تأملات روحية..

نفحات روحية..تأملات

اهتمت التربية الروحية بتكوين الانسان اخلاقيا لكي يكون اكثر استقامة فى علاقاته الاجتماعية مع كل الاخرين من اسرنه ومجتمعه , ولا يمكن ان تكتشف الاخلاق والفضائل الا من خلال مشاركات الأخرين , فمن انعزل عن الناس ولم يختلط بهم فلا يمكن ان تعرف اخلاقه , العزلة مرحلة تربوية وليست منهجا للحياة , الحياة بكمالها وليست بالانعزال والقعود عن التماس الاسباب فى كسب الرزق والعمل فى الدنيا , ليست الدنيا هي المذمومة وانما المنهي عنه هو ذلك التعلق والنهم والشره فى الحصول على المال والمجد , وقد خلق الله الانسان من جسم ونفس فالاجسام مدركة بالحواس الظاهرة , اما النفوس فلا تدرك الا بأثارها السلوكية , ويقال طهارة الاجسام بالماء اما النفوس فطهارتها بالتحكم بالغرائز الشهوانية والغضبية فلا يصدر عن الانسان الا ما يليق به من الفضائل التى تليق بالانسان , فلا يتحرك  لسانه الا بما يريد التعبير عنه  ولاتتحرك  يده الا بما تؤمر به مصافحة للصديق  او مواجهة لعدو , وعندما يتحكم الانسان فى نفسه فلا يفعل مافيه هواه الا بعد تامل ولا يتحكم فيه غضبه , والفضائل اربعة:  وهي ناتجة عن قوى الانسان الثلاث القوة العقلية وتنتج الحكمة والقوة الشهوانية وتنتج العفة والقوة الغضبية وتنتج الشجاعة , وكل هذه الفضائل الثلاث من صفات النفوس , والفضيلة فيها هي الاعتدال والوسطية , فان زادت او نقصت ادت الى رزيلة , وهي ليست محمودة , فالشجاعة هي وسط ونقيضها بالزيادة او النقص  هو التهور او الجبن فى القوة الغضبية , اما القوة الشهوانية فنقيضها  هو النهم او البلادة , واما القوة العقلية فنقيضهاهو  المكر او الغباء , والفضيلة هي وسط بين رزيلتين , فما زاد او نقص فليس فضيلة ابدا , لا شيء مما انحرف عن الاعتدال هو فضيلة فى السلوك الانسانى  , والتطرف فى كل شيء هو ضيق وجهل , وهنا تكون الحكمة مطلوبة فى المواقف والسلوك ,  وفى علاقة الانسان مع اخيه الانسان لكي تكون الحياة اكثر رقيا وكمالا , كل الفضائل لها بعدان مذمومان بالزيادة او النقص ما عدا الاصل الرابع من اصول الاخلاق وهو العدالة , فالعدالة لاوسط فيها وليس لها الا نقيض واحد وهو الجور : يقال عدل وجور , فزيادة العدالة عداله ونقصها جور , فاما ان تكون العدالة كاملة ,  فان لم تكن فهو الجور , العدالة اما ان تكون  او لا تكون , ولا يمكن ان تكون عادلا فى مواقف وجائرا فى مواقف اخرى , ولا ان تكون عادلا مع البعض ولست عادلا مع الاخرين , والعدالة هي ان تتعامل مع الكل كما يجب وبالكيفية التى تجب وان تكون المعايير عادلة مع الجميع , فى المعايير والضوابط , والعدالة تعنى المساواة فى الحقوق والواجبات فتاخذ قيمة عملك وتعطى الاخر قيمة عمله من غير  زيادة لك او نقصان من حق غيرك , فمن العدل ان تكون عادلا فيما تأخذ وفيما تعطى ,  واول صور العدالة ان تقوم بواجبك نحو رب العالمين الذى خلقك فتقوم باداء عبادته تعبيرا عن شكرك لله , وهناك القيام بواجبك تجاه كل الاخرين من اهلك واسدقائك ومن لهم فضل عليك , والعدل هو اساس الملك واهم اعمدة الاستقرار الاجتماعى , العدالة تربية ولا يمكن ان تكون متكلفة فان تكلفتها لم تكن خلقا لك , فلاتكلف فى الاوصاف الاصيلة التى يفعلها الانسان ايمانا بالعدالة , واذا انتفت العدالة فيجب ان نتوقع دفاع المظلوم عن نفسه , ليس عدلا ان تكون التروات والاموال دولة بين الاقوياء دون الضعفاء , وما دام الظلم قائما فلا ينبغى ان نحلم بالاستقرار والسلام , ومن العدالة ان تحترم ارادات المتعاقدين في الحقوق فلا ارادة لمستضعف ولا لجائع ولا لخائف , عندما توزع الثروات بالعدل بين الناس فالكل سيرضى بقيمة عمله والكل يحترم حقوق الكل من غير تجاوز , لا احد يملك ما لا يملكه غيره الا ما كان بجهد منه , والاجر العادل لكل عامل  هو ما يساوى قيمة جهده وعمله , فمازاد فليس له , واي مجتمع عندما يحترم معادير العدالة فمن الطبيعي ان يكون اكثر استقرارا وسلاما ..

مهمة التربية الروحية ان تجعل الانسان اكثر استعدادا للخير والقيام بالفضيلة والاحسان فالدين يقوم على دعامتين الاولى هي الشريعة واهم ركن فيها هي العدالة فى الحقوق من غير زيادة او تجاوز وهذه هي مهمة الفقهاء ان يبينوا اصول العدالة , ثم ياتى دور التربية الروحية التى تنمى فى النفس الرغية فى الخير , وهناك يكون التفضل والاحسان فالافضل  والاكرم عند الله هو الذى يتنازل عن بعض حقه تفضلا منه لمن هو اضعف منه , والتفضل هو خلق الكبار الذين يفعلون الخير ويتقربون الى الله بالعمل الصالح , اما فى مجال الحقوق فلا مجال لتجاهل الحقوق التى اكرم الله بها كل خلقه , العدالة اولا وهو تحريم الجور وهو الظلم ثم يكون الاحسان وهو درجة اخلاقية عالية , عندما تعطى الاخر حقه فانت لست متفضلا عليه ولا محسنا..نحتاج الى فهم عميق لمعنى العدالة ومعنى الاحسان ..  

( الزيارات : 745 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *