الاحتفال بالمولد منهج تربوى .

 ذاكرة الايام…الفرحة بالمولد منهج تربوي

تأملت فى ظاهرة اجتماعية كنت ارقبها باهتمام فى كثير من مجتمعاتنا الاسلامية وهي الاحتفال بالمولد النبوى الشريف والفرحة بقدوم شهر ربيع الاول , سألت احد الاصدقاء عما يفعله من تقاليد داخل اسرته الصغيرة للتعبير عن الفرحة والابتهاج , اجابنى بجواب مازلت اتامل فيه حتى الآن وافهم منه الكثير مما يفعله العوام من سلوكيات , قال لى : اننى افعل كل ذلك لكي اربى اولادى على محبة رسول الله منذ طفولتهم الاولى لكي يكبر معهم هذاالشعور  , كان يشترى لاطفاله  الملابس الجديدة ويعد لهم طعاما طيبا خاصا معتادا فى هذه المناسبة , كل شيء فى الاسرة يفرح ويبتهج ويشعر الطفل انه يفرح وتظل هذه الذكرى فى حياته , ورجعت بذاكرتى الى الوراء لا ستعيد بعض ما يفعله عوام الناس من الاحتفال باليوم الذى يختم فيها الطفل حفظ القرآن , فيذهب به زملاؤه الى منزله ويستقبلون من الاسرة بالزغاريد والهدايا والحلويات احتفالا بختم القرآن , عادة قديمة ذات دلالة تربوية ,  هناك الكثير مما يسهم فى تكوين الاطفال وتربيتهم , مازلت اذكر بعض ما كنت اعيشه بنفسي او اراه , ليس خطأ ان نربي اطفالنا على محبة الرسول الكريم , لا يمكننا انكار مثل هذه السلوكيات ذات الاثر التربوى الذى لا يمكن انكاره , ماليس منكرا مما يفعله المجتمع بارادته المطلقة لا يمكن انكاره , هذه سلوكيات ذات دلالة , كلنا يحتفل بايام ذات دلالة فى حياتنا  , هناك مناسبات جميلة فى حياتنا ونريد ان نعبر بها عن فرحتنا,  احيانا نفرح بها او نشعر من حولنا بها لكي نشاركهم افراحهم , كل الشعوب تختار يوما تحتفل به وتعتبره يوما وطنيا , تعطل فيها الدراسة وترفع الاعلام على كل المؤسسات الادارية , وكان الناس يحتفلون بعودة الحجاج ويخرجون الى خارج المدينة لاستقبالهم بالزهور , هذه اعراف ذات دلالة اجتماعية وتربوية وهي تعبر عن قيم ايمانية اصيلة واعتزاز بمناسبات دينية , لا احد يجبر على فعل لا يريده , الاحتفال سلوك خاص بمن يحبه للتعبير عن اعتزازه بمولد سيد المرسلين , ليس هناك ما يبرر الانكار على من يفعل ذلك فى نظر الدين  , الفرحة عاطفة وجدانية قد تولد سلوكا يتمثل فى تلك الاعراف التى تختلف بين مجتمع وآخر , وقد تظل عاطفة قلبية يشعر بها صاحبها , ما اجمل ان ترتبط هذه المناسبة بسلوك اخلاقي يعبر فيه صاحبه عن تلك الفرحة بعمل خيري او صدقة او اطعام لفقير او احسان لمن يحتاج الى ذلك الاحسان , لا اظن ان مسلما لا يفرح بتلك المناسبة,  ومن لم يشعر بالفرحة فى يوم المولد فيخشى عليه من سوء الخاتمة , فى يوم المولد يكثر فيه عمل الخير ويكون مناسبة للتزاور والتسامح , بعض العصاة لا يفعلون ما اعتادوا ان يفعلوه من المعاصى فى هذه اليوم احتراما لهذه المناسبة , مثل هؤلاء لا بد الا ان يتوب الله عليهم بفضل ذلك الاحترام ليوم المولد , المبالغات ليست محمودة وتدل على الجهل فى كل شيء , والجهل يصنع كل شيء سيء ولا حدود لما يفعله الجهل باهله , وكلنا ننكر المنكر وهو ما انكره الدين او انكره العقل او ما ادى الى مفاسد اجتماعية وانحرافات سلوكية,  وهذا واقع وكلنا نعلمه وننكره ولا احد يقر المنكر او يدعو اليه , عندما يكون الاحتفال بالمولد ملتزما وعاقلا وليس فيه ما يخالف اصلا من اصول الدين فلا يمكن اعتباره منكرا او مذمزما , ما اكثر جهل الذين ينكرون على مجتمعهم ماليس منكرا مما يفعلون , خطأ المخطئين وجهل الجاهلين لا يبرر ان نحرم ماليس محرما وان نضيق على الناس ما اتسع له الدين من انواع السلوك , من حقنا ان ننكر المنكر  , وهناك الكثير من المنكرات التى لا يقرها الدين وهي اولى بالانكار , واهمها الظلم والاستبداد والاحتكار والفوارق الاجتماعية وتجاهل معاناة المستضعفين , مااكثر ما يجب علينا انكاره من واقعنا الاجتماعى  , وما اشد قسوة الظلم على المظلومين , لا يمكننا ان ننكر ما ليس منكرا من سلوك المؤمنين ونتجاهل المنكرات الحقيقية التى  يعانى منها مجتمعنا , عندما ننكر على المفسدين فسادهم فهذا انكار محمود,  وهذا ما يامرنا به الدين , ليست قضيتنا اليوم ان يكون الاحتفال بالمولد هو المشكلة التى تستحق ان نوجه اليها الاهتمام , دعوا مجتمعنا  يفرح فلقد كثرت الازمات والمحن وانتهكت كرامة الانسان واصبحنا نعبث بالاوطان وبالانسان من غير رحمة بما يعانى منه مجتمعنا من مشاعر الاحباط , ما يفعله الجهل بمجتمعه هو الخطر الاكبر الذى يستحق ان يشغل اهتمامنا , نحتاج الى نافذة مضيئة نطل من خلالها على واقعنا كما هو , عندما نستخدم عقولنا التى اكرمنا الله بها لكي نميز بها بين الحق والباطل والحسن والقبيح فسوف نكتشف الطريق الصحيح الذى امرنا الله به لكي نكون خير امة بما تتميز به من عواطف انسانية ومشاعر الرحمة واستقامة لا عدوان فيها على احد من المستضعفين ..   

( الزيارات : 999 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *