الاهتمام بالبحوث العلمية

المؤلفات والبحوث العلمية :

لم تشغلني الحياةالثقافية العامة والمحاضرات والندوات والمؤتمرات عن البحث العلمي والتأليف، وكنت أخصص وقتاً بعد منتصف الليل  للبحث والتأليف، وهذا مما كان يسعدني، وكنت أشتاق للبحث العلمي والقراءات العلمية الخاصة حيث أقرأ ما أحب أن أقرأ، وأكتب ما أحب أن أكتب، وكانت لديّ اهتمامات علمية خاصة في مجالات الدراسات التربوية والنفسية والدراسات الاجتماعية بالإضافة إلى الدراسات المتعلقة بالفكر الصوفي ومنهج التربية النفسية ..

وألقيت أول محاضرةلي في الموسم الثقافي للأكاديمية المغربية عام 1985 عن منهج التربية النفسية عند الإمام الغزالي، وقد دفعني هذه المحاضرة  إلى قراءة كتاب إحياء علوم الدين، وأعجبت بأفكار الغزالي في الإحياء، وبخاصة ما يتعلق بمفهوم العلم في الجزء الأول ومفهوم القلب في بداية الجزء الثالث، عندما أراد أن يتحدث عن مفهوم الباطن بدأ ذلك بالحديث عن القلب وعجائب القلب وأمراض القلوب وما يعتري القلوب من العوارض، وقد أبدع الإمام الغزالي فيما كتبه في التفريق بين القلب والنفس والعقل، واعتبرالقلب هو موطن المعرفة، وهو موطن الهداية وموطن الزيغ، والقلب هو المخاطب والمعاتب والمقرّب إلى الله والمحجوب عن الله، وقد أبدع الغزالي في هذا الفصل من كتابه، وقد كتبت عدة بحوث عن الفكر التربوي عن الغزالي، ونشرت معظم هذه البحوث في مجلات علمية، وكنت أحب الدراسات النفسية والتربوية، وقرأت أفكارالغزالي في هذا المجال، وشعرت ان الغزالي كان يحلق في مجال التحليل العلمي والتقسيم المنطقي والقدرةعلى إيصال الفكرة إلى القارئ بلغة علمية وأسلوب رصين، ولم أقرأ ما كان يورده من حكايات ومرويات ومأثورات كنت أرى فيها المبالغة فى المعانى والصتاعة فى الالفاظ والتكلف فى الدلالة,  ولا تخضع لنفس المعايير التي اعتمدها الغزالي في حديثه عن الظاهر والباطن، وفي حديثه عن علم المكاشفة وعلم المعاملة كنت أرى الغزالي يتطلع من بعيد إلى عالم التصوف , ويخوض في بعض بحوثه ثم يحجبه عقله أولاً وعلمه ثانياً عن التوغل في ذوقيات التصوف واحوال السالكين ، ولم يخض التجربة الصوفية في  أسرارها وذوقياتها، بالرغم من شوقه لذلك وإيمانه أن التصوف يمتلك قدرات روحية متميزة ، وهو عالم الأذواق والاحوال ، ولا يدرك من خارجه، وأهل المجاهدةقلما يصلون ولو صدقوا في السلوك وأحسنوا المجاهدة، ولا بد من العناية ليكون السالك من أهل الاجتباء والرعاية ..

 

 



[1]انظر كتلبي: الفكر الإسلامي والتحديد ص 12،8

( الزيارات : 882 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *