الدين ورسالة الاصلاح

 

علمتني الحياة

أن أفهمَ الدين في ضوء أهدافه الاصلاحية المرتبطة بالانسان والمجتمع الانساني ، سواء بالنسبة لاهدافه التربويّة والاخلاقية التي تحرص على تكوين الإنسان الصالح ولا يستقيم الامر في المجتمع إلا بإصلاح الانسان أولاً ، سواء في عقيدته وإيمانه أوفي حسن سلوكه وصفاء نفسه أو في بيان حقوقه في المعاملات وفي علاقته بالآخرين .

والإسلام قد بين كلّ ذلك في شريعته وأحكامه وتوجيهاته ؛ فحاجة الإنسان للدين كبيرة ؛ ولولا شرائع الدين لكانت معايير العدالة أكثر ظلما لان المجتمع يضع هذه المعايير وفقاً لمصالح الذين يملكون القوة والسلطة ، والدين تستمدّ أحكامه من نصوصه الإلهية  ، ولا تستمد من التفسير البشري لهذه النصوص إذا خالفت روح النصوص التى تدعو الى تحرير الإنسان والإرتقاء بمستوى حقوقه واحترام كرامته الإنسانية ، ولا يُتصوَّر إقرار أيّ حكم ديني ينتقص من كرامة الإنسان أو يقر ظلماً بحقه أو يتجاهل مصلحةً مشروعةً له ، فإذا افترضنا وجود حكم شرعيّ يخالف مصالح الإنسان أو ينتقص من حقوقه فهذا دليلٌ على وجود خطأ في تفسير النصّ الشرعي أو وجود خللٍ في معايير المصالح ، وكلّ الأحكام التي جاءت لبيان حقوق المرأة جاءت عادلةً ومنصفةً ولم أجد أيّ حكم ينتقص من تلك الحقوق ، سواء في الزواج والحقوق الزوجيّة أو في الولاية و الشهادة والميراث ، والعدالة ليست فيما يطالب به الإنسان ولكن بما يستحق أن يناله من الحقوق .

وليس من العدالة أن ينتقص حقّ من أحدٍ ليعطى لآخر لأنّه يعتقد أنّه الأحق به ، وعلى من يفسر النصّ أن يراعي التطور الزمنيّ وأثر ذلك في معايير العدالة ، وهذا هو دور الاجتهاد المتجدّد المعتمد على مراعاة المصالح بحسب ما يحتاجه الإنسان ، ومن المطلوب وضع معايير للعدالة والمصالح ، ويقبل الجديد في إطار المقاصد الشرعية ، وبما لا يتناقض مع الثوابت الشرعيّة ، وكلّ المطالب العادلة مقبولة إذا كانت لا تتعارض مع الثوابت الشرعية .

ولا يمكن هدم أحكام الشريعة لمراعاة حالات استثنائية  فلا يحرّم الطلاق والتعدد بسبب ممارسات تعسفيّة وظالمة ، ويمنع التعسّف بوجود ضوابط تحدّ من أخطار الممارسات الخاطئة ، ولا يمكن إسقاط ثوابت الإرث والوصية لحماية حالات استثنائية يمكن معالجتها بصفة استثنائية ولو عن طريق القانون ، فلا وصيّة لوارث وإذا تطلبت المصلحة إعطاء الأب لأحد أولاده الضعفاء شيئاً فيمكنه أن يفعل ذلك في حياته في إطار مبدأ العدالة ، ويمكن الحدّ من ظاهرة التعدد في الزواج التعسفيّ بضوابط عادلة ، ودرء المفاسد مشروع واحتشام المرأة في ملابسها وزينتها وحركتها وطريقة سيرها وأسلوب حديثها من قيم الإسلام ، ولا يمكن لأحد أن يشكّك في أهمية الاحتشام ، إلا أنَّ مفاهيم الاحتشام قد تختلف ، وكلّ مجتمع مُطالَب بتطبيق الاحتشام بالطريقة التي تعبر عن مفهومه للاحتشام ، فعمل المرأة وتعليمها وخروجها للأسواق لا يتنافى مع الاحتشام إذا التزمت بمفهوم الاحتشام وبالمعايير الشرعية..

( الزيارات : 1٬407 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *