الاخلاق كأفق للتفكير

كلمات مضيئة..فلسفة الاخلاق كأفق للتفكير

الانسان هو محور الكون . وهو المخاطب والمكلف , وكل ما فى الوجود مسخر له , والانسان مكون من طبيعتين مختلفين ومتكاملتين : الاولى هي الطبيعة المادية الجسمية التى يشترك فيها مع الحيوان والانعام  , والثانية هي ان له طبيعة روحانية هي وسيلته للاتصال عن طريقها  بعالمه العلوي , والمراد بالعلوى ليس هو الاعلى مكانا وانما هو الاعلى مكانة وهو الذي يصله بخالقه تعالى , وذلك هو النور الالهي , لم يستطع الفلاسفة قديما وحديثا انكار تلك الطبيعة الجسمية والروحانية , وقد كثر حديثهم عن الاجسام والارواح والقوى التى يملكها ذلك الانسان , واهمها العقل , وكل الموجودات الانسان والحيوان والنبات والجماد يملك من الخصائص الذاتية التى تجعله ماهو عليه , واهم ما يميز الانسان هو افعاله الارادية التى تصدر عنه سواء كانت من افعال الخير او الشر , ولكل كائن من تلك الموجودات كماله الخاص به , وهو يشتاق لذلك الكمال بالقوى الفطرية التى يملكها فى داخله , وهو شوق فطري , قد يتاثر بمحيطه الاجتماعى وقد ينحرف ذلك الكمال عن مساره بتأثيرالمؤثرات التربوية والظروف الاقتصدية والبيئة المحيطة به , ولهذا فان افعاله الارادية تتاثر بذلك وتتجه الى الخير أوالشر , الاتجاه الى الكمال هو الذى يرفع من مكانة الانسان كلما ارتقى كان اجدر بانسانيته , ولكن ماهو المعيار الذى يجعلنا نعرف به الخير من الشر , فهناك من يرى الخير فيما هو نافع ومفيد من تلك الافعال الارادية , وهذا مفهوم واضح ومبرر , فقد يكون نافعا لصاحبه ومفيدا , وقد يكون نافعا لمجتمعه وبخاصة للمستضعفين الذين يحتاجون الى افعال الخير للتخفيف من معاناتهم , وهذا الموضوع يقودنا للبحث فى مفهوم الحق والعدالة , فالنفع لا يعنى الانانية , فالظالم يفعل ما ينفعه وليس هذا من افعال الخير , اذن الخير هو الذى ينعكس اثره على الاخرين , وهناك من يرى الخير فيما يشعر صاحبه باللذة المادية , كل الملذات ملذوذة لصاحبها ويراها خيرا , وهذا يدفعنا للحديث عن انواع الملذات , هناك من يجد لذته فى الطعام وحياة الترف فى اللباس والسكن , ولا معنى للخير فى ذلك , وقد يتضمن هذا الخير شرا وضررا وفسادا , وهناك من يجد لذته فى اللذة العقلية كحب القراءة والشوق الى المعارف والعلوم , وهذا خير ونافع , وهناك لذة روحية يشعر بها العباد ممن يمارسون المجاهدات الروحية ويجدون لذتهم فى التاملات الروحية , ومن المؤكد ان مفهوم الخير يتسع لكي يكون من مظاهر الكمال , الانانية ليست خيرا ومن وجد لذته فى الكسب الحرام لايمكن ان يوصف فعله بالخير ولا الكمال , الخير هو الذى يمثل الكمال الذى اراده الله منها , وهذا يدعونا للبحث عن مفهوم الفضيلة , فالكمال الحقيقى فى التحلى بالفضائل الانسانية , والفطرة الانسانية تدرك بالفطرة معنى الخير , ومهمة الدين ان يؤكد ما تراه تلك الفطرة وما تراه العقول , لان الانسان بمقتضى عقله يتاثر بواقعه , حياته التى يعيشها تسهم فى تكوين افكاره وقيمه , الاصل فى الفطرة هو الصفاء والاستقامة , ولكن الانسان مزود يقوة غريزية شهوانية وغضبية ترجح له ما تراه , ولهذا يتردد بين الخير والشر واحدهما يغالب الاخر الى ان ينتصر احدهما على الاخر , مهمة الدين ان يرجح لديه الخير على الشر ويجعله اكثر التزاما بالخير فلا يظلم ولا يعتدى ولا يكره ولا يحقد , القيم الاصيلة تدركها الفطرة وينميها الدين , ولا يمكن للدين ان يبرر الظلم والعدوان ابدا ,  احيانا يتغلب الشر فى الانسان ويتمكن فيبرر له الشر , وهذا كثير عندما يضعف تاثير الدين فى النفوس , عندما نفكر بعقولنا يمكننا ان نقترب من الفهم اذا عرفنا مقاصد الدين في حياة المؤمنين به , الدين لا يلغى الارادة ولا العقل ولا الاختيار ولا يحرم ما احله الله من الدنيا والملذات , الدين له مقاصد مرجوة وهو الكمال الانسانى , ما يليق بالانسان ومالا يليق , ماليس خيرا فليس من الدين ولا يحتج بالدين لتبريره , كنت الاحظ حاجة الفقهاء لفهم المقاصد المرجوة من خلال تتبع الدلالات المتعددة , وفهم الشريعة من خلال نصوصها الكلية  , عندما تتحكم الاهواء والشهوات والمطامع والاحقاد وهي صفات فى الانسان فمن اليسير ان توجه العقول وتؤثر فى اختياراتها , الفقه جهد عقلى متجدد متاثر بمجتمعه وبما يمكن ان يكون فيه , الفقه جهد شاق لا يحسنه الا من اوتى بسطة فى العلم والفهم والتجربة الانسانية المستمدة من مجتمعها , لكل عصر خصوصياته وقضاياه , ومن الضرورى ان تراعى تلك الخصوصيات فى جهد الفقهاء لكي تكون اراؤهم واقعية وعادلة , جهد العقول لا يتوقف , وهو مستمد من حياة المجتمع وبخاصة فى المعاملات , عندما نستمد سعادتنا من اسعاد الاخرين نرتقى بمفهوم السعادة الحقيقية , موضوع الاخلاق هو العمود الفقرى فى فكر الانسان وفى كل الدراسات الفلسفية , لان الاخلاق تعتمد على القيم , والقيم هي التى تضبط اي نظام اجتماعى , قد يقع الاختلاف فى مفهوم الاخلاق ولكن لم اجد من الفلاسفة من استخف بالاخلاق وانها ضرورة للاجتماع الانسانى  , قد يكون هناك اختلاف فى مفهوم الاخلاق ولكن لا احد دعا الى الاستغناء عنها , والاخلاق مرتبطة بافعال الخير ,  قد تختلف المجتمعات فىما يعتبر من اخلاق الفطرة واخلاق الاعتياد والتكرار , لا شك ان هناك الكثير من الاعراف الى تعتبر من الاخلاق وهي من العوائد والاعراف التى يمكن اعادة النظر فيها بحسب ركنيتها فى الاخلاق , هناك من الاخلاق ما يجب الالتزام به وتحديد مفهومه , واهم هذه المصطلحات مفهوم العدالة ومفهوم الحرية وكراهية الظلم والعدوان . عندما نؤمن بالاجتماع الانساني فمن الطبيعى ان نبحث عن الاسباب التى تجعل ذلك الاجتماع ممكنا , ولن يكون ممكنا الا اذا كان نظامه عادلا فى امرين اساسيين مفهوم الدولة وكيفية قيامها ونظام المال والكسب بحيث يكون عادلا لا ظلم فيه , اذا اختل احد النظامين كانت الفوضى حتمية ومن الصعب السيطرة عليها , وذلك امر يحتاج الى تامل فيه ..

( الزيارات : 651 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *