السيد المنتصر الكتانى

عالم مغربي هاجر من المغرب إلى سوريا , وأصبح أستاذاً لعام التفسير والحديث بكلية الشريعة بدمشق , وهو ابن علامة الشام السيد محمد مكي الكتاني , الذي استوطن بدمشق , وحظي بمكانة اجتماعية فيها , نظراً لما اشتهر به من خلق ودين , وكان صديق جدي الشيخ محمد النبهان رضي الله عنه شيخ حلب وزعيمها الروحي , كان السيد منتصر يزور حلب وينزل في ضيافة الجد في منتصف الخمسينات , ولما التحقت بكلية الشريعة توطدت الصلة بين السيد منتصر وبيني , كان أستاذي بالجامعة, وكنت أحبه واحترمه , وكان يبادلني هذه العاطفة , وكنا نلتقي باستمرار , ولما غادرت دمشق إلى القاهرة وغادر هو دمشق إلى الرياض استمرت الصلة بيننا عن طريق المراسلات ..

عين مستشاراً للملك فيصل لمدة يسيرة من الزمن , ثم عين مستشاراً لرابطة العالم               الإسلامي , وكان يلقي دروساً في الحرم المكي والحرم المدني , لم تتوقف الصلة بينناً , كان يراسلني باستمرار , ومازالت بعض رسائلـه عندي , انحاز لسياسة الملك فيصل ضد سياسة الرئيس جمال عبد الناصر , وكنت معجباً بشخصية عبد الناصر القومية والتحررية , وكنا نتحاور في هذا الموضوع باستمرار , كنت مازلت في ريعان الشباب وفي قمت النقاء في التفكير , ومع تحرير بلادنا من كل سياسات الهيمنة الخارجية ..

شجعني السيد المنتصر على الانتقال للرياض والعمل بجامعة الإمام بدأت رحلتي مع الواقع , ولما وقعت نكسة 1967 كنت في الرياض , وأصبت بالذهول , واضطربت لدي القيم , وتعلمت دروس النكسة, اكتشفت الأمراض التي يعاني منها مجتمعنا العربي , بدأ النفط يؤدي دوره في الضغط على العقول , وشراء الضمائر , تركت الرياض إلى  الكويت ..كانت حرية الفكر متاحة , وبدأت مشاركاتي الفكرية أكثر نشاطاً , عندما نشبت حرب اكتوبر عام 1973  كنت في زيارتي الأولى للمغرب, أعادت هذه الحرب الثقة إلى النفوس بقدر كافٍ..

عندما جئت إلى المغرب التقيت بالسيد المنتصر الكتاني , كان مازال في مكة , حدثني عن طبائع الملوك , يحبون ويكرهون , يقربون ويبعدون , يأخذون ما يريدون ثم ينسون , شعرت بما يعاني منه ,حدثني عن تجاربه السابقة ، كان شخصية طموحة ولا حدود لطموحه واندفاعاته , يصعد السلالم بسرعة مذهلة ثم فجأة يسقط , كان يحب السياسة والمظاهر , وهو رجل طيب القلب والسريرة , وهو متواضع ويحب الخير ويثق بالآخرين , كنت أحبه وأقدره , ولما اقعده المرض عاد إلى المغرب واستقر فيه, واعتزل الناس بسبب المرض والشيخوخة , كان ولده الأكبر الدكتور علي الكتاني شخصية علمية متميزة , وتولى مناصب دولية متميزة , ولما عاد إلى المغرب لم يجد نفسه في بلده , وانصرف إلى العمل العلمي الإسلامي في الجامعات الدولية , وتوفي فجأة بعد وفاة والده بقليل ..

( الزيارات : 1٬000 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *