79 – عباس القيسي :

هو الأمين العام للحكومة لمدة طويلة , وهو رجل قانون وإدارة , وهو قاموس الإدارة المغربية , يحفظ كل القوانين ويحيط بكل القرارات الإدارية , وهذا هو عالمه الخاص , ولا يبحث عما سواه , رجل عصامي ملتزم ومستقيم الطبع والتكوين , وهو أحد الوجوه المؤتمنة على حسن سير الإدارات الحكومية والوزارات المتعاقبة , ولاؤه للعرش لا حدود لـه , لا يتكلم في ما لا يعنيه , ولا يسمع ما لا يعنيه , لـه عالمه الخاص , وهو إداري حازم , يطبق القانون على نفسه وعلى كل الآخرين ..

أول مرة سمعت باسمه عندما تلقيت رسالة منه وبتوقيعه وكنت يومئذ بالكويت , وكان مديراً للديوان الملكي وكان ذلك عام 1973 , ولما زرت المغرب بعد ذلك كان وزيراً للعدل واستقبلني في مكتبه , واستفسر مني عن مدى إمكان تحديث القوانين المغربية بما ينسجم مع الفقه الإسلامي , وكانت هذه هي توجهات الملك حينئذ , ثم عينه الملك رئيساً للمجلس الدستوري , وهذا هو أعلى منصب دستوري في المغرب, واستمر فيه إلى أن بلغ سن التقاعد , وخلفه فيه الدكتور عبد العزيز بنجلون , والتقينا في رحاب الأكاديمية المغربية كزملاء وأعضاء , وكان ترتيبه في الأكاديمية إلى جانبي , كنا نجلس متجاورين في اجتماعات الأكاديمية , كان قليل الكلام , ولا يتكلم إلا فيما يعلم ويدخل في اختصاصه , ولم يشارك في أي حوار في الأكاديمية , كان من طبيعته ألا يتكلم , كان لـه عالم خاص , وهو رجل جاد ونزيه ويمكن أن يوثق به , وإذا كلف بمهمة قام بها على الوجه الأكمل ..

أخلاقه عالية وهو رجل قانون وإدارة , وإذا استفتى في أمر قانوني فهو حجة ورأيه راجح  وأحيل على التقاعد بسبب شيخوخته ومرضه واستمر فى حضور جلسات الاكاديمية