أيها الشعراء

أيها الشعراء

تنزيل


لقد أوتيتم موهبة اللسان والبيان وأصبح شعركم مسموعاً …
وأنتم مخاطبون لغيركم والمخاطب مؤتمن ومسؤول عما يقوله، وهو مصدق ومؤثر، وهو أداة للخير كما هو أداةٌ للشرِّ ,فإن صدق وعدل وأصلح وأحسن فهو مثاب ومأجور وإن نافق وظلم وأفسد وأساء وأعان ظالماً على ظلمه وحاكماً على طغيانه وألبسه ثوب الفضيلة وهو لا يستحقه وشهد شهادة زور في مدح رموز الشرّ والفساد في مجتمعه فقد خان الأمانة وباع ضميره وقناعته لمن يدفع له ثمن هذه الشهادة المزيفة …
ومعظم الشعراء يفعل ذلك وقلة منهم كانوا حكماء وناصحين ورموز الكلمة الشجاعة والحكمة البليغة، وبعض الشعر حكمة وموعظة ، وبأقوال الشعراء يُستدل ويُستشهد في المواقف التي يحتاج فيها الإنسان للتأمل والاختيار…

فيا أيها الشعراء كونوا كما يجب أن تكونوا حكماء وناصحين.. وارفعوا شعار الحق والحرية والعدالة وكونوا الصوت المعبر والمنبر المؤثر الذي يدافع عن المبادئ والقيم , وكونوا الحليف القوي للشعوب المستضعفة وللطبقات المحرومة والمنسية وارتادوا مجالس هؤلاء ودافعوا عن قضاياهم وأوصلوا رسائلهم إلى من يهمه الأمر من أصحاب القرار والنفوذ ..
ولا تغرنكم مجالس ذوي السلطة والنفوذ ولا عطاياهم ولا تركنوا إلى من يغريكم ماله ونفوذه فيدفعكم إلى مدحه بما لا يستحق أن يمدح به فيوصف بالعدل من لم يكن عادلا ويوصف بالأمانة من لم يكن أميناً ويوصف بالحكمة من لم يكن حكيماً فأي مصداقية لما تقولون وأي كرامة لشاعر يبيع ضميره لمن يدفع ثمن الضمائر …
والضمائر الميتة تباع بأبخس الأثمان كالسلع الفاسدة التي تباع في الأسواق القذرة …
أيها الشعراء ارفعوا من مكانة الشعر والشعراء بالتزامكم بأخلاقية الكلمة وقدسية أثرها في الإصلاح الاجتماعي والانضمام إلى قافلة المدافعين عن الحق والفضيلة والحرية والعدالة فهذه قافلة الخير المبشرة بالأمن والسلام والأخوة الإنسانية , وانتصارها على الشرّ حتمي ولو طال الزمان, والشعراء بحكم أثرهم في المجتمع يقفون في الصفوف الأولى يحملون راية العدالة والحرية ويوجهون سيوفهم لكلّ رموز الشر الذين يعلنون الحرب على الإنسان…
وتعاهدوا أيها الشعراء فيما بينكم على أن تخرجوا من صفوفكم كل شاعر خرج عن الطريق وخان الأمانة ورضي أن يمتهن المدح لمن أعطاه والذم لمن أمسك عن العطاء …
فما كان الشعر أداة للارتزاق ولا كان الشعر مهنة وتجارة، وإنما الشعر أداة لابلاغ رسالة تدعو إلى اليقظة وترفع من شأن القيم العالية، والشعر يكبر بالكبار ويصغر بالصغار , وكذلك العلم يكبر برموزه الكبيرة ويصغر بالصغار , ولو أثمر العلم في قلوبهم معرفة وكرامة وفضيلة لما كانوا صغاراً, ولو أحبهم الله لشرح قلوبهم لأفعال الخير وشرح قلوب السامعين لما يقولون ..

( الزيارات : 3٬142 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *