الاصلاح الدينى لا يعنى العداء للدين

كلمات مضيئة..الاصلاح الدينى لا يعنى العداء للدين

كنت ارى ان كل مافى الوجود يبتدئ بالانسان وينتهي بالانسان , والوجود هو كيف يتصوره الانسان من خلال ما يملكه من قدرات متعددة هي التى تجعل ذلك الوجود المادى وهو الاجسام تفكر وتبدع وتصدر عنها افعالها الارادية , لا يهمنا ان نعرف كيف  تصدر تلك الافعال , عندنا يقوم الانسان بفعل من افعاله لا نسأله كيف فعل ذلك , وهل كان فعله هو نتيجة قرار عقلى او قرار غريزى , لا يعنينا اذا كان ذلك الفعل هو ثمرة لانفعال او ثمرة لتامل عاقل  , الاصل فى الافعال التى تصدر عن الانسان ان تكون ارادية الا اذا اثبت صاحبها  بدليل قطعي  انه كان تحت ضغط الاكراه الذى ينفى الارادة والاختيار , الانسان مسؤول عما يصدر عنه من افعال لانه مكلف , والتكليف يستدعى المسؤولية , الانسان مسؤول عن افعاله الارادية من خير او شر  , من الذي يحاسب الانسان عن اعماله , هناك خير وشر , والافعال الارادية قد تتضمن الخير او الشر , الخير موجود وسوف يكون والشر موجود وسوف يكون , عندما نثق بالعقل انه يمكنه ان يميز بين الخير والشر فسوف نختلف فى حكمنا على تلك المواقف , كلنا يدرك ان هناك فى الانسان من الرغبات الجامحة التى تدفع الانسان لفعل الخير او الشربارادته واختياره وتأمله فيما يفعله  , هل يمكننا ان نتجاهل مشاعرنا المتناقضة وميولنا الشخصية التى تجعل ما نراه امامنا يخضع لمعايير مختلفة , ما الذي يؤكد لنا ان افكارنا صحيحة وسديدة ونحن نخضع كل تلك الافكار لمعيار شخصى بنا ,  , نرى الخير فيما نرى مصالحنا فيه ونرى الشر فيما لا نحبه من المواقف والاشخاص , كيف يمكننا ان نثق بالعقل والعقل وليد مكوناته ومصالحه وافكارنا هي وليدة تصوراتنا واحكامنا عليها  , التكليف يخضع الانسان للمساءلة عن اعماله , لا يكفى ان تكون المساءلة باسم القانون لان القانون هو من وضع الانسان نفسه , والاقوياء هم الذين يضعون القانون لكي يحمى مصالحهم , الثقة بالانسان لا يعنى انتفاء المساءلة , وهناك مساءلة مادية يمكن التحكم فيها ومتابعتها  , وهناك مساءلة اخرى اشد رقابة وحزما وهي رقابة الضمير , وعندما يضعف الضمير ويقسو القلب تكون الرقابة الالهية التى لاتخفى عليها خافية من افعال الانسان  هي الرقابة الفاعلة والعادلة , تلك هي العدالة التى يحتاج اليها الانسان , لا احد خارج التكليف والمساءلة والمراقبة , حاجة المجتمع الى الدين حاجة ضرورية , الذين يريدون اضعاف دور التربية فى المجتمع يخطئون كثيرا فى الفهم , حرية الاقوياء الذين يمجدون العقل ويعتبرونه هو مصدر الاخلاق يخطئون كثيرا فى مفهوم الاخلاق  لان الاخلاق الفطرية هي التى نجدها فى تعاليم الدين , اذاكانت الحياة للاقوياء والمتميزين فاين حق الاخرين من الضعفاء  الذين لا يملكون القدرة والامكانية لمنافسة الاقوياء والاذكياء الذين يملكون كل شيء فى المغالبات بين الانسان القوى والانسان الضعيف , سلطان العقول لا يقاوم , مهمة الاخلاق ان تمنع جماح الانسان ان تستولى عليه غرائزه واهواؤه بحثا عن المجد والسلطة والمال , ليس الانسان هو الذي يضع القيم الاخلاقية لان انانية الاقوياء لا تقاوم بالقانون لانهم هم الذين وضعوا ذلك القانون  , عندما نؤمن بالعدالة فى الحقوق فعندئذ ستكون العدالة هي الاخلاق العملية  , والحقوق تنتزع عن طريق الوازع الدينى اولا الذى يجعل العدالة حقا وبسلطة القانون  والمجتمع , الدين هو مصدر العدالة وليس العقل لان العقل متاثر بمجتمعه وهو نتاج واقعه  , وكل الافكار ذات الطبيعة العقلانية هي وليدة واقعها ومتاثرة به , والعدالة الطبقية ليست عدالة لانها وليدة ظلم سابق والانتقام ليس عدالة , العقل الذى تتحكم فيه الغرائز وهي القوى الكامنة فى الانسان لا يمكنه ان يكون منصفا فى احكامه ولا عادلا, الخير والشر استعدادات فطرية ناتجة عن انفعالات غريزية لا يمكن تجاهلها  , ولا تقاوم تلك الانفعالات الا بقوة ايمانية ناتجة عن الشعور بالمسؤولية امام الله , استخدام الدين لغير ما اراده الدين لا يبرر الدعوة للاستغناء عن الدين , الدين الحق وليس الدين التاريخى وليس دين المنتفعين منه  لا يقف عقبة فى وجه اي اصلاح اجتماعى او سياسي او اقتصادى , الدين لا يبرر اي واقع وليس مطية لاي فريق ان يمتطيه بشعاراته  لتبرير اعماله التى لا يقرها الدين , من الظلم ان نحمل الدين مسؤولية الواقع المتخلف فى المجتمعات الاسلامية , الجهل برسالة الدين  الاخلاقية والاصلاحية يسهم فى الاساءة للدين وتشويه صورته , الدين رسالة الهية ودعوة اصلاحية لتحرير الانسان من المعتقدات الخاطئة والمفاهيم الفاسدة والخرافات المنتشرة فى المجتمع باسم الدين حينا وباسم الاخلاق ثانيا وهي من التقاليد التى ترسبت وترسخت وتمكنت , وتلك ظاهرة اجتماعية اسهم الجهل والتخلف فيها ومازالت حتى اليوم تؤدى دورها فى تخلف مجتمعها ,  الاصلاح الدينى مطلب ملح وهو ضرورة ولا احد يقاوم دعوة الاصلاح اذا كانت تلك الدعوة صادقة ومخلصة واختارت الطريق الصحيح للاصلاح عن طريق التكوين العلمى والتربوى للانسان.

( الزيارات : 638 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *