الدرس الحسنى السادس

الدرس الحسني السادس

وفي رمضان عام 1986 دعيت لالقاء درس جديد أمام الملك في الدروس الحسنية واخترت موضوعا بعنوان” العلاقة بين التفسير والتجديد في الفكر الإسلامي” وأردت أن أؤكد جلال هذا الدرس على أهمية التجديد من خلال قراءة ثانية للنصوص  في إطار التغيرات المكانية والزمانية ,والنص ثابت والتفسير يتجدد بتجددالمخاطب , والمخاطب متجدد ويتأثر بالمكان والزمان وهو و ليد عصره ,ولا بد الاّ أن تكون قراءته للنص مختلفة عن قراءة السابقين له وهذا يقودنا إلى التجديد المستمر من خلال التفسير , وركزت على أهمية المؤثرات الزمانية والمكانية في تكوين شخصية المجتهد ,وكل مجتهد متأثر بعصره , ومن المؤكد أن ذلك سيؤثر في فهمه للنصوص , وهذا المنهج هو امتداد لكل دروسى  السابقة التي تؤكد  على أهمية التجديد في الفكر الإسلامي وأهمية الاستفادة من الثوابت الجديدةالتي أثبتها العلم وأنه تجب الثقة بالعلم والعقل والتجربة الإنسانية , ويجب أن يكون الفكر معاصرا لمجتمعه , وكل جيل مؤتمن على عصره, ولاوصاية لجيل على جيل , ولا شك أن شخصية المجتهد مؤثرة في اجتهاده وفي فكره وهذه الشخصية هي وليدة مكونا ت نفسية وبيئية واجتماعيةوبالتالي فإنالفكرة تنتمي إلى عصرها وقدلاحظت أن كلمةالتجديد مازالت مخيفةوتخشى الأوساط الإسلامية من هذه الكلمة ويعتقدون أن التجديد يعني التغييروالتبديل والاستغناءعن الشريعة واستبدالها يغيرها , وهذاخطأفادح وجهل واضح فالتجديد هوإعادةالصلة بين الفكرة وأصولهابحيث تكون الفكرة وليدة الأصل الذي استمدت منه عن طريق التأصيل السليم والعودةإلى منهاج السلف في استنباط الأحكام,  ولاينبغي أن نخاف من كلمةالتجديد فالتجديدأمرحتمي في كل شيء في الأفكاروفي الأعمال وفي كل مناحي الحياة , والجماد هوالشيء الوحيدالذي لايقبل التجديد والأجيال تتجدد ويتجدد معها فكرها,  وكلما استفاد الإنسان تجربةجديدة وجب عليه أن يضمهإ الى خبراته وينعكس أثرها على فكره وحياته …

 

( الزيارات : 1٬754 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *