السيد النبهان محاولة للفهم

ذاكرة الايام ..السيد النبهان محاولة للفهم

كانت صورة السيد النبهان طيب الله ثراه في ذاكرتي مختلفة كليا عن صورة كل الاخربن ، كنت قريبا منه ، ورأيت الكثير من ملامح شخصيته بنفسي من خلال صحبتى له ، وما زلت حتي الان بعد قرابة خمسين سنة من وفاته. احاول ان استعيد تلك الذكريات , وان أتأمل  في كثير مما احتفظ به  من تلك الذكريات  لكي استطيع ان اكتشف طبيعة شخصيته. وملامح منهجه التربوي والروحي ومنطلقات فكره ، كنت احاول ان افهم كل شيئ من الحياة نفسها كما افهمها الان ، واحتفظ لنفسي بما افهمه مما كنت اراه ، كنت اريد ان افهم الحياة من الحياة نفسها كما رايتها وكما عشتها ، ولا أ دعي انني علي حق ابدا ، ولكن هذا هو منهجي في الفهم. ،. وكنت اريد ان اقتنع بماأراه من غير مسلمات سابقة ، الحياة كما نراها. هي مصدر المعرفة بالنسبة للانسان ، مهمة التعليم انه يمكنك من معرفة قوانين الحياة كما هي لكي يكون فهمك مستمدا من ذاتك ومن قدراتك لكيلا تكون مقلدا ومعطلا لما اعطاك الله من ملكات ، ومهمة التربية هي تكوين القيم الاساسية والملامح الشخصية. بالطريقة التي تناسب تلك القتم المعبرة عن مجتمعها. ، وكل تربية متأثرة بمحيطها الاجتماعي والقيم السائدة ، عندما. تتكامل الشخصية تكون اقدر علي فهم الحياة كما هي عليه ، وكنت الاحظ ان ما افهمه اليوم ليس هو ماكنت افهمه من قبل ، في كل يوم اجد تكاملا في الرؤية ونضوجا في عمق التأمل ، وكنت احاول ان استعيد الكثير من افكار السيد النبهان وان اكتشف الجديد من ملامح شخصيته التي كانت متميزة. ، كان مختلفا عن كل الاخرين ، واهمً ما كنت اراه ، امور ثلاثة :

اولا : فهمه العميق لرسالة الدين في الحياة كمنهجية الهية متكاملة لاجل كمال الحياة. وكمال الانسان بالطريقة التي يحبها الله من عباده ، الدين منهجية. كمال ، بكل ما يتطلبه ذلك الكمال من اداب وحقوق وسلوك واخلاق .

وثانيا : لم أجده متكلفا في اداء عبادة او متثاقلا من تكليف. اومتطاهرا بسلوك او مدعيا لوصف ليس فيه ، كان كما هو في الظاهر ، وكنت اري صورة طاهره كصورة باطنه ، لم أجده يخفي امرا او يتظاهر بوصف او يدعيه لنفسه ، كان بعيدا عن كل ذلك ،

وثالثا. : لم أجده قط متعصبا. او ضيق الافق في اي فكر او موقف ، كان واسع الرؤية. لفهم رسالة الدين ، كان ملتزما وبعيدا عن التزمت ويحترم الانسان مهما كان ذلك ذلك الانسان، لم اسمع منه كلمة. ضد مخالف له في الدين او المذهب او الطائفة او القومية او القبيلة ، ولكل انسان خصوصيته التي يجب ان تحترم. كحق له ، ولَم اجد لديه تلك الطقوس المعتادة عند الصوفية , كان يتجاهل مالا يراه ولا ينكره احتراما لخصوصية الاخرين ، ولَم اجد لديه تلك الطرقية باورادها المعتادة ومجالسها , لم اجد ذلك من غير تكلف ، كان يقول طريقتي محمدية ، وماثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم اخذت به من غير تردد ، وًلم يكن مع ظاهرة الاوراد والاناشيد والوجدبات الصوفية وادعاء الفتوحات والكرامات. ،لم يكن كل ذلك يثير اهتمامه ، وكان لا يحب توريث المشيخة وتوارث الاسرار ولم اسمعه يتحدث بذلك , وكنت افهم صمته ادبا مع حصوصية الاخرين ، ولَم ار ه ينكر علي الاخرين المخالفين الا ما كان منكرا من الاقوال والافعال ، وكان قريبا من كل المستضعفين والصغار ًوالايتام والارامل والمرضي والعجزة، ولَم يكن المال يعنيه ابدا ، ولَم يجمعه قط ولم يحرص  عليه ولو بالقدر القليل ، ولَم يكن يملك شيئا منه وما يأتيه سرعان ما يدفعه لمن يحتاجه ، ولَم يترك اي مال لورثته ، ولَم يفكر في شراء دار لسكناه ، كان يعيش حياة متوًاضعة بسيطة ، ويحرص ان يقف مع كل الاخرين ، كانت له حياة اخري غير المعتادة واهتمامات. راقية الدلالة على مشاعر الرحمة بكل المستضعفين , ،. كان لا يحب صغار النفوس من العلماء مهما علت مكانتهم  ممن يجعلون الدينً مطية لهم لدنياهم ، وكان ينكر علي من جعل الدين. مهنة معاشية ، ويعبث به لتحقيق اغراضه الدنيوية، كان صاحب. هيبة كبيرة في مجالسه الخاصة والعامة وفى دفاعه عما يؤمن به ، لم أره يكره احدا او يحقد علي احد او يتكلم على احد بماانفرد به من السلوك ، وكانت طريقته في التعبير عن غضبه هي الصمت. والاعراض ، كانت له شخصية مختلفة عن كل من عرفتهم من بعد من رموز العلم والدعوة ..ومن اهم صفاته انه يكرم رجال العلم فى مجالسه ويرفع من شأنهم فى نظر العامة , كان واسع الصدر بمن خالفه وقلما كان يظهر عليه الضيق عند ما كان يرى ما يكره ويكتفى بالصمت اولا الى يغادر المجلس دون ان يوجه كلمة مسيئة , كان يحب الكمال ولا يفعل الا ما يليق به من المواقف والسلوك ..

 

( الزيارات : 416 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *