وحاجات , كما ان عقولهم متأثرة بما تأثرت به وما اسهم فى تكوينها , وهذه خصائص كل العقول , لا احد لا يتاثر بمجتمعه , ايجابا وسلبا , والعقل يتأثر بواقعه وبمشكلات مجتمعه , هناك افكار شديدة الارتباط بمجتمعها ولا تتجاوزه , وهناك افكار تتجاوز عصرها , ويمكن ان يستانس بها فى عصور لاحقة , هناك افكار ذات بعد انسانى , رسالة الدين هي رسالة ذات اهداف انسانية ولاتتقادم , لانها اعمدة الحياة الانسانية , واهمها فكرة الايمان بالله , وهذه الفكرة يجب ان تقرب بين الاديان السماوية التى تدعو الى الايمان بالله , وهناك مهمة اخرى تجمع الاديان وهي الدعوة الى احترام الانسان والدعوة الى الارتقاء بالسلوك الانسانى , وتشجيع قيم الخير والاستقامة والمحبة والدعوة الى السلام وادانة الظلم والعدوان والفساد وكل سلوكيات الانحراف , ومصدر الاخلاق هو الدين , والدين يحترم الارادة الانسانية وحرية الانسان , والدين يحترم العقل كما يحترم العلم المفيد الذى يسهم فى خدمة الانسان , ولا يمكن للدين ان ينكر ماتوصلت اليه العقول من المعارف والاكتشافات وتطوير اسباب الحياة , والدين يقدر جهد العلماء فى خدمة الانسان واكتشاف قوانين الكون , فكرة الايمان تجعل المسيرة الانسانية ملتزمة ومهتدية , العلم الذى يشجع الدين عليه هو الذى يسهم فى اسعاد الانسان , وينكر الدين كل علم ومعرفة تقود الى تهديد الحياة الانسانية , لا يمكن للدين ان يشجع تطوير اساليب الدمار وانتاج السلاح والاتجار به , تلك جرائم انسانية , لا يمكن للدين ان يقر قتل الانسان ولا تخويفه , لا جهاد فى العدوان , ولا مشروعية لحرب عدوانية , تلك ثوابت يجب الالتزام بها , الحروب الدينية ليست دينية البواعث والمقاصد , وانما هي حروب تخفى رغبات فى التوسع , هناك ضوابط فى الدين ويجب الالتزام بها , واهمها ان تحترم ثوابت الدين كما جاءت فى النصوص المقدسة , الدين يستمد من نصوصه وليس من اجتهادات المنتمين الى الدين ولا من التاريخ فالتاريخ ليس حجة على الدين , والتراث الدينى ينظر فيه فما كان منه مستمدا من نصوصه فيحتج به ويحترم ويؤخذ به بما يحقق المقاصد المرجوة منه , ولا يمكن للفروع ان تخالف اصولها , تلك تاملات خطرت ببالى وانا اتتبع بعض المعانى القرانية واجد فيها من الصفاء الروحي والدلالات الراقية ما نحتاج اليه لاحياء القيم الدينية الاصيلة فى مجتمعنا الذى انحرف كثيرا عن منهج الدين ..

( الزيارات : 707 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *