الدين الحق حليف المستضعفين.ز

كلمات مضيئة..الدين الحق  حليف المستضعفين

كنت الاحظ من خلال تتبعى لتاريخنا الاسلامى  ان الكثير من المفاهيم الاسلامية الاصيلة قد تغيرت وتبدلت ولم تعد كما كانت , كنت افهم هذا التغير واعتبره من الضروريات التى لا بد منها , لو اقتصر هذا التغيير على ما يمكنه ان يقبل التغيير مما يحقق الاهداف الاسلامية التى تعبر عن الاهداف المرادة من الاسلام  لكان مقبولا ومفهوما , ومن اليسير علينا ان نفهم الاسلام الصحيح من خلال النصوص القرآنية او من خلال التوجيهات النبوية , تلك هي النصوص التى جاءت عن طريق الوحي الالهي ,  ماكنت اراه فى تراث اللاحقين من الاراء والافكار ينقسم الى اقسام  , هناك ما يعبر عن تلك المعاني والقيم والتوجيهات بطريق صادقة , وهناك من التفسير والتاويل ما هو من تراث الاجيال المتلاحقة وهذا امر لا بد منه وهو اضافة حتمية بشرط ان تكون امتدادا لتلك الاصول بما يعبر عنها ولو فى مجتمع مخالف لها , وهذه اضافة محمودة , فلكل عصر قضاياه واهتماماته وفقهه , والفكر وليد عصره ومجتمعه  ويتجدد الفقه بجهد الاجيال المتعاقبة , وهناك من تلك الافكار والاضافات ما تتناقض مع تلك الاصول تناقضا كليا او جزئيا , متاثرة بذلك بقيم واقعية او مطالب سياسية او مراعاة لقوى اجتماعية ذات نفوذ وسلطان , والنفوس بطبيعتها تستجيب لتلك الضغوط الاجتماعية الغالبة والمتمكنة , وهذا كثير فى تراثنا الاسلامى القديم , كنا نكتب عن تاريخنا اكثر مما نكتب عن الاسلام , لاننا كنا نعتبر كل ما كان فى التاريخ هو الاسلام , ونحاول ان نبالغ فيما نرويه لكي يكون اقرب الى الاسلام ولم يكن كذلك ابدا , كنت اخاطب نفسي واقول هامسا , ليس هذا هو الاسلام , كنت ارى فى الاسلام  الدعوة التى تدعو الى الايمان بالله اولا وعدم الشرك به , وتدعو الى احترام الانسان فى حياته وكرامته وحريته , وكنت ارى فى الاسلام صورة الحليف المؤتمن على ذلك الانسان المستضعف  فى كل حق من حقوقه , فهو عبد لله تعالى ولا سلطان لاحد عليه فيما يتعلق باي حق من تلك الحقوق , لم اجد ترجمة ذلك فيما كان من تاريخنا  الا القليل , كان الانسان المستضعف مستذلا ومظلوما , وكان من يظلمه يجد من يبرر له ذلك الظلم باسم الدين او الاخلاق , كان العلماء فى تاريخنا الاسلامى فى ركاب السلطة اما قضاة يحكمون او مقربين يجتهدون ويبررون , ولعل هذا هو السبب الذى جعل بعض اهل التقى بفتى باغلاق باب الاجتهاد لمنع الشطط  والانحراف فى الدين بما يخالف اصول الدين , تلك ظاهرة كانت وما زالت , الدين هو حليف المستضعفين والمظلومين , ولا يمكن ان يكون خلاف ذلك ابدا , كل المناهج الاجتهادية  كانت تقر بالثوابت الاسلامية ولكنها تتجنب الخوض فيما كان الظلم ظاهرا فيه من اصحاب السلطة او المال , لقد اهتم  بعض الفقهاء بالفروع وانشغلوا بها عن الاصول , ما كان الظلم واضحا فيه فلا يمكن ان يبرر , وما كان من الاموال ثمرة احتكار او اضرار او استغلال فلا يقبل , كنت ادعوالى تحرير المفاهيم من وصاية الاقوياء واصحاب المصالح , لا بد من تفكير اصيل  يحقق المقاصد الاسلامية لا كما اقرها الفقهاء , وانما كما ارادها الاسلام , هذا واقع تاريخي ولا نعممه ولا ننفى وجود صفحات مشرقة ومواقف معبرة ولكنها قليلة , وكانت هامسة , لا نريد للاسلام ان يكون كالكنيسة فى اوربا التى تصدت لكل دعوات الاصلاح وتحالفت مع رموز الطغيان فى عصرها حماية لمصالحها ولنفوذها واحتكرت الدين وكانت وصية عليه وانكرت العلم وحاكمت رموزه فى محاكم التفتيش , وكانت النتيجة انها اقصيت عن حياة مجتمعها وعزلت واستغني عنها , الاسلام ليس كذلك ابدا ولا يمكنه ان يكون كذلك فلا سلطة لرجال الدين فى الاسلام , ولا سلطان لهم على الدين  وهم كغيرهم ويتمايزون بعلمهم وتقواهم , ويجب ان ينتقدوا فيما تجاوزوا فيه , كنت ادعو دائما الى حرية الفكر واحترام الانسان والثقة بالعقل والعلم معا والدفاع عن القيم الاصيلة والفضائل الاجتماعية , واحترام الانسان حرية وكرامة ورفع شعار العدالة والرحمة والايمان , الدين حاجة اجتماعية لانه الضمانة الرقابية الوحيدة على الانسان  لكي لا يظلم او يعتدى , الظلم لا بد الا ان يكون ومن مهمة الدين ان يدينه مهما كان الظالم قويا ومتمكنا , ولكن لا يجوز ان يبرر الظلم باسم الدين لان الله تعالى لا يحب الظالمين ,

ما تنكره الفطرة الانسانية من افعال الانسان لا يمكن ان يقره الدين , لن نحتكم الى القانون فالقانون هو من وضع الانسان ولكن نحتكم الى الفطرة الانسانية التى تخاطبنا من الاعماق وتهمس فى قلوبنا بالحق كما تراه , عندما يتحرر الدين من قبضة الجاهلين به والاوصياء عليه من اصحاب المصالح والاهواء فسوف نرى فيه صورة الاسلام الحقيقي  الذى انزله الله ,ما ننكره ليس هو الدين وانما ننكر ما نراه من صور لا نرى فيها ملامح الدين كما اراده الله .

( الزيارات : 510 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *