السيد النبهان صوفية مجددة

ذاكرة الايام صوفية مجددة

من اهم ما لفت انتباهي في السنوات الاولي من حياتي الي سن العشرين هو صحبتي اليومية للسيد النبهان طيب الله ثراه ، كان بالنسبة لي هو الجد والمربي والصديق وكنت احبه واثق به واتعلم منه ، كان بالنسبة يمثل الكمال ، تأثرت به وتعلمت الكثير ، فما كان يحبه من الاوصاف كنت احبه وما كان يكرهه كنت أكرهه ، وهناك الكثير مما بقي في الذاكرة. ، وأحاول ان افهمه بطريقة اعمق ، كانت له صوفية متميزة عن الصوفيات المألوفة في مجتمعه. ومختلفة عنها في كثير من معاييرها وفي مفاهيمها ، لمً تكن صوفية دنيوية المقاصد ساذجة الاهتمامات. باحثة عن مجد اجتماعي او طامعة في استرضاء العامة بمصطلحات ا نظر الدين ، واحيانا تتنافي مع ثوابت العقيدة ، كان يمثل من خلال صوفيته شموخ الشخصية الا ستعلاء او ادعاء متوهم ، كان بعيدًا عن الصوفية الطرقية بكل. مظاهرها ومجالسها واهتماماتها ، ما لا اصل له في الدين كان يتجاهله فيحيلنا الشخصية. ، ولم يكن ينكره عليهم ادبا ويكتفي بتجاهله وتجنبه ،. لم يكن يحب مجالس الغفلة. عند الصوفية ولا مجالس السماع ولا انزلاقات. الاهواء ، كنت اراه بعيدا عن كل ذلك زاهدا فيما يطمع فيه غيره من الدنيا ، لم اجده يوما يهتم بتلك الكرامات التي ينسبها الاتباع لشيوخهم ، ولم اره يبحث عن دنياه في تلك الصوفية ، كان لا يحب تلك المظاهر. والطقوس الصوفية ويضيق بها ، ولم يلتزم بأوراد ولم يكن مقلدًا لغيره ابدا في منهجه ، كان مصدره القران قي ما ثبت عنه في كل شيئ. ويعتز بذلك الاتباع ويعتبر ذلك مصدر الكمال ، اهم صفة كان يحبها هي الأدب مع الله اولا والأدب مع الخلق فلم اره ناقدا لاحد فيما اختار لنفسه ، ولم اره مقلدًا ، كان يرددكلمة الاتباع لرسول الله ، ولا اتباع لغيره ، كان يحترم شيوخه ولم يقلدهم ، واهم ما كان يثيراهتمامي هو ذلك المنهج التربوي البعيد كليًا عن التعصب الجاهل والانفعال المتوهم والاحوال المتكلفة ، وكان يكره ذلك وينكره علي من يتكلفه ، وكان بعيدا عن تلك الطقوس والشكليات ، ولم اره ينسب نفسه للصوفية او يلتزم. بما اعتادوه من طقوسها التي تشمل ما هو مفيد ومثمر وهناك الكثير مما لا دلالة له وبخاصة تلك المبالغات الساذجة التي يراد بها التقرب من العامة ، تعلمت منه. دلالة كثير من المصطلحات الصوفية بطريقة عملية ، واهمها. صدق التعلق بالله كان والصدق في ذلك والزهد في الدنيا والصفاء الداخلي ، وكان بالاسباب ولم اره يقصر فيها ، وكان يعمل في الدنيا ولم اره يهتم بها ، ولم اره قط يدخر مالا او يحرص عليه ، وكان بعيدًا كليًا عن مجالس الحكام والاهتمام بهم. ، ولم يكن له اي اهتمام بأ خيارهم ، وكان قريبا من كل المستضعفين من العجزة والأطفال والأرامل والمرضي ، وكان يشجعهم ويمنحهم الامل ويلاطفهم ، ويعزهم بالمحبة والرعاية ، ولم اره ينتقد احدا في عمل ، وعندما كان يجد من اخطأ في عمل كان يقول له : الله يصلحك وارتبطت تلك الكلمة في اذهاننا بالخطأ والملامة ، ومما كان يثير اهتمامي تلك الروح التكافلية التي كنت اشعر بها عندما. يكون في القرية ، وكنت ارى كل من كان في تلك القرية من الفلاحين وكانهم اسرة واحدة متكافلة. ، والكل يعمل والكل يأكل ، ولا احد يأخذ اكثر من حاجته ، ولا احد يجوع ولو كان عاجزا ، ما كان من ثمار القرية فهو لكل اهلها ، القوي يحمل الضعيف والغني يتكفل بالفقير ، وكنت اراه يبني بيوتا لأهل القرية الفقراء ويهتم بصحتهم وأسرهم ، وفتح مدرسة لابناء تلك القري ليعلمهم لكي يعودوا لتعليم ابناء قريتهم ، كنت اراه يحب تلك الروح الجماعية في حياة القرية ، كان يحب كل الاخرين ، ويهتم بهم ، وكان يمثل الشخصية الاسلامية بكل شموخها ، وكان شخصية مهيبة وتشعر بالهيبة في مجلسه وفي مجتمعه ، كان سيدا بكل المعايير في صفاته الراقية. وفي ترفعه عن الصغائر وفي أدبه مع كل الاخرين ، وكان قريبا من الجميع ، كان يهتم بكل الاخرين ولم اجده يوما حاقدا او كارهًا او راغبًا في انتقام او إساءة وكان يتجاهل من يسيئ اليه ، واحيانا يُحسن اليه ، لا اشك انه قدم تصورًا ويهتم بهم الصوفية مخالفًا للصورة المعتادة في اذهان العامة ، لم اره يوما يحمل السبحة في يده او يبالغ في وصف او يظهر ماليس فيه ، كنت اراه هو هو في سره وعلانيته ، كان يعتبر كل من حوله من اخوانه ومحبيه هم اسرته ويهتم بهم ، ويشعرهم بالمحبة والرعاية ، كان كبير المواقف ولم تكن تعجبه المواقف التي لا تليق به ، لقد كان يجسد الشخصية الصوفية في ارقي مفاهيم التصوف الحق الاصيل الذي يمثل شموخ الشخصية الاسلامية في التزامها بالكمال ، وكان يكره د فيما عداه ويعتبرها من الرعونة الناجمة عن الجهل والغفلة وحب الظهور والرياء وينكرها علي من يحاول ان يتكلفها في مجالس العامة ، كان يمثل صوفية الأوائل من أعمدة التصوف الاصيل المتطلع الي الله والزاهد فيما عداه ، ذلك هو لمحمودية بداياته الاولي قبل ان يصبح في عصر المتأخرين مهنة كبقية المهن يطلب به الدنيا ويتوارثه الطامعون به من الابناء والاتباع ويتنافسون به علي قلوب العامة ، محنة التصوف فيمن ادَّعاه من الجهلة به ممن اعتبره مهنة ووظيفة وعبث بالكثير من مفاهيمه ، واعتبره مطية لدنياه ، التصوف منهج تربوي لتنمية القوة الروحية لكي تكون اداة الانسان للتغلب علي مشاعره الانانية المنحرفة التي تتغلب عليه وتمسك بزمامه ، هذا هو منهج التصوف الاسلامي الاصيل الذي يقودك الي ما يحبه الله منك من الصفاء ألقلبي ومحبة الخلق والأخذ بيد كل المذنبين. والغافلين لكي يعودوا الي الله ، عندما نحرر التصوف مما لحسب اليه من الانزلاقات والانحرافات والمبالغات ، وهو كثير ، تتحرر من قبضة فمن المؤكد ان منهج التربية الصوفية قد اسهم. في تعميق المشاعر الايمانية وترسيخ القيم الاخلاقية. في السلوك الاجتماعي ، الصوفية الأصيلة لكي تعود كما كانت ستظل. احد اهم. مكونات الشخصية الاسلامية بشرط ان تتحرر من قبضة المنتمين اليها والمنتفعين منها لكي تستعيد مكانتها كمنهج روحي يسهم في بناء الشخصية الايمانية المؤمنة علي الحياة ..

( الزيارات : 678 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *