الدكتور عمر الجيدى

أستاذ للفقه المالكي وحجة في معرفة تاريخ هذا المذهب في المغرب وهو من خريجي دار الحديث الحسنية ، وأحد الأساتذة الأكفاء الذين تركوا مؤلفات قيمة …

عرفته في الأيام الأولى التي استلمت فيها إدارة الدار ، كان طالباً يعد رسالته للدبلوم ، أعجبت بذكائه وعلمه ونشاطه ، أخذ يتردد عليَّ في كل يوم ، توطدت صلتي به ، وأعجبت بشخصيته وأخلاقه ووجدت فيه القابلية للبحث والدراسة ، وشجعته على ذلك .

كان أصغر مني سناً ، وهذا ما جعلني أتوسم فيه الاستعداد للبحث ، ولما أراد أن يسجل أطروحته للدكتوراه جاءني لكي يختار الموضوع ، اقترحت عليه أن يبحث عن فقه العمل لدى علماء المغرب ، كنت أريد أن أعرف المزيد من هذا الموضوع ، وتفرغ للبحث ، وأخذ يستشيرني في جزئياته العلمية ويحاورني في موضوعاته ، ازداد إعجابي به ، وشجعته على مزيد من البحث والدراسة ، كنت المشرف على هذه الأطروحة ، ولما حصل على الدكتوراه رشحته للعمل كأستاذ في الدار ، وكان اختياراً موفقاً ، وكنت أشجعه على التأليف ، وأتابع ما يكتب وأصدر عدة كتب عن تاريخ المذهب المالكي ، وتعلمت من كتبه ما كنت أجهلـه عن أصول المذهب وقواعده وخصائصه …

والدكتور عمر الجيدي من الكفاءات العلمية الجيدة ، وهو وجه مشرق يعبر عن قدرات هذا الجيل الشاب ومواهبه ، وينتمي إلى منطقة الريف ، وأهل الريف يتميزون بالجدية والموضوعية وهم أهل خشونة في الطبع بسبب صراحتهم واستقامتهم ، وكان يشعر بالحزن والأسى بسبب حالة الإحباط التي كان يحس بها ، كان شديد الاعتزاز بشخصيته وعلمه ، ولا يحب التملق والتزلف ، كان يشكو لي باستمرار من أوضاع الفساد في المغرب ، كان يائساً باستمرار ، كنت أشجعه وأقف إلى جانبه وأرشحه للمشاركة في المؤتمرات الدولية ، كنت أتوقع أن يكون من أبرز علماء المغرب المعاصرين ، كان يصارحني بكل أحاسيسه ومشاعره ، فأخفف عنه . فجأة توقف قلبه من غير مقدمات مرضية ، حزنت عليه كان أحد رموز نهضة المغرب ومن أفضل من أنجبتهم دار الحديث الحسنية .

( الزيارات : 4٬283 )

3 thoughts on “الدكتور عمر الجيدى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *