دعاة الحق هم الاقل عددا

علمتني الحياة

أنّ دعاة الحقّ هم الأقلّ عدداً , وأنّ حماة الضلال والفساد يتناصرون ويتكاتفون للدّفاع عن أنفسهم , وقد ينجحون في مقاومة الحقّ وتشويه صورة دعاة الإصلاح , وغالباً ما ينجحون لأنّهم يملكون من القوّة والمال والنفوذ مالا يملكه دعاة الحقّ الذين يطالبون بالتغيير والتصحيح , وفي الوقت الذي يلتزمون فيه دعاة الحقّ بالصدق والاستقامة فإنّ الآخرين يدافعون عن أنفسهم بكلّ الأساليب , ويشوّهون الحقيقة ويستخدمون كلّ الوسائل لتضليل العامّة وتجنيدهم لمقاومة كلّ دعوة إصلاحيّة , وقد تتراجع قدرات دعاة الحقّ ويحاصرون في زوايا ضيّقة , وقد ينفَضُّ بعض الناس عنهم حماية لمصالحهم , فإذا استسلم دعاة الحقّ وأصابهم اليأس وهذا ما يسعى إليه الآخرون فقد انتهوا وتناثرت أشلاؤهم , وإن صبروا وصمدوا وتحملوا المشاقّ ولم يغمدوا سيوفهم لإيمانهم بحقّهم فلا بدّ إلا أن ينتصروا في النّهاية ولو طالت رحلتهم , فدعاة الحقّ مهاجمون ومقتحمون , وكلّ مهاجم لا بدّ له من شجاعة وإرادة وأن يكون مستعداً للتضحية , أما الآخرون فهم مدافعون , والمدافع لا يملك إرادة المهاجم إلا إذا كان واثقاً من حقّه مؤمناً به , وهنا يكون هو الأقوى والأقدر على دفع الخطر عن نفسه ومن طبيعة الإنسان أنّه قويٌ في دفاعه عن نفسه وضعيفٌ في دفاعه عن غيره , وقلّما يصمد جيش يدافع عن عرش غيره , وكلّ مقاومة تدافع عن حقّها المشروع لا بدّ إلا أن تنتصر في النهاية , ولا تصمد مقاومة تدافع عن حقّ غيرها , فأصحاب الحقوق هم أولى بالدفاع عن أنفسهم , فإن فترت عزائمهم وأصابهم اليأس فمن الطبيعي أن يتراجع حلفاؤهم وأنصارهم .

ودعاة الحقّ قائمون في الوجود ومستمرون , ولا يخلو منهم عصرٌ , إلا أنّهم قد ينتكسون ويتراجعون لصلابة خصومهم وتكاتفهم لمقاومتهم والتّصدي لهم , وهم كالبذور الطيبة في الأرض الخصبة , فإذا نزلت عليها الأمطار فسرعان ما تنبت , فإذا ديست بالأقدام فقد تموت بعضها , ولكن لا بدّ إلا أن تنبت من جديد ما دامت  البذور في الأرض , وتنتظر موسم الزرع …

والإصلاح هو دعوةٌ للتغيير إلى الأفضل , والتغيير لا يمكن قبوله إلا عندما يبلغ الفساد ذروته ويضيق النّاس به , وتُفتَضح رموزه وتكتشف أخطاره وعندئذ تكون المجتمعات أقدر على قبول التغيير إلى الأفضل …  

( الزيارات : 1٬201 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *