الصورة الاخرى

 

كلمات مضيئة ..الصورة الاخري

 

لم تكن تعنيني الاحداث الصغيرة التي كنت احتفظ بها في الذااكرة ، وانما كنت اهتم بالعبرة التي يمكن ان تستفاد من كل واقعة او موقف ، ومن كل مشهد ، وما يمكن ان يتركه ذلك من اثر في النفس ، كل موقف يمر بنا ونحتفظ به في الذاكرة له صورتان ، الاولي هي الصورة التي نظهرها ونرويها وهي ليست الصورة الحقيقية ، وهناك صورة اخري هي الصورة الحقيقية التي تظل في الذاكرة ونحتفظ بها لانفسنا ونبني عليها احكامنا الخاصة. التي نحتفظ بها ، لكل حدث ملفه الخاص به ولكل شخصية. نصادفها في حياتنا ملامحها الخاصة بها كما رأيناها ، ما نرويه ليس هو الحقيقة دائما. ، الحقيقة تكمن في تلك الصورة التي هي في داخلنا , والتي تمثل قناعتنا الحقيقية المبنية علي مواقف واحداث واحيانا على عواطف او مصالح ، لا احد ينطق بالحقيقة كما هي ، المجنون هو الوحيد الذي ينطق بالحقيقة كما هي ، ولذلك يعتبر مجنونا لانه يعبر عن قناعته كما هي ، اما االعاقل فانه يخفي تلك الحقيقة ، ويقول ما يحسن ان يقال لكي يكون بذلك عاقلا وحكيما ، كنت افكر في ذلك التدافع الداخلي بين االحقيقة كما هي ، وبين الصورة التي نظهرها ،. هناك اشخاص نمدحهم. وفِي اعماقنا. شعور خفي بانهم لا يستحقون ذلك ، وهناك اخرون نذمهم ونكرههم وفي اعماقنا شعور خفي باحترامهم لانهم صادقون ، وكنت اتساءل عن تلك الظاهر ة التي نسميها الادب الاجتماعي او النفاق الاجتماعي ، هل هي ظاهرة ايجابية ومحببة ، هناك امر خفي لا يعلمه اي احد ، وهو تلك القناعة المبنية علي مواقف حقيقية ، ظاهرة النفاق الاجتماعي تخفي الحقيقة ، وهي ظاهرة تنمو في مجتمعات الحضارة كادب ولباقة ، كنت الاحظ ان الطفل الصغير يعبر عن قناعته الحقيقية دون مجاملة ، انه بحب ويكره ، يحب من أحسن اليه ويكره من اعتدي علي حق من حقوقه ويضيق بمن يقسو عليه ، وعندما يكبُر يتعلم كيف يمسك بزمامً نفسه ويخفي قناعته وعواطفه الحقيقية كما يفعل الكبار ، هناك اشخاص كنت احترمهم في داخلي ولو كانوا خصوما لي لانه. صادقون مع انفسهم ، كنت في حالة مراجعة. مستمرة، وفِي حوار داخلي مع النفس ، كم نخفي اعجابنا باشخاص ونحن نعتقد في داخلنا انهم يستحقون ذلك الاعجاب ، وكم نخفي. شعورنا بالضيق والكراهية تجاه اخرين يفعلون مالا يليق ، وكنت اتساءل ماالذي يجعلنا نخفي الحقيقة ونظهر غيرها ، وتأملت في ذلك ، ووجدت ان السبب في ذلك يكمن في امرين : الطمع اولا والخوف ثانيا ، والانسان يتقرب الي الاخر بما يرضيه ، وبخاصة عندما يجد مصلحته في ذلك، ويبالغ في مدحه , وهو يعلم انه ليس صادقا فيما يقول ، وفِي المجتمعات. التي يكثر الجهل فيها يكثر النفاق الاجتماعي ايضا  ويكبر به الطغيان لان الطغاة في الارض يحبون ان يسمعوا ما يرضيهم من الاوصاف ويكبرون بالوهم ويصابون بالغرور ، كنت اري ان الادب الاجتماعي ظاهرة ايجابية وحضارية. ، ولكن.. لاتعني باي حال النفاق الاجتماعي ، الادب مع الاخرين لا يعني النفاق ، وقبول الاخر لا يعني تبرير ما يفعله. من التجاوزات والافعال القبيحة. ، كنت اري ان لكل فرد خصوصيته وهي حق له ، ولكن لا مبرر لامتداح تلك الخصوصية.اذا كانت سيئة ومذمومة. ، هذا هوالنفاق وهو ان تمدح الاخر بما ليس فيه من اوصاف الكمال طمعا فيه او خوفا منه ..

 

 

 

 

 

 

 

..

 



 

 

 

( الزيارات : 415 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *