السيد ادريس البصرى

أبرز رموز العهد الحسني على الإطلاق لمدة ربع قرن ، وأقوى الشخصيات السياسية التي حظيت بثقة الملك بعد عهد الجنرال أوفقير ، وكانت صلاحياته بغير حدود على مستوى الحكومة والإدارة والأمن ..

لا أدَّعي وجود صلة صداقة به ، كنت أعرفه ويعرفني ، لم نلتق ولم نختلف في أي موقف أو رأي، كنا نلتقي في المناسبات فقط ، دعاني مرة واحدة في بداية التسعينيات لحضور اجتماع في وزارة الداخلية حضره كل ولاة المملكة وعمالها ، وكان الحديث عن كيفية التعامل مع الجماعات الإسلامية التي بدأت تمارس نشاطها في الأقاليم المختلفة ، سمعت كل ما قالـه الولاة وطلب مني أن أتكلم .. قلت في كلمتي إن المغرب لا يخشى من الإسلام ولا ينبغي لـه أن يخاف منه ، فتاريخ المغرب السياسي هو تاريخ الزوايا والطرق الصوفية والزعامات الدينية ، وينبغي ألا يعاقب أي مغربي بسبب نشاطه الإسلامي ، وإنما يعاقب من يخالف القانون ويعبث بالأمن ، ويعاقب بصفته الشخصية ولا تعاقب الجماعة كلها بسبب تجاوز بعض الأفراد ، وحذرت من خطورة الحلول الأمنية التي تولد مضاعفات سلبية ، ودعوت إلى معالجة أسباب التطرف عن طريق مراعاة حقوق المواطن في الحرية والتشغيل وعدم استفزاز المشاعر الدينية ، ولما انتهيت من كلمتي أشاد بما أوردته من أفكار ونصائح ..

لم يكن ادريس البصري مجرد وزير للداخلية ، كان يتدخل في كل شيء ، وهو العين الساهرة ، كان ذكياً إلى درجة كبيرة ، وينفذ السياسة المرسومة بدقة ، وهو رجل المخزن الأقوى ، وهو الذي كان يتحكم في الانتخابات والسياسات والتعيينات ، وكانت لـه مدرسة متكاملة ممن يعتمد عليهم ، كان يهمه الأمن والاستقرار ونجح في ذلك ، وكان يختار أهل الولاء لا أهل الكفاءة ، لا أحد كان يناقشه ، كان هو الأقوى ، كان يستمد قوته من ثقة الملك به وهي ثقة مطلقة ، واتهم أصحابه بالفساد والرشوة ، كان يعرف كل الأسرار ، ويعالج أموره بذكاء ودهاء ..

ولما تولى الملك محمد السادس الحكم عزلـه من وزارة الداخلية بعد ربع قرن ، وانهارت دولته المتماسكة ، وتناولت الصحف سياسته بالنقد ، وحملته مسؤولية الفساد في المغرب ، وأصبح أحد الرموز المذمومة والمرفوضة والمعزولة بعد أن كان الكل يحني رأسه لـه ويحاول التقرب منه , وارتكب اخطاءا كبيرة بعد مغادرته الوزارة  وكان يحسن به ان يكون اكثر فهما لطبيعة مهمته ..ولم يحسن التصرف  كشان معظم من يغترون بمناصبهم  ويتجاوزون الحدود بسلوكيات خاطئة

( الزيارات : 1٬462 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *