الاحتكام لمنطق العقول

كلمات مضيئة..الاحتكام لمنطق العقول  

 كان من عادتي عندما اسمع خبرا او قصة تاريخية ان اعيد فهم ما سمعت بطريقة. تكون ممكنة في نظر العقل وما جرت به العادة ، كنت اصحح ما سمعت وازيل ما اتوقعه من الزيادات المعهودة في معظم القصص والاخبار مما اعتبره بعيد الوقوع في العادة ، كنت اري ان الخبر لا بد الا ان يكونً معقول المعني وممكن الوقوع في العادة ، ولَم اكن اثق بروايات المؤرخين وما تكتبه كتب التاريخ من اخبار الامم والدول ، وكنت اكتشف في الغالب. صدق ما توقعت من تلك المبالغات والتوهمات التي تكبر مع الايام وتترسخ ، فالمحب يبالغ فيما يرويه ونو كان صادقا في ذلك لان المحب يري مايحب ان يراه فيمن يحبه ويصدقه فيه. ، والمبغض يري ما يكره ويروي ما تصوره من الاحداث من منطلق الادانة  ، ذلك المنهج هو مما يتوهمه رواة الاحداث من المؤرخين ، وبخاصة بعد مضي فترة من الزمن عندما تترسخ الاحداث في الذاكرة التاريخية كما رويت لاول مرة ، كم ضاعت الحقيقة بسبب تلك المبالغات والاوهام ، وكم صنعت البطولات والامجاد لمن لا يستحقون ذلك ، وكم وقع الظلم. علي كثير ممن كانوا يستحقون ان يكونوا ابطالا ، كم في التاريخ منً مآسي في. رواية الاحداث ، كنت الاحظ كيف يمكن ان تروي الاحداث المعاصرة بطريقة. مغايرة للواقع ، المحب يثني ويمدح والمبغض يلوم ويذم ويري في ذلك ما يتطلب الانكار ، لا اتهم. احدا بالكذب ولا بسوء النية ، تلك مشكلة اخري خارج ما نبحث فيه ، كنت اري ان التاريخ يسير وفق خط مستقيم لا تجد فيه تلك المفاجآت والقفزات ، الخطوط البيانية تسيرنحو الصعود والهبوط بطريقة . منطقية وبمنهجية عقلانية متدرجة وفِي ظل الاسباب الظاهرة المدركةً بالعقول ، وعندما نستخدم عقولنا نفهم الاحداث بطريقة افضل واكثر موضوعية ، التاريخ ليس فيه قفزات مفاجئة خارج الاسباب ، لاتبني الدول بمجرد الصدفة ولاتنهار بالصدفة ايضا ، وهناك قانون. للحياة. تحكمه الاسباب المدركة بالعقول ، ولا شيئ الا بسببه الظاهر ، والاسباب لا تنفي ان كل ما في الكون هو بار ادة الله ولا شيئ الا بحكمته وتدبيره ، ولكن لا يحتج بالمشيئة لتبرير الافعال. ، فالمشيئة امر غير مدرك بالعقول ، الا بعد الوقوع ، مهمة العقل ان يخضع الظاهرة الاجتماعية للاسباب التي ارادها الله سببا لما قدره علي عياده ، الحكمة في التدبير تعتمد علي الاسباب لكي تكون مفهومة ، وتلك هي مهمة العقل في حسُن الفهم. ، عندما تزول الاسباب تكون الفوضي في الحياة ، ويفقد العقل مهمته مع غياب الاسباب ، ولا يصح التكليف الا مع وجود الاسباب ، وعندما. يتخلف المجتمع يستغني عن العقول في الفهم. وتكثر المبالغات وتعم السذاجات في التفكير ، ويصدق العقل كل ما توهمه من التصورات. ، ولو كانت غير ممكنة ، وهذا مانراه لدي كثير من العامة الذين لا يستخدمون عقولهم في التمييز ، فيصدقون كل ما يسمعون ولو كان بعيدا عن الواقع, و تلك هي مسؤولية العلماء فى كل عصر ان يكونوا منارات هداية لمجتمعهم يسهمون فى التنوير وليس التجهيل , وتلك مهمة شاقة ومكلفة وبخاصة فى مجتمع ترسخت فيه صورة الاشياء فى الفرد وفق ما تلقاه منذ طفولته وتربى عليه..

 

( الزيارات : 391 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *