ازمة مجتمعنا اخلاقية .

كلمات مضيئة..ازمة مجتمعنا اخلاقية .

من اروع ما تميز به المنهج التربوي الروحي فى الفكر الاسلامى هو تلك القدرة الفائفة على تحليل النفس البشرية فيما هي  من مشاعر وعواطف وانفعالات , لا اذكر فكرا تربويا ارتقى ذلك الرقي الاخلاقى فى بحثه عن الكمال , لو دخلنا فى عمق التربية الصوفية الحقة كما هي فى حقيقتها وعند اعلامها وائمتها لوجدنا تلك الروعة فى تحليل النفس وتعريتها من كل الشوائب التى تتحكم فى اغلب النفوس , عندما نتامل فيما كتبه الامام المحاسبى فى كتابه الرعاية لحقوق الله نكتشف الكثير من الدقة فى فهم الطبيعة الانسانية  , والمحاسبى هو الحارث بن اسد المحاسبي المتوفى عام 243 من الهجرة وهو صاحب الرعاية الذى يعتبر من اكثر الكتب دقة وعمقا فى بحث طبيعة النفس ونزوعها الى طلب المكانة والشهرة عند الخلق , وعندما تفعل شيئا يستحق ان تذكر به وتحمد يشتد هيجان النفس لكي يعلم الخلق بما فعلت من عمل يستحق المدح , وهذا وصف يتنافى كليا مع صفة الاخلاص والعمل لله , من اراد الله فلا يعنيه ان يعلم الخلق بما يفعله من الاحسان وعمل الخير او من الطاعة والعبادة  , وهنا نتساءل ما الذى يريده الانسان من ذلك , من اراد الله حقا وصدقا فلا يطلب من الناس حمدا,  ومن زهد فيما بايدى الناس كان اقل رغبة فى التقرب اليهم , ومن طبيعة النفس انها ما تطمع فيه تحاول ان تسعى للحصول عليه فمن اراد المكانة اسعده ان يفعل ما يقربه الى ما يطمع فيه , اعترف ان هذه مواقف مثالية , وقد نبتعد بها عن الواقع وطالبه , يجب علينا ان نفرق بين منهجين هناك المنهج الواقعى وهو منهج تحكمه المصالح الدنيوية ,  وهناك منهج اخر خاص قد نتكلم عنه لبيانه ولا نريد لاحد ان يدعيه وهو يعمل لخلافه , وهذا هو الرياء وهو درجات متفاوتة , التربية الروحية ذات اهداف عالية وراقية , لا اتكلم عمن يدعي تلك التربية او يحمل شعارها او يتظاهر بها , لقد اصبح النفاق الاجتماعى امرا مالوفا وهو منهج يدعيه اهل الحضارة ويعتبرون ذلك رقيا فى العلاقات الانسانية , هناك من يعتقد ان الصدق والاستقامة يعنى الوقاحة وقلة الادب , وان النفاق والكذب من اللباقة الاجتماعية , هذه تصورات خاطئة , الادب خلق وهو اعلى درجات الرقى الانسانى , وذلك عندما تحترم كل الاخرين لانهم يملكون ماتملك من حقوق عند الله , وهم قد يكون اقرب الى الله منك ولو ادعيت خلاف ذلك , اعترف اننى كنت احترم الكثير من الناس الذين هم فى نظر مجتمعهم اقل من الاخرين مكانة وثقافة وقوة وكنت اجد فيهم قيما راقية وانسانية متميزة , متى نحسن الظن بكل الاخرين ولو كانوا مخالفين لنا او مقصرين , متى نتحرر من النفاق الاجتماعى , عندما يتحكم الطمع فى الانسان لا بد له من النفاق لكي يتقرب ممن يطمع فيه ..

 نحتاج الى تربية تعيد بناء القيم الانسانية وتعيد تكوين الانسان , ازمات مجتمعنا اليوم هي ازمة اخلاقية , احيانا كنت ارى ان كل ما نراه من قيم ومناهج تربوية ومفاهيم تحتاج لتصحيح , لا اتوقع اننا على المدى القصير او المتوسط سنخرج من ازماتنا المتلاحقة , لكي نختار الطريق فيجب ان نحسن الاختيار اولا  لكيلا  نختار الاسوا , رحلة البداية قد تحتاج الى وقت طويل ..   

( الزيارات : 1٬115 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *