التصحيح فى معايير العدالة.

كلمات مضيئة..التصحيح  فى المعايير لاجل العدالة .

اركز فيما اكتب عن الانسان كما يجب ان يكون ..وعندما نهتم بالانسان فاننا لا نهتم فقط فيما يختص بمطالبه المعيشية , تلك مطالب مشروعة ولا بد من ان تكون لها الاولوية لان الكمال البدنى لا يتحقق الا بها , تكلمت كثيرا عن الرزق الذى ضمنه الله لكل عباده وهم فيه سواء , فكل ما فى الطبيعة  مسخر للانسان لكي ينتفع به , ويوزع بينهم بالعدل ولا يحرم منه احد , ما فى الطبيعة هو ملك لكل الخلق , ما فى الارض والبحار والفضاء وكل ثروات الارض الظاهرة والباطنة وما اكتشف ومالم يكتشف هو ملك لكل الناس , لا احد يأخذ منه اكثر من حاجته , ما ئدة الله ممدودة لكل خلقه , كل جيل مؤتمن على عصره , تراث الانسانية من المعارف والعلوم هو ملك للانسان , لا يمكن لاي مجتمع ان يستبد به ويمنع الاخرين منه , هو مسخر لخدمة الانسان لضمان الحياة , الكسب هو ما يختص به صاحبه وهو قيمة الجهد الانسانى , ولا يتجاوز قيمته الحقيقية وهي تكلفة ذلك الجهد , فتكلفة الطبيب اكثر من تكلفة العامل الا اذا كان العامل متخصصا , الزمن والتكلفة تحددان قيمة الجهد من غير استغلال للندرة التى قد ترفع القيمة استغلالا لحاجة المحتاج , قيمة الجهد لا يمكن له ان يكبر بسرعة الا اذا تمكن صاحبه من  استغلال ضعف الاخرين او حصل على امتياز مستغلا سلطته او قوته , وهذا هو الفساد الذى يجب ان يقاوم مهما كانت تكلفة مقاومته ولو بعمليات جراحية شاقة  , ما زاد عن قيمة الجهد فالمجتمع احق به , لا يمكن لمزارع ان يرفع اثمان محصولاته كالقمح والشعير وكل انواع الغذاء  , وله الحق فى ثمن جهده والمجتمع من خلال القانون العادل هو  الذى يحدد قيمة ذلك الجهد , الارض الزراعية هي من الرزق الذى يملكه كل الناس , اما المزارع فياخذ قيمة جهده , لا يمكن لاحد ان يدعي ملكية الارض ولا ملكية البحر ولا الفضاء ولا الشمس ولا كل مافى الطبيعة  , هذا ملك لله تعالى والانسان مؤتمن عليه , حق الرقبة لله تعالى  وهذه هي ملكية الجماعة التى كانت والتى ستكون من بعد  , فمن عمل بها فقد احياها ومن قعد عنها انتقلت الى من يعمل فيها , المال لا يكتنز وقدحرم الله الاكتناز  ويمكنه ان يدخر لحاجة صاحبه , وما تجاوز الحاجة فهو مال مكتنز , وهو مذموم لضرره بالمجتمع لانه يعطل دور المال فى تلبية حاجات مجتمعه , الاستثمار المشروع لا استغلال فيه ولا احتكار ولا ربويات متجددة الاشكال  , الثروات الكبيرة اذا نمت عن طريق الاحتكارات والامتيازات فلا شرعية لها وتسترد ممن اغتصبها من مجتمعها  وهي كالربويات , الانفاق المشروع هو الذى لا سفه فيه ولاتقتير وهو منهج الاعتدال , الترف يدل على سفه صاحبه , وما تجاوز منهج الاعتدال فهو سفه ويحجر على السفيه منعا من استفزاز المشاعر , فضول الاموال تعود لمن يحتاج اليها من الفقراء والمستضعفين , ولا يدخر الا مازاد عن الحاجة , وعندما تكون المجاعات فالناس شركاء فيما ارتبطت الحاجة به من مطالب الحياة , الاجور هي قيمة الجهد ويجب ان تكون عادلة ولا تقل عن الحاجة ويجب ان تكون كافية لان الكفاية هي الحد الادنى لقيمة الجهد , لا يمكن ان تكون قيمة الجهد اقل من تكلفة الانسان , الاغنياء هم من استغنوا باجورهم عن الاخرين , اما الفقراء فهم الذين لا تكفيهم اجورهم , ويساعدون الى ان يستغنوا عن الاخرين , مهمة السلطة ان تحقق العدل بين الطبقات الاجتماعية لكيلا يكون هناك فقير محتاج غاضب ثائر جائع  , وقد تكلمت عن هذه المسألة المتعلقة بالاجور العادلة فى درسي الثالث امام الملك الحسن  الثانى رحمه الله عام 1975 عندما تكلمت عن مفهوم الربا فى ظل التطورات الاقتصادية والاجتماعية المعاصرة وكتبت كتابا عن هذا الموضوع  , وكان رحمه الله يحسن فهم ما كنت القيه امامه من القضايا العلمية المعبرة عن اهتمامات اجتماعية ملحة  , لا خيار لمجتمعنا الا ان يختار العدالة كمنهج للتصحيح  الاجتماعي ولا يمكن ان نتجاهل معاناة المستضعفين , اذا لم تكن العدالة فالفوضى  قادمة لا محالة , التطرف والعنف اعراض مرضية ناتجة عن خلل حقيقي  فى الموازين ومعايير العدالة , عندما نستمد فكرنا من القران والسنة ومنهج السيرة فمن اليسير ان نفهم افضل رسالة الدين فى المجتمع  وما نراه اليوم باسم الدين ليس هو الدين و فلا يستمد الدين الا من اصوله وليس من تاريخ المجتمعات الاسلامية التى كانت تعبر عن حاجات مجتمعها , وعندما نؤمن بالانسان فاننا نسهم فى تنمية قدراته العقلية ونلبى له اشواقة الغريزية الى المعرفة لكي يستزيد من فهمه للحياة , كل الناس يملكون قدرات غريزية فطرية متشابهة ولكنهم يتميزون بمدى رقيهم فى الفهم واداة الفهم المعرفة , هناك قوتان للانسان القوة العالمة التى يتطلع من خلالها الى الاستزادة من العلوم والمعارف,  وهناك القوة العاملة الى تتأثر بمدى استيعابها لتلك المعرفة , ليس كل من يقرأ يحسن الفهم ويستفيد مما يقرأ , العلوم والمعارف لا تقدم لك شيئا الا اذا احسنت فهم تلك المعارف  التى  تساعدك على فهم الحياة وماتحتاج اليه , كنت اكره التقليد واجد ذلك مما يتنافى مع التكليف والمسؤولية , لولم يكن الانسان مزودا بقوة الفهم لما كان مخاطبا ومكلفا , ما تفهمه فخذ به ومالا تفهمه فاجتهد فى معرفته و لا تلغ ذاتك , عندما تريد ان تتعلم فاجتهد فى اختيار من تسأله و ولكل شيء اهل اختصاصه و هم الذين يسألون فاجتهد فى اختيار من تسأله ومن تاخذ برأيه واستشر اهل التقوى والعلم ولا تستشر اهل الهوى من الجهلة والمنافقين وتجار العلم والدين وهم الاكثر مكانة وظهورا فى مجتمع كثر جهاله ,  ولاتقلد احدا  من غير تأمل.ز

تاملت كل ذلك وانا اكتب عن الانسان الذى يبحث عن كماله , فى قدراته الغريزية والعقلية , عندما نهتم بالانسان نعتمد عليه فى رحلة البحث عن الافضل فى حياتنا , مهمتنا ان نضيء شمعة بكلمة صادقة تعبر عن ايماننا بالحياة وبالانسان , مانراه اليوم من انهيارات هي نتيجة حتمية ومتوقعة لمنهج خاطئ من التبعية الفكرية وضعف ثقتنا بالعلم والمعرفة , رحلة التصحيح قد تكون طويلة ولكنها ليست مستحيلة , المجتمع الذى يعتاد الظلام يانس به ويضيق بكل شعلة لانه يخاف من الحقيقة والنور , امتنا يجب ان تنهض مهما كانت هذه الامنية مكلفة ولكن لا بد منها لكي نؤكد اننا نستحق ان نكون من الصالحين..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

( الزيارات : 1٬009 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *