الحكمة من اهم فضائل الانسان

..

 

علمتني الحياة

أن أثق بالرجل الحكيم ، والحكمة فضيلة القوّة العقلية عند لإنسان ، وليس مرتبطة بالقوة الغريزيَّة سواءٌ كانت شهوانية أو غضبية ، فالحكيم هو الذي يضع الأمور في نصابها وكما يجب أن تكون ، يغضب عندما يستدعي الغضب ويمسك عندما تستدعي الحكمة أن يمسك عن الغضب , ويتكلم عندما يستدعي الموقف الكلام ويصمت عندما يجد أنّ الصمت هو الأفضل ، وينفقُ حيث يجب الإنفاق ، ويكون بخيلاً عندما تقتضي الحكمة أن يمسك عن الإنفاق ، وهو مبذرٌ في موقف ومقترٌ في موقف آخر ، وهو شجاع في حالة وجبانٌ في حالة أخرى ، والجبن هنا ليس كجبن الجبناء ، وإنما جبن الشجعان عندما يستدعي العقل أن يتراجع ، هذه الحكمة هي المطلوبة ، وهذا هو الرجل الحكيم الذي يتصرف بحسب ما يقتضيه المقام ، وهذا هو معيار التّفاضل بين الرجال ، وهو الممسك بزمام غرائزه والمتحكم في كلّ سلوكياته ، فلا يندفع في لحظة غضبٍ وانفعالٍ إلى فعلٍ يندم عليه فيما بعد ، وليس بالرجل الحكيم ذلك الذي يفعل الفعل ثم يندم حيث لاينفع الندم , وليس هناك تبذيرٌ وتقتيرٌ وليس هناك شجاعة وجبن وإنّما هناك حكمة , والموقف هو الذي يحدد السلوك العاقل الحكيم , وقد يخطئ الحكيم في موقفٍ ولكنّه لا يلام عليه ولا يندم ، فهو مجتهد فيما يختار .

والحكمة يحتاجها الإنسان في كلّ موقف ، في أسرته ، في معاملاته اليومية ، في كلامه ، في إنفاقه ، في كلّ قراراته ، وكلّما كبرت مسؤوليات الإنسان كان أحوج للحكمة وللقرار الحكيم ، والحكيم قد لا يرضي  الاخرين , ولكنه يحظى باحترامهم وثقتهم فيما بعد ، والحكيم يجب أن يكون شجاعاً في مواقفه ، ولو دفع ثمن ذلك ، ففي لحظات الانفعال يحتاج المنفعلون للكلمة الحكيمة , ولكنّها لا ترضيهم , ويستجيبون لمن يكون أكثر انفعالاً منهم ثم يندمون فيما بعد ..

والارتجال في المواقف ليس من شيم الحكماء , والانفعال كذلك , قد يفيد الانفعال أصحابه مرّة , وقد يلقي بهم في القاع مرات كثيرة , والتغيير إلى الأفضل مطلوب وحتميٌ , ولا يتمّ الإصلاح إلا بالتغلب على أسباب التخلف , والحكماء يصلحون لكنّهم لا يغامرون , وقد يكونون أقلّ قدرة على إحداث التغيير ، والثورة على الفساد يقودها مغامرون مندفعون في البداية , فإذا استقرّت الأوضاع احتاج الأمر لحكمة الحكام , لكيلا تنتكس الثّورة ,فالحكيم أقلّ قدرة على الهدم وأكثر قدرة على البناء , والمنفعلون الثائرون – وقد يبلغ الغضب لديهم القمة – هم أقدر على الهدم وأكثر جرأةً في المواقف وقلّما ينجحون , وإذا فشلوا كان سقوطهم قاسياً ومكلفاً .

ويظهر هذا في التجارة والاستثمار , فالعقلاء يخافون ولا يغامرون , ويتقدمون بطيئاً ويربحون قليلاً وقلّما يخسرون , وأما المغامرون فقد ينجون ويجمعون الثروة الكبيرة في مغامرة غير مدروسة ، وقد يخسرون كلّ شيء في مغامرةٍ جديدةٍ ، وهم في هذا مغامرون ، والإنسان أُعطي العقل لكي يحتكم إليه ، وقد تفسر الحكمة بالضعف في كثيرٍ من المواقف ، ولذلك تُلتمَس الحكمة عند الشيوخ وقلّما تُلتمَس عند الشباب ولا تستقيم الحياة إلا بعزم الشباب وانفعالاتهم واندفاعاتهم وحكمة الشيوخ والاندفاع العاقل لدى الشباب حكمة ، والحكمة المقدامة غير المتردّدة فضيلة لدى الشيوخ ، وأحبّ في الشباب اندفاعهم ولو كلّفهم الكثير ولا أحبّ الشيخوخة المبكرة في الشباب ، وقطارُ الحياة يسير وفي داخله ركب الأجيال فمن كان في محطته الأولى فعليه أن يعدّ العدّة لرحلته الطويلة ومن كان في محطته الأخيرة فعليه أن يستمتع بجمال الطبيعة والأشجار والأنهار والغابات قبل أن صحبه يغادر مقعده الوثير .

 

( الزيارات : 4٬417 )

One thought on “الحكمة من اهم فضائل الانسان

اترك رداً على admin إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *