أسباب العنف

علمتني الحياة أن سبب العنف في المجتمع هو الفقر والظلم واليأس , وإنّ الناس بطبيعتهم لا يحبون العنف ويكرهون الجريمة , ألا أن الاجتماع قد يندفع نحو العنف بغير إرادته , وعندما تُغلَق أبواب الأمل في وجهه فلا خيار له إلا أن يلجأ إلى العنف , إمّا للدفاع عن نفسه إذا كان مظلوماً , أو للتعبير عن ألمه إذا كان فقيراً ومحتاجا ً , وعندما يصل إلى مرحلة اليأس يزداد غضبه ويفقد توازنه , وتتراءى له الدنيا مظلمة , وعندئذٍ يندفع نحو سلوكيات العنف , لا لتحقيق غاية مرجوة , وإنّما للتعبير عن غضبه , وقد يلجأ إلى كل وسيلة , وفي لحظات اليأس ينقلب الإنسان إلى ثورٍ هائج , يدمّر كل شيء أمامه , ويريد أن ينتقم من المجتمع كله , لأنه يعتبره شريكاً في مأساته ..

ولا يُقاوَم العنف بالعنف , فلا حدود لعنف اليائسين والمحرومين , وهؤلاء لا يخشون من الموت , لأنهم يعيشون في مأساة أشدّ قسوة من الموت , ولا يقاوم العنف و إنّما يعالج بإزالة أسباب التوتر في النفس الإنسانية , فالفقر ليس قدر الفقراء إلى الأبد , ولا يجبر الفقير على قبول الفقر الناتج عن الظلم الاجتماعي , والفقير يقبل فقره بشرط ألا يكون سبب فقره هو الظلم , وألا يصل الفقر إلى درجة الإذلال والجوع , والفقر الذي لا يُوفِّر الحاجة ينتج في الغالب من سوء التوزيع , فلا يمكن لعامل أن يجوع إلا إذا كان أجره أقل من قيمة عمله , وليس هناك عملٌ لا يشبع صاحبه بالحاجات الضرورية .