التتعدد والتنوع فى الخلق

 كلمات مضيئة..

مازلت منذ طفولتى الاولى اتأمل فى ذلك الانسان لكي اكتشف ما ينطوى عليه من قوى واسرار , واعترف اننى كلما توغلت اكثر ازدادت حيرتى  واشتد جهلى جهلى , والتفت فى كل اتجاه ابحث عن اشارة دالة او ايماءة مرشدة فلا اجد سوى عتمة الليل وقد اقبلت تنشر ظلامها فيما كنت فيه , واجدنى فى حيرة من امرى متسائلا اين الطريق ..

ما يعنينى هو ذلك الانسان ولا يعنينى غيره , لاتعنيى كل المصطلحات والتسميات , لست واثقا مما يقولون , الانسان هو الذى اراه امامى , بجسمه ونفسه وعقله وفطرته وروحه , لم استطع ان افرق بين اي عضو واخر , ما يصدر عنى هو سلوك واحد ارادى افعله بارادتى الظاهرة ولا اجد ما يجبرنى عليه , الفاعل هو انا , واتساءل من انا , كيف فعلت ما فعلت وباي قوة من قواي لست غائبا عما افعل , كل القوى التى املكها الظاهرة والباطنة شاركت فيما افعل , لست هناك قوة مما املك كانت غائبة او معطلة , قوة الخير وقوة الشر هي القوة الكامنة فى داخلى , قد انصت او اتأثر بغيرى وقد افرح او احزن ولكننى انا الفاعل , لا يمكننى ان افصل اية قوة عن الاخرى , القوى فى داخلى متكاملة ومتضامنة , قد تتغلب قوة على اخرى ولكن ليست هناك قوة غائبة او معطلة , احيانا اصعد واحيانا اهبط , جسمى المادى هو المسؤول عن افعالى وهو الذى يحاسب او يعاقب , هناك قوى قد تنمو وتكبر وهناك قوى قد تتضاءل وتصغر , ولكننى لا اشعر بما يكبر او يصغر الا من خلال تاملى فيما افعل , اتساءل عن ذلك التراشق فى الافكار وذلك الحوار الغاضب بين الفلاسفة والمفكرين  وهم يبحثون عن الانسان فى غياب الانسان , ما يصدر عنى هو انا , واذا تكلمت فهذا الكلام هو كلامى وانا المسؤول عنه , عندما يترجح لى امرا انه هو الحق والصواب فهذا تفكيرى وقناعتى , ان توهمت فالوهم هو جزء منى  مادمت اراه هو الارجح , انا الانسان المخاطب والمؤتمن ولا اكلف مالا اطيق , لن افعل مالاقناعة لى به , احيانا اخفى قناعتى بارادتى او اخفى حقيقتى وهذا حقى وقرارى واختيارى , لا يهمنى من يقود هذه القوى المختلفة المتناقضة , هناك المركز وهو انا الانسان المكلف , عندما يتعدد الانسان فمن الطبيعى ان تختلف قراراته واختياراته , عندما يرتكب الانسان جريمة فسوف يعاقب ذلك الانسان , سواء كان ذلك الانسان من اهل العقول الراجحة اوالعقول الناقصة التى تتحكم فيها غرائزها , حالة واحدة تعفى الانسان من المسؤولية عندما يكون هناك خلل واضح فى قوة من قواه تجعل تلك القوة معطلة ولا تؤدى مهمتها فى التكليف , هناك معايير للتكليف الشرعي اهتم بها علماء الاصول كالصغر والجنون والنسيان والاكراه , هناك ايمان وموطنه الفطرة لان الايمان يحتاج الى تلك الفطرة , وكل ما يخضع للحواس فهو من قضايا الغيب التى يجب الايمان بها , اما ماكان من شان الاحكام والعلوم فهي تحتاج الى جهد العقول التى تخضع لمعايير العلم والتجربة والتأمل العقلى , ليست هناك قوة تغني عن الاخرى , التعدد كمال فى الخلق والتنوع ابداع فى الخلق والاختيار تكريم للخلق , اذا سلمنا بالتعدد والتنوع والاختيار  اكتشفنا عظمة الخالق وحكمة التدبير , ليست هناك معرفة انسانية خارج القوى التى يملكها الانسان المكلف والمؤتمن , لا يمكن للانسان ان يكون مكلفا اذا لم يملك اداة التكليف وهو الارادة والاختيار , عندما نحترم الانسان  فيجب ان نحترم اختياره وارادته والا يكون مجبرا على فعل لا طاقة له عليه , من حق كل انسان ان  يؤمن بالله بالطريقة التى تعبر عن خصوصياته , هناك منهج اسلامى لضوابط الايمان  ويجب التمسك بها اما الكيفية فانت تعبر عن ذلك الايمان  بما تراه الحق والاقرب اليك , كل الطرق التى تقودك الى الله فهي طرق معبدة وموصلة ولو تباعدت وتشعبت , عندما تتسع صدورنا فسوف نفهم كل الاخرين  وسوف نحبهم ولن نضيق بهم لانهم يحبون به كما نفعل نحن , عندما يكون الله فى قلوبنا فسوف نحب كل من احب الله من عباده وكل من عمل صالحا من عباده , وهذه هي رسالة الدين فى الحياة..

( الزيارات : 756 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *