الزعامة الحقيقية لا تكون بالقوة

 

علمتني الحياة

أنّ الزعامة الحقيقية لا تُفرَض بالقوة ولا تشترى بالمال ولا تثبت بالكذب والخداع ، وإنّما تكون بالمواقف والتضحيات الكبيرة في سبيل الدفاع عن الوطن أو الشعب ، فمن ضحّى في سبيل وطنه بدمه وحريته وماله فإنّ من الطبيعيّ أن تحظى تضحياته بتقدير مواطنيه ، والوقوف إلى جانبه ، فإذا سُجِن بسبب مواقفه الوطنية فإنّ مواطنيه يقفون إلى جانبه ويعطفون عليه ، فإذا استشهد فإنّ أسرته تحظى بالمحبّة والتقدير ، ولا تشترى الزعامة بالمال ، فالمال قد تشتري به ضمائر الصغار ممن لا كرامة لهم ، فيحنون رؤوسهم لرموز المال ، طمعاً في أعطياتهم ، وهذه الظاهرة تظهر في البلاد المتخلفة حيث يرضخ البعض لسلطة المال ، وبعض الدول ترضخ لسلطة المال ، ويمكن للدول الغنية أن تشتري مواقف الدول الضعيفة ، والدول الحرّة لا تبيع كرامتها ولا تُساوِم على قناعتها ، ولا ترضخ لسلطات المال ، وكان الحكام في الماضي يشترون ولاءَ القبائل والعشائر والتكتلات العصبية والزعامات الدينية بالمال والأعطيات ومازالت هذه الظاهرة موجودة ومستمرة حيث تعمد الدولة لشراء الولاء والتأييد بالمال أو الامتيازات لتؤدي دور الولاء للدولة ، وكانت الدولة تعتبر ذلك من حسن التدبير ودهاء السلطة الحاكمة   .

والدول الحديثة تفعل في ظلّ الديمقراطية الصورية ما كانت تفعله الدول الاستبداديّة  فى الماضى فاليوم تُشترَى ولاءات الأحزاب بالمناصب وتشترى ولاءات الصحافة بالأموال وتُشترَى ولاءات الرموز الوطنية  بالامتيازات ، وفي الدول الاشتراكية تعمد الدولة إلى كسب ولاء العمال والفلاحين بالدفاع عن مصالحهم  وإقرار القوانين والأنظمة التي تعطيهم امتيازاتٍ في الأراضي والمصانع والأجور وفي المناصب التشريعية ,واليوم تسعى بعض الدول لكسب ولاءِ المرأة بتعديل قوانين الأحوال الشخصية وإسناد بعض المناصب القيادية إليها ويجب وضع معيارٍ عادلٍ للتفريق بين المال المشروع الذي يحقّق العدالة الاجتماعية ويرفع الظلم عند المظلومين  وبين العمل غير المشروع الذي يستهدف شراء الضمائر أو تمكين السلطة من التغلب على الخصوم أو دعم  الأنظمة الاستبدادية وضمان استمرارها ,ولا خلاف في أنّ الدولة التي تحرص على رفع الظلم عن المظلومين وإقرار سياسات عادلة هو أمرٌ مطلوب ويجب الدفاع عنه ، أما شراء الولاءات لحماية الأنظمة الاستبدادية فهذا لا يمكن  أن يكون مشروعاً فلا يشترى الظلم ولا يباع العدل مهما كانت الوسائل ، والزعامة الوطنية الحقّة يُبنَى صرحها من خلال المواقف والتضحيات وهذه النماذج لا يشترى ولاؤها إلا بالسلطة الشرعية العادلة .

( الزيارات : 813 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *