مسؤولية الانسان عما يختار لنفسه.

نفحات روحية..مسؤولية الانسان عما يختار. .

مما لفت نظرى فى دراساتى العلمية وبخاصة فى دراسات الفقه واصوله وهو الجانب الاكثر اهمية نظرا لانه يرتبط بالحقوق الانسانية , هناك حقوق لله تعالى وهي التى امرنا الله تعالى ان نلتزم بها وان نؤديها كما امرنا الله , واهمها :  الايمان بالله والشكر له والقيام بالعبادة التى هي حق من حقوق الله , ولا بد من الطهارة فى بعض العبادات وهي شرط فى الصلاة ,  والطهارة انواع منها طهارة الاجسام من النجاسات الظاهرة , وهناك الطهارة الاكثر اهمية فى مجالات التربية  والتى يغفل امرها كثير من المهتمين بالدراسات الفقهية وهي طهارة النفوس من كل مالا يليق بالانسان المكلف ان يصدر منه مما يتنافى مع العبادة وادب العبادة ,  مما  لا يليق بالانسان ان يكون صفة من صفاته , , معظم الكتب الفقهية اهتمت بالعلم الظاهر المرتبط بالاحكام وتجاهلت المراد من ذلك العلم  وهو العمل الذى هو ثمرة من ثمرات العلم , غاية العلم هو العمل , ولا قيمة لعلم لا يثمر عملا وهو كالشجرة التى لاتثمر شيئا , مهمة العلم ان يمسك بيدك ويقودك برفق الى ما هو افضل لك وهو كالنور الذى يهديك الى الطريق , التقوى ليس ثمرة للعلم فكثير من اهل العلم ممن تخصصوا فى جانب منه  وملكوا زمامه تنقصهم التقوى , ولا يتورعون عن افعال النقصان , التى لا تليق بكل انسان ,  ومن اليسير ان نجد الكثير من هؤلاء خلال التاريخ , التقوى امر مطلوب وهي الثمرة لكل علم ولكل تربية , والتقوى تعنى الاستقامة بمفهومها الواسع , واهل التقوى هم اقرب الى الله بسبب استقامتهم  , عندما نتكلم عن الانسان لا بد الا ان نهتم بعمله وسلوكه وما يصدر عنه , الانسان خليفة الله وهو مؤتمن على الحياة ومكلف بعمارة الارض وتيسير اسباب الحياة فيها لكل خلق الله , هذا الانسان لا يليق الا ان يكون افضل وارقى من كل المخلوقات , لكي يستحق هذا التكريم الالهي له , وطهارته الكاملة  ليست من النجاسات الظاهرة فقط وانما طهارته من كل مالا يليق بالانسان من  انواع السلوك , ولهذا كانت الفضيلة,  والمراد بالفضيلة هي الزيادة المؤدية الى الكمال , وليست كل زيادة مؤدية الى الكمال فبعض الزيادات مؤدية الى النقصان , ليس كل غضب فضيلة مع ان الغضب زيادة ولكنه زيادة تؤدى الى النقصان , الانسان هو محور الاهتمام , والانسان هو موطن الاهتمام , اذا استقام الانسان استقام كل شيء , الانظمة والقوانين كلها ادوات بيد الانسان لكي يكون افضل , الانسان الاكثر رقيا يرتقى به مجتمعه وترتقى به قوانينه , وهو الذى يضع لنفسه القوانين العادلة , مهمة العلم ان ينير للانسان طريقه , احيانا يكون العلم مطية الانسان الجاهل لتبرير ظلمه وعدوانه , انه يستخدم علمه لكي يمكنه من العدوان او لتقويض النظام الاجتماعى , كل علم اسهم فى افساد الحياة الانسانية مذموم , افساد الحياة هو ثمرة للجهل والغفلة عن الله , الشر ليس اصيلا فى النفس الانسانية,  وانما هو ثمرة لظروف اجتماعية كالظلم والبيئة المنحرفة والعادات الناتجة عن الجهل والتخلف , ومن طبيعة الفطرة انها ترفض الشر والظلم والعدوان فاذا استحلته واعتادت عليه فهذا دليل تربية خاطئة او شعور نفسي بالالم والحرمان والظلم , العلم الذى لا يقود صاحبه الى  الافضل  والاكمل ليس ميزة لصاحبه , طهارة النفوس تجعل الانسان اكثر خلقا وادبا وحكمة وعدلا واستقامة ونزاهة ورحمة ومحبة واقل قسوة وعدوانية وانانية وظلما , هناك عوامل مؤثرة فى سلوك الانسان هي المزاج والاستعداد,  واليوم يتحدثون عن الجينات الوراثية المؤثرة فى السلوك , وهناك التربية والتكوين وهي عوامل مؤثرة فى السلوك , وهناك العادات والاعراف التى تملك قدرة مؤثرة على الانسان , هذه العوامل الثلاث تقود صاحبها الى الاعلى والى الادنى , فقد تسهم فى رقيه وقد تسهم فى انحداره اذا تمكنت منه , الانسان يملك ادوات تنفيذية وهي الاعضاء التى يستخدمها ويسخرها لما يريد, وهي لا تملك اي ارادة منفصلة عن ارادته , وهي اللسان واليد والرجل , فما يريده الانسان ينطق به لسانه وتؤدى يده ما تؤمر به , ويمكنها  ان تفعل الخير والشر , والرجل تقوده الى المسجد والى الملهي , لا سلطان لهذه الاعضاء على ذلك لانسان , وهناك الحواس الخمسة كالبصر والسمع والشم واللمس والذوق هي التى تساعده على ان يفهم ما حوله , لا سلطان لهذه الحواس على الانسان , اما بدنه فهو يؤدى مهمته لكي يستقيم ذلك البدن ويكون صحيحا , الانسان هو صاحب الاختيار والقرار وهو المكلف والمسؤول والمخاطب ولا عذر له فيما اخطا فيه عن ارادة وعزم , وله كامل العذر ان اخطأ عن عذر او جهل فى بحثه عن الحق والصواب , والانسان يملك قوى مختلفة فى تكوينه  تساعده على التوصل الى الكمال , ولولا هذه القوى لما كان الكمال , هناك قوة التمييز لديه التى تمكنه من حسن الاختيار والسداد , العقل الانسانى هو المستشار الذى يساعد الانسان على حسن القرار , ولكن هذا المستشار لا يملك سلطة الاجبار ولا وصاية له على الانسان , احيانا ينبهك هذا المستشار الى خطأ اذا فعلته ويحذرك مما ينتظرك , احيانا تتنكر لهذا المستشار ولا تنصت له واحيانا تستغنى عنه كليا فتفعل ما حذرك منه , فتقع فى الخطا ولا تجد سبيلا للخروج من ذلك المستنقع الذى قد تغرق فيه , هناك غرائز شريرة مغرية تلح عليك ان ترضخ لها وتستجيب , والنفوس المريضة تستجيب بسرعة , فاذا تمكن منها الغضب اساءت واعتدت وظلمت,  واذا تمكنت منها الشهوات رضخت واستسلمت , ما اشد ضعف الانسان اذا تمكنت منه غرائزه واحكمت سيطرتها عليه , هنا تبرز اهمية الدين كعامل اساسي فى كبح جماح  الانسان لكيلا يندفع بقوة نحو المنحدرات السلوكية المنحرفة , مهمة التربية الروحية والمجاهدات انها تمسك بزمام الغرائز لا لكي تميتها ولكن لكي تجعلها اقل مما هي عليه من القوة والسطوة , الشعور بالقوة عامل اساسي فى دفع الانسان نحو الهاوية,  ومن اهم دوافعه ومهيجاته حياة الترف المذموم والسلطة الطاغية التى تشجع صاحبها على الشعور بالرغبة فى الاستعلاء,  وهذا من اهم الاسباب التى تشجع الافساد فى الارض والعدوان والظلم , وكل هؤلاء ممن استعلوا فى الارض ضد المستضعفين لا بد الا ان يذلهم الله ولو بعد حين , وهذه هي التربية الايمانة والروحية التى تخفف من جماح الانسان عندما تتحكم فيه اهواؤه , وفى النهاية نحتاج الى الانسان الذى اراده الله ان يكون متميزا ومؤهلا لبناء الحياة , عندما نؤمن بالله ونثق بحكمته ونلتزم بما امر به نحترم كل لاخرين من الخلق ولو اختلفنا معهم فهم يملكون ما نملك وقد يكونون اقرب الى الله بعملهم الصالح من كل الاخرين ..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

( الزيارات : 932 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *