الحوار يؤدى الى الاستقرار

 

علمتني الحياة

أنّ الأنظمة السياسية في الغالب تحرص على توفير الاستقرار في المجتمع ، وتتبع سياسة الاعتدال في مواقفها السياسية ، وقلّما تلجأ إلى العنف والتطرف ، وتكون أكثر استعداداً اللحوار وقد تتنازل عن بعض حقوقها تجنباً للمواجهة ، لأنها تحرص على الاستمرار وحماية النّظام الذي قد تعرضه الأزمات للضعف ، ويؤدي ضعف النظام إلى تشجيع الخصوم على الثورة والانقضاض على النظام ، ومعظم الأنظمة الملَكّية الدستورية تتطلع لتقييد سلطات الملك وتقليصها إلى الحدّ الذي يفقد فيها معظم سلطاته التنفيذية ، ويصبح رمزاً محترماً من غير سلطة فعلية ، ويسلم الحكم كلّه إلى حكومة منتخبة من الشعب تتغير باستمرار وتُحاسَب عن أخطائها أمام البرلمان  ، فالعبرة بالحكم لمن يحكم وليس لمن يملك ، ولا يمكن أن يحكم إلا من يتمّ اختياره ومحاسبته ، وهذا منهجٌ صحيحٌ فى الحكم ويخفّف من مساوئ النظام التقليديّ الذي كان سائداً فى القديم ، والذي كان يحمي الأقوياء  ويكرس التمييز الطبقي ولهذا سقطت معظم هذه  النظم سواء عن طريق انقلابات عسكريّة أو عن طريق ثورات شعبية رفعت شعار الحرية والعدالة .

والإسلام لا يتدخل في اختيارات الشعوب لما يحقّق مصالحها في الحرية والعدالة ، فالنظام الذي يحسن الحكم ويقيم العدل وينفذ أحكام الدين ويحترم إرادة الشعب فيما يريده ويختاره يقرّه الإسلام ويعطيه شرعية الوجود والاستمرار ، بشرط أن يلتزم هذا النّظام بالوثيقة الدستورية التي تضعها الأمّة لضبط صلاحيات الحاكم، وينتقل الحكم بعده إلى من تختاره الأمة بعده بحسب الدستور ، ولا يفرض على الأمة ما لا تريده عن طريق القوة والإكراه .

ومعظم الشعوب في العصر الحديث تميل الى الأنظمة التي تختارها الشعوب وتدافع عن وجودها ، والتى يقلّ فيها الفساد في العادة وتحترم فيها الحريّات ويقل فيها التفاوت الطبقي وتكون أكثر إنصافاً في قوانينها وكلّ نظام ظالم محكومٌ عليه بالزوال ولا يدوم حكمٌ ظالمٌ أبداً ، ولا قداسة في الحكم إلا للحقّ والعدالة والقانون، ورئيس الدولة هو الموظف الأكبر في الدولة المؤتمنُ على مصالح الأمة ، والتفويض هو الذي يعطيه شرعية السلطة ، وإذا سحبت الأمة تفويضها  منه فقد هذه الشرعية  .

 

( الزيارات : 769 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *