الثقافة لاجل نهوض الانسان..

 

ذاكرة الايام..الثقافة لاجل نهوض الانسان..

شاركت فى كثير من المؤتمرات العلمية فى معظم العواصم العربية وفى عدد من العواصم الاوربية فى باريس ومدريد وليشبونة  وبروكسل  وغرناطة وروما   , ومازلت استعيد ذكريات تلك اللقاءات العلمية ,  بعض هذه المؤتمرات والندوات  كان جادا ومفيدا وكان يهدف الى تحقيق فائدة علمية ,  وبعضها الآخر كان لاهداف سياسية موجهة ومرادة لاهداف كثيرة  , ليس كل المؤتمرات والندوات سواء , ولكنها لا تخلو من فائدة واهمها ذلك اللقاء بين قادة الفكر ورموزه  , وبالرغم من عمومية موضوعاتها وسعة اهتماماتها  فلم تكن الحرية فى معظمها  كافية وكان لا بد من مراعاة  المكان والمناسبة والحكمة فى اختيار ما يمكن ان يقال فيها من افكار  , هناك حد ادنى من المجاملة  لا بد من توفره فى هذه اللقاءات , احيانا يكون السكوت معبرا عن موقف معين , مازال عالمنا العربى يحتاج الى مزيد من الحرية الفكرية وما زال المثقفون يفتقدون الكثير منها  , ليست الحكومات هي الوحيدة التى تقيد تلك الحرية , مجتمعنا مازال لا يحسن فهم معنى الحرية , مازلنا نحتاج الى كثير من اخلاقية الحوار , من يخالفك فى الرأي ليس عدوا لك ولا وصاية لك عليه ولست اولى منه بمعرفة الحق  , كنت اشعر ان البعض يريد ان يجعل نفسه وصيا على كل الآخرين , من اليسير ان تتهم المخالف لك  بالتفريط والخيانة وقلة الدين وقد تنسب له مالم يقله او ما لم يقصده من المعانى  , مازلت اذكر علماء كانوا اهل ااختصاص وعلم واسيء اليهم لانهم انفردوا برأي لم يكن مألوفا او معتادا , من حق كل عالم وبخاصة من اهل الاختصاص ان يقول ما هو مقتنع به من الافكار , ومن حق الاخرين ان يناقشوه فيما قال بمنهج علمى وبموضوعية وباحترام , لا يمكننا ان نتقدم الا اذا  ناقشنا  قضايانا بحرية تامة من غير خوف من رقابة  من اية جهة فلا حدود لحرية اهل العلم فيما يقولون , كنت اضيق بمن  كانوا يعتبرون انفسهم اوصياء على كل الآخرين باسم الدين حيا وباسم الوطنية حينا آخر , واسوا ماكنت اضيق به ان البعض كان ينسب لمن يخاصمه كل ما يسيء اليه من الاوصاف , كنت اسمع الكثير مما يكون همسا ضد الآخرين , كنت اعتقد ان  المؤتمرات هي المكان الافضل لكي تكون المناقشات العلمية  اكثر تعبيرا عن رقي الاسرة العلمية وادب اهلها ممن ينتسبون الى العلم , وكنت ارى ان الجامعات هي ارقى مكان تحترم فيه حرية الفكر نظرا لان الاستاذ الجامعى هو رمز الكمال فى مجتمعه لانه فى قمة مؤسسات التعليم والتكوين ,  لم اكن اجد ذلك فى الجامعات ورايت الكثير من الاحقاد والعداوات والمنافسات  والاتهامات المتبادلة  , وكنت اتساءل عن اخلاقية العلم وحاجة مجتمعنا الى التصحيح والتطلع الى الافضل , كنت التمس العذر لجاهل اذا اخطأ او تجاوز او اساء الادب فى اسلوبه , ولكننى لا التمس العذر لمن هم فى قمة مجتمعهم مكانة ان يصدر منهم مالا يليق بهم من انواع السلوك , احيانا كنت اجد لدى عوام الناس من الرقي والادب والاستقامة  ما لا اجده فى كثير ممن يتسبون الى العلم , هناك رموز رائعة وراقية فى كل مجتمع ورأيت الكثير منهم  , وهذا ما دفعنى الى التركيز فى  اهتماماتى  على اهمية اختيار النمازج الراقية المؤهلة للتخصص العلمى فى كل العلوم وبخاصة الاختصاصات ذات المسؤولية الانسانية  , التربية الاخلاقية فى الطفولة مؤثرة فى تكوين الانسان وهناك الاستعداد الشخصى والتطلع الى الكمال , كنت اصادف نماذج انسانية  تستحق الاحترام بكل المعايير , لم يكن يعنينى من يكون ذلك الانسان نسبا وانتماءا ومركزا وقوة فى السلطة , هذه ليست هي معايير التفاضل فى نظرى  ولم تكن تعنينى ابدا , كنت ارى ملامح الكمال فى اشخاص ليسوا فى مواقع التميز الاجتماعي , كنت احب هذه النمازج  الانسانية الراقية , كنت احب فيمن التقيه فى تلك المؤتمرات العلمية والندوات الثقافية ذلك النموذج الذى يحترم نفسه عندما يتكلم ويعبر عن قناعنه ولا يبيع ضميره ولا قلمه ولا لسانه لغيرلاحد  تقربا من الاقوياء واصحاب المكانة الاجتماعية  الذين استغلوا الدين حينا والعلم حينا آخر لتحقيق مصالح شخصية لهم , ما هو موجود فى مجتمعنا موجود فى كل مكان من مؤسساتنا العلمية , احيانا نحلم بالافضل وهذا حق من حقوقنا ولكن لن نبلغ الافضل الا اذا التزمنا بالافضل فى سلوكنا واختياراتنا, كنت اقول لنفسي هامسا ان ما ينقصنا ليس هو ان نضاعف ما نبنيه من المدارس والجامعات ولا ان نقيم الكثير من المؤتمرات والمنابر الاعلامية وانما ان نرتقى بمستوى التكوين التربوى والاخلاقي وان نعمق الايمان بالقيم الانسانية ومحبة الكمال واحترام الانسان مهما كان ذلك الانسان , وان نتكاتف للدفاع عن المستضعفين فى الارض , هؤلاء شركاؤنا  فى الحياة اينما كانوا لدى كل الشعوب  والديانات  وهؤلاء يملكون ما يملكه كل الطغاة وكل الذين علوا فى الارض  وكل الظالمين  من حقوق  , عندما يكون هدفنا ان ندافع عن الانسان حرية وكرامة ونريد ان ننهض به لكي يكون ثروة انسانية لمجتمعه فمن المؤكد اننا سوف نوجه كل جهودنا لتحقيق هذه الغاية والوصول الى ذلك الهدف , دعونا نهتم بما هو مفيد ونكف عن الخلافات الجزئية واثارة النعرات المذهبيةوالصراعات القومية والمصالح المتوهمة  , ونتعاون لنبنى الانسان الذى ينهض بمجتمعه ونبنى المجتمع الذى يسهم فى رقي الحياة الانسانية  ..    

( الزيارات : 1٬020 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *