التراث والمجتمع

كلمات مضيئة..التراث والمجتمع

علاقة كل مجتمع بتراثه علاقة تكاملية وليست تبعية , كل مجتمع يضيف شيئا الى سجل التراث كصفحة يسجل فيها ما تركه وما اسهم به , كل جيل يعبر عن فكره وتجربته وفكره من خلال ما يتركه من كتب واثار , كل جيل متأثر بواقعه ويعبر عنه , التراث ليس هو المصدر الوحيد لفكر المجتمع , هناك تراث المجتمعات الاخرى ويستحق التامل , التراث الانسانى متكامل , اهم ما يميز التراث الانسانى هو البعد الانسانى فى اثاره , وهناك المنهج العقلانى الذى يميزه وينهض به , التراث الاسلامى يجب ان يعبر عن الخصوصية الاسلامية فى مجال التركيز على القيم الايمانية اولا والاخلاقية ثانيا فى مجال الحقوق والسلوك , التراث يساعد كل جيل على فهم  تاريخه وخصوصياته وقيمه , علاقة كل جيل بتراثه ليست علاقة تبعية , فلا تبعية فى مجال التكليف وكل جيل مكلف ومؤتمن , مواقف المثقفين من التراث تلاثة اصناف الصنف الاول يرى وجوب الحفاظ على التراث كما هو , والالتزام بما فيه , , والنظر اليه بقداسة دينية لانه يمثل تاريخ الاسلام , ومعظم هؤلاء يريد ان يأخذ من التراث ما يرضيه منه , لانه يعتبره هو الدين , ومن تجاوز فقد انحرف وشل ضلالا بعيدا , هذه المدرسة هي الاقوى نفوذا والاكثر شهرة , وقد تكون هي الغالبه لان العامة يجدون فيها الامان والالتزام والتقوى , العامة يدافعون عن هذه المدرسة الفكرية ويواجهون خصومها باسم الدين , وقد تستخدم هذه المدرسة لتبرير الواقع بكل ما فيه , والانظمة السياسية القائمة تجد فى هذا المنهج دعما للواقع وحماية له باسم الدين والتراث والاصالة , ومن رحم هذه المدرسة تنمو بذور التعصب المذهبى  والدعوة لاحباط كل افكار التغيير ولو الى الافضل , وهناك مدرسة فكرية اخرى نقيضة للمدرسة الاولى وتقف موقف العداء للتراث والدعوة للاستغناء عنه وتجاوزه , والاخذ بالمنهجية الغربية المادية التى اشتهرت بمنهجية التنوير الاوروبي , واوجدت مجتمعا مختلفا اكثر انفتاحا وقبولا لما جاءت به افكار التنوير على اختلافها , وقد غالى اتباع هذه المدرسة فى مواقفهم وهم ليسوا على درجة واحدة , ومعظم الفلاسفة يميلون الى هذا الرأي كليا او جزئيا , انطلاقا من تاثرهم بمنهجية فلاسفة التنوير , ومن الانصاف ان ننصت اليهم فيما يقولون والا نتسرع فى الحكم عليهم  بقلة الدين او التاثر باراء التنوير , وهناك مدرسة ثالثة اصلاحية المنهج منفتحة على عصرها مؤتمنة بحتمية التغيير والتجديد , وتضم نخبة من المثقفين الذين جمعوا بين الثقافة الاسلامية الاصيلة والثقافة الغربية , وهي ذات منهجية اصلاحية من منطلق الفهم لما هو ضرورى لتحقيق اسباب النهضة , ومن المؤسف ان تتصاعد حدة الخلافات بين انصار المدارس المختلفة , ويتهم كل فريق الفريق الاخر بمالا يحسن من الاوصاف , ومن المؤسف ان مجتمعنا يعانى من اسباب ذلك الاختلاف , نظرا لما ادى الىه ذلك الخلاف من  قطيعة فكرية فى اطار المجتمع الواحد , وقد اسهم كل ذلك فيما يعانى منه مجتمعنا من تفكك فكرى مخيف , عندما يكون المثقف فى عزلة عن مجتمعه فمن الصعب عليه ان يؤدى دوره فى مخاطبة مجتمعه , لا بد من البحث عن القواسم المشتركة , التى تجمع ماتفرق , الاختلاف حق ويجب ان يحترم , ما يعانى منه مجتمعنا كبير ومخيف , والازمة قد تطول , وعندما يصبح العلم مهنة تفقد مؤسسات العلم دورها فى التنوير والتوجيه , عندما يقود العوام قافلة مجتمعهم  فمن الصعب ان نتوقع ان تصل القافلة الى ماتريد الوصول اليه , المجتمعات العربية كما كانت من قبل , مازالت المفاهيم كما هي ,مجتمع الماضي يتجدد فى هياكله الظاهرة , ولكنه مازال يعيش بعقلية الاجيال الماضية , لا شيء مما نحن فيه يختلف عما كان عليه مجتمعنا من قبل , ما زالت عقلية التقليد هي المتحكمة والغالبة , ما زلنا ابعد ما نكون عن فهم رسالة الدين فى حياتنا اليومية , عندما نريد الدين مطية لمانريد ان نصل اليه فمن المستحيل ان تورق اغصانه وان تثمر اشجاره , التراث جهد اجيال متعاقبة , ولكل جيل صفحته الخاصة به , عندما تتقدم المجتمعات تحسن اختيار ما تحتاجه من تراثها لكي يكون اداة تواصل بين الاجيال المتعاقبة ..

( الزيارات : 807 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *