الانسان الذى يبنى

تعليق

كلمات مضيئة..الانسان الذي يبنى

 عندما يتخلف الانسان ويتمكن منه جهله تنهار كل الامال وتنطفئ كل مشاعل النور ، لان الأنسان هو اداة البناء اذا حسن , ومعول الهدم اذا تمكن منه جهله ، الانسان هو المنطلق وهو البداية ، وهو الذي يبني ويعمل لما يتصوره انه الافضل له ، كل الحضارات بناها الانسان ، وكل الحضارات خربها الانسان ، السلام بناء يشيده الانسان ، والحرب يعلنها الانسان ، ما يريده الانسان يفعله ، ومالا يريده يسعى في ازالته ، الانسان الجاهل لا يندم على ما اخطا فيه  , ولا يعنيه ما يفعل ، في داخل الانسان قوة غريزية جامحة هي التي تحركه وهي المسيطرة عليه وهي التي تزين له ما يفعله ، وتلك القوة يملكها الحيوان وهي التي تمكنه من طلب اسباب حياته، انه يشتهي كل ما ارتبطت حياته به ويغضب عندما يجد من يتصدي له ، ويدافع عن نفسه عندما يقع العدوان عليه ، ولكن تلك القوة عندما تكبر فيه يصبح اشد وحشية من الحيوان ، الحيوان يقتل لكي يأكل ، اما الانسان فانه يقتل كل من يقف في وجهه فيما يريد ، ولو كان قريبا منه او شقيقا ، محنة العقل ان ييسر للانسان ما يريد ان يفعله ، ويزينه له ويساعده عليه ، وتلك محنة الانسان عندما يكبر ويطغي ويدفعه طمعه للعدوان علي كل حقوق الآخرين المستضعفين ، الضعيف هو الضحية التى  يقع العدوان عليه ، الفرد الضعيف مغلوب على امره في كل المواقف ومعتدي عليه ، والمستضعف من الافراد والشعوب والدول لا يمكنهم الدفاع عن مصالحهم المشروعة لان القانون ليس بيدهم والقوة لا يملكون اسبابها ، انهم الاقوي وسلاحهم بيدهم وهو الغضب والاستعداد للتضحية واهم ما يملكون هو باس البائسين وخلق الباس يصنع الرجال ويقوي عزيمتهم  ، ولكنهم مستضعفون بسبب اختلافهم فيما بينهم ، ولو اتحدت كلمتهم لكانوا هم الاقوى ، ولكنهم مختلفون فيما بينهم ويكتفى بعضهم بفتات ما يلقى اليهم وهم راضون ومكتفون وقد يدافعون عنه ، انهم يستحقون اسباب حياتهم ، وهذا حق من الله لكل عباده ، وهو ضامن لرزقهم وحياتهم وكرامتهم ، تلك هي رسالة الدين ان يبين للانسان كامل حقوقه وان يجعله مؤتمنا عليها ، الحياة لكل الخلق وليست للاقوياء دون الضعفاء ، ما كان حقا للجميع فلا يمكن ان ينفرد به الاقوياء ويحرم منه الضعفاء او ينتقص منهم قهرا ويكرهون على التنازل عنه ، الانسان يتميز عن الحيوان بأمرين : عاطفة انسانية اصيلة هي عطاء من الله للانسان لكي يكون بها اكثر رحمة ، وعقل مميز متأثر بتلك العاطفة يهدي صاحبه للخير ويمنعه من الشر ، ويكون بذلك اقل قسوة واكثر انسانية ، مهمة التربية ان تنمي قيم الخيرفى ذلك الانسان  ومشاعر الرحمة واحترام الآخرين في حقوقهم، وكراهية الشر والعدوان والتعاطف مع كل المظلومين والمحرومين وإشعارهم بالدفء والتعاطف وتفهم ماهم فيه من الظلم والشعور بالاذلال ، ومهمة العلم ان يرتقي بعقل الانسان ويغذيه بالمعرفة الناتجة عن تجارب السابقين في اكتشاف قوانين الحياة وطبيعة النفوس ، العلم يرتقي برقي مناهجه ومؤسساته ورموزه وينحدر بانحدارها ، القوانين والدساتير والدول والقيم والاعراف هي ثمرة ذلك الانسان وتعبر عنه كما هو ، مجتمع الجهل والتخلف ينتج تصورا للعدالة منحرفا عن العدالة ومتحيزا لمصالح الاقوياء جهلا منه ، كما ينتج  التخلف مفهوما للدولة يعبر عن القهر والاذلال ناتجا عن الواقع التاريخي كما كان متجاهلا مطالب الاتسان في التجديد والتحديث ، و مفهوما للدستور يكون مظلة للاستبداد والطغيان ، ذلك الانسان الأرقى فهمًا هو البداية لكل اصلاح ، وهو الذي يضع نظامه الاجتماعي بما يعبر عن اماله وطموحاته ، ليس المهم ان نضع قانونا ولكن المهم فيه ان يكون عادلا وان يحقق العدالة بمفهومها الأرقى دلالة ، وليس المهم ان نقيم دولة ولكن المهم ان تكون تلك الدولة اداة لتحقيق السلم الاجتماعي الذي لا يتحقق الا باحترام ارادة المواطن فيما يريده وان يوفر له اسباب حياته ، كل ذلك هو مسؤولية ذلك الانسان المؤتمن علي الحياة ، مجتمع القهر والاكراه والقوة لا يمكنه ان يستمرطويلا وهوكالليل لا يمكنه ان يكون بغير فجر تشرق فيه الشمس  ، ولا بد من اقتلاع الانياب الحادة من ذلك الانسان لكي يعتمد علي لسانه في الحوار العاقل الذي تحترم فيه الحقوق ويكون به التواصل بين الانسان والانسان ، التطرف وليد اسبابه النفسية ، واهمه الجهل اولا والاحتقان الداخلي ثانيا ، وسوف يقود الى العنف لامحالة ، لقد خلق الله بلا انياب حادة لكيلا ينهش بها اجسام  المستضعفين  , العنف لا يحل المشاكل الحقوقية بين الافراد ، والحروب لاتحل المشكلات الاقليمية والدولية الناتجة عن شعور الاقوياء بالرغبة في الطغيان والوصاية والهيمنة على من ارتبطت مصالحهم بهم من الدول والشعوب ، لا بد من نظام كوني يواكب حركة التاريخ ويعبر عن سمو المجتمع الانساني في إيمانه با لتعايش لاجل السلام في ظل قيم كونية ذات دلالات ايمانية وروحية تتحقق بها آلعدا لة ، وتكون تلك العدالة هي السلطة الكونية التي تخترق كل الحدود وتواجه كل التجاوزات في الدساتير والقوانين والسياسات والمعاهدات ، وتلك السلطة هي السلطة الرقابية الوحيدة التي تملك كل الاسباب للدفاع عن العدالة والسلام في نطاق الاسرة الكونية ، وأول شرط فيها ان تتحرر من قبضة الضغوط والوصايات عليها من كل طغاة الآر ض الذين يملكون الجيوش ويستعبدون الشعوب وينفقون ثروات الارض على تجارة السلاح والاتجار بالانسان ، عالم المستقبل لن يكون كما كان من قبل ، لا يمكننا ان نتصوره كما نريد ، واهله هم اولى به ، ومن حقهم ان يختاروا الثوب الذي يرون به كمالهم، ولا أظنهم انهم ينتظرون من الجيل الذي سبقهم ان يختار لهم نظامهم ويرسم لهم طريقهم وان يعلمهم دروسا في الاخلاق وهم مخاطبون بما خوطب به من كان قبلهم ، وهم مؤتمنون على مصالحهم وحقوقهم ، وهم اعرف بالطريق الذي يقودهم الى ما يريدون ..

 

( الزيارات : 516 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *