الاصول والفروع فى الميزان

كنت احرص علي التفريق بين ما كان من اصول تلك الشريعة الالهية كما جاءت من عند الله وبين ما كان من جهد العقول والأجيال مما اضيف الى تلك الشريعة من الامور والمشكلات  المتجددة المعبرة عن حاجات  مجتمعها من الاراء والافكار كما يراها  ذلك المجتمع وهي إضافات تحمل ملامح عصرها وتعبر عنه  ، بعض  تلك الجهود  أضاف ما هو جديد ونافع. من المعارف والافكار والاعراف. وهناك ما هو خاص بعصره ومجتمعه ولا يتجاوزه ،فالماضى لا يعود ولو تكررت نفس الاحداث  فاختلاف الزمان يجعل التماثل مستحيلا , لكل زمن خصوصيته ولكل مجتمع مطالبه ولولا ذلك لما كانت الحاجة الى الاجتهاد  الذى هو البحث عن الطريق  ، جهد الاجيال. تراث انساني يحتفظ بما هو مفيد منه. ويقع الاستغناء عما لا يفيد مما ارتبط بزمانه ، الاصول هي الثابتة ويجب حصرها وضبطها واحترامها وفهم مقاصدها وروحيتها ، وهي ماجاءت محكمة وواضحة فى القران الكريم والسنة البيانية ,   وهي كليات. كجذور مثمرة وفي كل ربيع تتفتح بثمرة جميلة ، الشرائع الالهية كالارض الخصبة التي تخرج ما يزرع فيها من الافكار والقيم مما هو مفيد لمجتمعه ، الانسان هو المخاطب بامر الله. والانسان متجدد وهو وليد مجتمعه وعصره ومجتمعه والبيئة التي أسهمت في تكوينه. ، وهو المؤتمن علي ماحوطب به من تلك الشريعة وعليه  ان يختار الافضل له ولمجتمعه مما يترجح له انه الحق والصواب ، وهو المستخلف من الله. وهو مزود من الله بكل القدرات التي تمكنه من حسن الفهم لما امره الله به ، وهو. يملك  القوة  الغريزية التي تمكنه من. طلب اسباب حياته عن طريق جهده وعمله والسعي الي ما ارتبطت حياته به من تلك  الاسباب التى يحقق بها كماله الانسانى واهم قوة غريزية هي القوة الشهوانية التى يطلب بها غذاءه  اليومي , وكل ما ارتبطت الحياة به فهو حق  ضمنه الله لكل عباده ولا يحرم احد احد منه , القادر يعمل والعاجز يحمل  والكبير يسعى لرعاية الصغير , وهذا هو المفهوم الاجمل والارقى للدفاع عن الحياة من منطلق التكافل  الذى لا يعرف الحدود , وهو تكافل الاسرة الكونية  وهذا هو المفهوم الاجمل للامر بالمعروف  والنهي عن المنكر , فما هو ضرورى فيجب ان يتعاون الجميع عليه , وما يهدد الحياة فهو المنكر , واهم منكر هو تلك النظرة الانانية والطبقية  والاستعلائية  وكل سلوكيات الطغيان  والاستبداد  واغتصاب  حقوق المستضعفين من الافراد والمجتمعات , كل من يهدد الحياة الانسانية من رموز الطغيان فى السلطة والمال وكل السياسات التى تكرس الفقر والتخلف وتسهم فى اذلال الانسان فهذا هو المنكر الذى تجب مقاومته  والتصدى عليه , ومن حق المظلوم ان يدافع عن حقوقه التى اكرمه الله بها , وصبر المظلوم على ظلمة ليس فضيلة  وانما هو تفريط وخذلان ،ولو كان الصبر فضيلة لما زود الله الانسان بتلك الغريزة الفطرية التى يدافع بها عن حقوقه وهي الغضب , الغضب العاقل للدفاع عن الكرامة فضيلة فى الانسان , المهم فى الغضب ان تمسك زمام غضبك لكيلا تظلم او تنتقم او ينفلت الزمام منك ,  وكل انسان يملك القوة التي يدافع بها عن تلك حقوقه ,  عن طريق الغضب الذي يدفعه لحماية وجوده  ومقاومة المعتدين عليه ، ويملك القوة العقلية التي يميز بها بين الخير والشر ويختار بها افعاله، فلا يدفعه الغضب للظلم والانتقام .< والتكليف هو. الذي يجعل الانسان هو. صاحب القرار فيما يختار لنفسه ، وهو. مؤتمن ومسؤول ويملك الارادة التي تمكنه من اختيار افعاله بارادته المطلقة ، من حق كل انسان ان يختار طريقه , ولاوصاية عليه. ، وما ترجح له انه الافضل له اخذ به ، كل ما تعلق بالانسان فهو من اختياره ، وهو الذي يبحث عن النظام الاجتماعي الذي يصلح له ويراه هو الذي يحقق له مصالحه الدنيوية. ، وجاء في القرأن الكريم ما يؤكد مسؤولية كل فرد ومجتمع. عن اموره الدنيوية الخاصة به ، وامر كل مجتمع بيد ذلك المجتمع عن طريق مبدأ الشورى ،. والشوري تقتضي التوافق علي صيغة عادلة تحقق مصالح الجميع وتجعلهم مشاركين في اختيار نظامهم وتنظيم حقوقهم ، لا احد يملك مالا يملكه غيره من حقوق الا بأسباب مشروعة لا اكراه فيها ولا طغيان ، كل النظم. الاجتماعية. ذات صفة إرادية ومتجددة. ولكل مجتمع اختياره لأموره وهو صاحب القرار فيها، والاختيار بكل الطرق التي تحقق العدالة وتمنع الطغيان ، وعندما يرتقي المجتمع ترتقي نظرته للحياة ويضبط نظامه الاجتماعي. بقانون يبين فيه كل الحقوق لكي يقع الاحتكام الي ذلك القانون وعدم تجاوزه. والقوانين متجددة على الدوام   لكي تواكب تطورمفهوم  الحقوق نحو الاكمل الذى يحبه الله , كل تطور نحو الاعدل والافضل والاكمل فهو من الدين , وكل اقتراب من العدالة الاكمل فهو عدالة ، وكل خطوة نحو السلام الاجتماعى فيجب ان تشجع , ويجب ان تتجه العدالة نحو تحريم الحرب وتجريم الاتجار بالانسان  عن طريق انتاج السلاح المدمر الذى يهدد السلام ويخيف الانسان  ويفتك به , الحضارة التى تمجد الحرب ليست حضارة , والحضارة التى تكرس الطبقية الاجتماعية وتسهم فى اذلال المستضعفين من الشعزب  ليست حضارة , والصراع بين الاديان صراع على المغانم والمصالح , وهو صراع اتباع الاديان والمتاجرين بتلك الاديان لتحقيق طموحات الطامحين ,  , انشاء الدول وإعداد قوانين وصياغة أعراف امر دنيوي. من اختصاص كل مجتمع ان يضع ما يقع التوافق عليه ، والكل مخاطب بخطاب الله ان. يلتزم كل المخاطبين بثوابت الحقوق والا يتظالموا فيما بينهم في اَي حق من الحقوق ، وان تكون القوانين عادلة لا تجاوز فيها ولا تجاهل لحق من حقوق الانسان ، ما كان من امر القوانين والنظم والدول. فهي اختيار انساني وتحترم فيها ثوابت الاسلام وأصوله. في احترام العدالة. واحترام حقوق الانسان والتوزيع العادل للثروات وعدم حرمان الانسان من اَي حق من حقوقه الانسانية. ، واهمها. حقوقه في اسباب حياته ومعاشه بطريقة تضمن له الكرامة ، تمنيت ان اسجل يوما اصول الشريعة الاسلامية كما جاءت من عند الله وهو مشروع كنت افكر فيه منذ زمن بعيد ولكنني كنت أتهيب من تحمل مسؤولية ذلك. ان يكون مطية لمن يريد تجاوز ذلك ، لا اجد في اصول تلك الشريعة. ما يمنع التجديد في تلك النظم والقوانين بما يترجح لكل مجتمع انه الافضل والأعدل لمجتمعه بشرط ان تحترم ثوابت الحقوق  التى جاءت من الله تعالى ، الدين مع الاختيار الأعدل في تلك النظم والأصلح ، وماليس صالحًا او عادلا فليس من الاسلام ولا ينسب اليه ولا يحتج به. لان العدالة هي أساس الحقوق ، ومهمة القوانين والدول والنظم انً تحققها او تحقق ما هو ممكن منها في الطريق نحو مزيد من العدالة والكرامة بما يجعل الاسرة الكونية متكافلة ومتضامنة للدفاع عن الحياة بافضل صورة ، ولا احد من خلق الله خارج رحمته بعباده ، لا احد يحرم من حق ضمنه الله لعباده ، ما كان من حقوق الله فالله اعلم بعباده  بما يظهرون وبما يسرون ، وما كان من امر الحقوق فيجب ان تكون عادلة ومانعة من الظلم ، وما كان من امر الدول فهو امر توافقي إرادي يتجدد ليعبر عن تصور مجتمعه ويحترم ارادته  فيما يختار لنفسه ، وطريقه التوافق الارادي والتفويض. ولا شرعية خارج ذلك التفويض المعبر عن كمال الارادة ، اما امر الحقوق المالية وهي الاشق فتحتاج الي فهم اعمق لتلك النظرة التكافلية البعيدة عن الانانية الفردية البغيضة المستفزة للمشاعر ، ولا احد يحرم من اسباب الحياة ولو كان عاجزا منعزلا في قمة جبل مظلم ، منهج الدين هو تشجيع تلك النظرة التكافلية وهي نقيض تلك النظرة الفردية الانانية البغيضة التي تكرس الطغيان في المجتمع ، والثورات هي ثمرة حتمية لانظمة الطغيان ، الدين يستمد من روحيته الانسانية ومن نظرته الاخلاقية التي تؤمن بالانسان حرية وكرامة ، الدين كرسالة الهية ليس هو الدين كتراث انسانى  يعبر عن مجتمعه كما كان عليه مجتمعه ، العنف والقتل والإرهاب والحرب والعدوان والظلم كلمات مذمومة في نظر الدين ولا يمكن للدين ان يقر اَية واحدة منها ، الا في حالة الدفاع عن النفس ، وبالقدر الذي ينفي صفة العدوان ، الظلمً. محرم في نظر الدين ، فاذا ثبت الظلم كان التحريم حتميا ، لا يرتكب الظلم بأية صورة باسم الدين ، استغلال اسم الدين. في المغالبات والمدافعات وفي السياسات وفي التجارات وفي الحروب افتراء علي الدين وإساءة له وتشويه لرسالته الانسانية ، الدين مع المظلوم ضد ظالمه ومع المستضعفين وهم يدافعون عن حقوقهم المشروعة ، الدين رسالة الهية لهداية الانسان الى الطريق الدي يحبه الله من عباده ، الرحمة والاستقامة واحترام الحياة والكرامة الانسانية والعدالة في الحقوق ، وتحريم الظلم بجميع صوره والطغيان والفساد والعدوان ، تلك هي رسالة الدين كما افهمها ، التاريخ ليس مصدرا لفهم الدين ولا يحتج بالتاريخ لفهم الدين ، والتاريخ  كما كان ليس خارج المناهج النقدية. ، ولا احد خارج انسانيته الفطرية والطبيعية ولا كمال في توهم الكمال ، وفي المجتمعات التي يعم الجهل فيها يكبر الوهم ايضا. ، وترى في نقصانها الكمال ، ويجب التركيز علي ذلك الانسان المؤتمن علي الحياة ، وهو المستخلف علي تلك الحياة ، وهو المدرك لتلك الحياة لكي يعمرها بجهده وعمله ورقي فهمه لحقوقه من غير تجاوز ، الدين الحق هو الذي يدعو الي امرين مهمين : الايمان بالله والقيام بحقوق الله ، والامر الثاني ان تعمل صالحا ومعيار الصلاح هو محبة الخير. ومحبة كل الاخرين وفقًا للمنهج الذي اراده الله لتلك الحياة ، ..

( الزيارات : 566 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *