الاسلام دين

كلمات مضيئة ..دين وليس دولة
من اهم ما كان يثيراهتمامي في تاريخنا هو ذلك التوظيف التاريخي للدين في غير ما اراده الله من ذلك الدين ، لتحقيق مصالح دنيوية باسم الدين لتبرير تجاوزات في الحقوق التي اقرها الله لعباده فى مجالات الحكم وفى كثير من المفاهيم  المرتبطة بالحقوق والمعاملات  التى لاتعتبر من اهداف الدين  والتى تتعلق بالقضايا  والنظم  التى تدخل باختصاص الانسان  ان يعتمد فيها على العقل الذى اراده الله ان يكون هاديا لذلك الانسان  , وادي هذا التوظيف فى مجال الحكم الى تشجيع السلطة المطلقة للحاكم بادعاء انه يستمد سلطته من الله الذى اختاره واوكل اليه امر الرعية وهو المؤتمن على الحكم والحقوق ولا تجور الثورة عليه وتجب طاعته فيما امر به , ولا تخضع سلطته  للرقابة والمحاسبة ، وبالغ الشيعة فى ذلك وتوسعوا فى موضوع الامامة  المتوارثة والعصمة وان الامام يعلم مالا يعلمه غيره من امر الدين , وما زلنا نرى اثر ذلك فى فكرة ولا ية الفقيه , وكنت فى دراستى لنظام الحكم فى الاسلام ارى كثيرا من الافكار التى تمنح للحاكم سلطة مطلقة , وكنت اجد الكثير من اوجه التوظيف للدين لتغذية فكرة الطاعة المطلقة , والبيعة ولو كانت قهرية ومشروعية امارة الاستيلاء , وهناك قيود ولكن لا نجد لاي بحث عن الحريات والحقوق الانسانية , وكانت الدولة تنسب للمنتصر فى ذلك التغالب على الحكم , وكان الدولة ملكية شخصية  , كان الدين شعارا , وكان العلماء فى خدمة الدولة يحرمون ماتحرم ويبيحون ما تراه الدولة ضروريا لاستمرارها , الدين هو رسالة الله لكل عباده ، ولا احد من خلق الله خارج رحمته ، والله اعرف بعباده وارحم بهم ، ورسالة الدين هي الدعوة الي أمرين : الايمان بالله لا شريك له في الخلق او التدبير ، والأمر الثاني هو بيان الأسس والحقوق التي تنظم للعباد حياتهم من غير تجاوز او عدوان ، وترك الله للانسان سواء كان فردا او جماعة ان يختار طريقه وان يضع لنفسه النظام الاجتماعي الذي يحقق له مصالحه الدنيوية ، وامر المجتمعات شورى فيما بينهم  وهم مؤتمنون على مصالحهم  ان يكون عادلة لا ظلم فيها ولا عدوان  وكل مجتمع  مكلف من الله ان يحترم ثوابت ما امره الله به ، وهو مؤتمن في ذلك ومسؤول عن افعاله ، امر الدنيا من شأن الانسان ان يختار ما يجد فيه مصلحته ، وعليه ان يجتهد في ذلك بما يترجح له انه الافضل والأكمل ، النظام الاجتماعي وليد رؤية الانسان للافضل ، ولهذا يتجدد هذا النظام. باستمرار لكي يواكب تطور المجتمعات ويعبر عنها ، المواثيق والدساتير والقوانين والاعراف والعادات هي ثمرة لجهد اجتهادي انساني متجدد علي الدوام لكي تتحقق به المقاصد المرجوة وهي احترام مصالح العباد فى حياتهم ، والدولة هيئة تنظيمية هي ثمرة لعقد اجتماعي للقيام بمهمة المصالح والخد مات لمجتمعها ، ولا بد فيها من التوافق الارادي علي قيامها لحماية المصالح المشروعة ، يرتقي مفهوم الدولة برقي مجتمعها وينحدر بانحداره ، وشرعية الحكم مستمد من  التفويض الارادي الذي يمنح للسلطة مشروعية التفويض للقيام بحماية تلك المصالح ، دولة الاستيلاء لا شرعية لها وتجب ان تكون متجاوزة وسلطة الاستيلاء اغتصاب للسلطة ولاتعامل مع المغتصب لاي حق واغتصاب الحق العام اشد وطاة وهو كسرقة المال العام ، وسلطة الاستيلاء لا طاعة لها لانها تفتقد الشرعية والتفويض ، ولا احد خارج التفويض والمساءلة وبخاصة فى مجال الحقوق العامة ، رسالة الدين من الله تعالي لكل خلقه لهدايتهم الي ما فيه صلاحهم ،اما مفهوم  الدولة فهو اختيار انساني لخدمة المصالح المشروعة لمن هم في الدولة ولا احد يحرم من حق له ولو كان عاصيا او مذنبا ، الدولة سلطة توافقية إرادية تعبر عن مجتمعها وتحمي الحقوق ، وهي مخاطبة ان تلتزم بثوابت الدين وان تنمي قيمه في الدفاع عن العدالة في الحقوق وان تسهم في تنمية القيم الروحية ، الدولة سلطة مدنية ذات طبيعة تكليفية وخدمية واختيارية ذات وظيفة اجتماعية يحددها القانون المتفق عليه او الدستور ولا بد من قانون يضبط الحقوق ويقع الالتزام به ، والبيعة الشرعية تمثل ذلك التعاقد الارادى الملزم  فمن اخل بذلك التعاقد كان فى موطن المساءلة والمحاسبة والمعاقبة , ان احسنت السلطة والتزمت  فقد ادت الامانة ، وان اساءت او تجاوزت او اعتدت فهي محاسبة عن تقصيرها فيما اؤتمنت عليه ، لا يقال الاسلام دين ودولة , ، تلك كلمة اريد بها ان يكون الدين مطية للوصول الي الدولة ، الاسلام دين من الله تعالى ، الدولة تكليف وتفويض ومسؤولية ومحاسبة ، وامر الدولة شورى فيما بين الناس وهي من امردنياهم , مهمة الدين ان ينير طريق الانسان الي ما فيه صلاحه وان يحترم ثوابت الدين فى كل امر من اموره ، ومهمة الدولة ان تحمي الحقوق وان تطبق العدالة ، لا احد في الدولة خارج العدالة في اَي حق انساني ، الدولة نظام اختياري لتنظيم الحقوق ، ومن واجب الدولة ان تحترم ثوابت الدين عن طريق القوانين التي يجب ان تكون عادلة بين الجميع لتحقيق الاستقرار الاجتماعي ، دولة النبوة هي الدولة الدينية الوحيدة لانها محمية بالوحي والنبوة والعصمة ، اما الدولة فيما بعد فهي إرادية واختيارية وتخضع للمحاسبة والمراقبة وهي دولة مدنية تخضع لمعيار العدالة ويحكمها القانون الذى يقع التوافق عليه فى مجال النظم والحقوق  ، ويتم اختيار الحاكم فيها عن طريق الاختيار والتفويض المشروط بالمصالح المشروعة والمحاسبة ، ويخضع الحاكم لضوابط تمنع التجاوز في الحكم والطغيان في السلطة  ، لا وجود للدولة الدينية لان السلطة الدينية تبرر التجاوز باسم الدين والدين لا يتحمل مسؤولية التجاوز ، والدين لا يمكنه ان يقر ذلك التجاوز ، ولا يمكن للدين ان بتحمل مسؤولية الشطط في استعمال السلطة باسم الدين ،الصراع على السلطة مشروع بشرط الا يكون الدين طرفا فيه لكيلا يتجرأ أي طرف على الدين باساءة او استغلال , الصراع السياسي تحكمه قوانين ضابطة له , الدين حق للجيميع ولا احد ينفرد به ,  الأنظمة التي حكمت باسم الدين اساءت للدين وقدمت نموذجا للحكم سيء السمعة بتجاوزها لثوابت الحقوق وبررت تجاوزها باسم الدين ، وأسوأ النظم والدول وأكثرها ظلما فى تاريخ الدول هي التي حكمت باسم الدين ، وأبرزها سلطة الكنيسة علي الحكم في التاريخ الوسيط ، وتشمل كل  الدول التي حكمت باسم الدين او رفعت شعاره ، وكانت ابعد عن الدين في حكمها ، لا يمكن للدين ان يستغل لتبرير الظلم والطغيان والحروب باسم الدين ، ومنها الحروب الصليبية ، الدين ليس مطية للطامحين في الحكم ، مهمة الدين هداية المجتمع واستقامته وتنمية قيم الرحمة في الانسان والدفاع عن العدالة في الحقوق ، لا يقال قانون إسلامي , وانما يقال قانون بحترم الثوابت الاسلامية لان القانون هو ثمرة لجهد إرادي اختياري يضعه الانسان لتنظيم الحقوق في الدنيا ، ما كان ثمرة لجهد الانسان فينسب لذلك الانسان ، قد يصيب فيه وقد يخطئ ، ويتغير ويتجدد باستمرار لكي يواكب مصالح مجتمعه ، الدين ما جاء عن طريق الوحي وطريقه النبوة ، وما كان عن طريق العقل فهو من جهد الانسان وينسب اليه ويخضع لمعايير الحق والمصا لح ، ولا بد الا ان يحقق المقاصد الاساسية للدين وهي العدالة في الحقوق والرحمة بكل المستضعفين وا لخير المطلق لكل الخلق.>>.

تعليق

التعليقات

 

اكتب تعليقًا…

 

 

 

 

 

( الزيارات : 504 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *