الظلم فى قيم الاعمال

كلمات مضيئة..الظلم فى قيم العمل  

يعتبر موضوع العدالة من اهم الموضوعات التى تستحق الاهتمام , والعدل هو احد اهم الاعمدة التى يقوم عليها غلم الاخلاق , والعدل فضيلة , والفضيلة وسط بين رزيلتين , فالزيادة او النقصان فى الاسس الاخلاقية يفقدها صفة الفضيلة , فالقوى التى يملكها الانسان يجب ان تستخدم بطريقة تحقق الغاية المرجوة منها كالقوة العقلية والقوة الشهوانية والقوة الغضبية , فمن تمكنت منه احدى هذه القوى بزيادة او نقصت لديه كانت رزيلة كالشجاعة والعفة والقوة العقلية التى تولد الدهاء والمكر , هذه القوى الثلاث  هي قوة كمال فى الانسان اذا تحكم فيها صاحبها بما تقتضيه الحكمة من غير زيادة او نقصان , فالتهور ليس شجاعة , والبلادة ليست عفة , والمكر ليس حكمة , العدل هو الوصف الاخلاقى الوحيد الذى لاتوسط فيه , واذا انتفت العدالة كان الجور وهو الظلم الذى حرمه الله على عباده , اهم ما انفرد به ابن خلدون انه تكلم عن الظلم ليس من جانبه الشرعي كسلوك محرم , وانما تكلم عنه كسلوك اجتماعى له اثار خطيرة على العمران البشرى وعلى النظام السياسي والاقتصدى , وقد خصص فصلا مستقلا في مقدمته  سماه اثر الظلم فى خراب العمران , وعلل ذلك بانعكاس اثر الظلم فى نفسية المظلوم لان النفوس اذا شعرت بالظلم انقبضت وقعدت عن السعي والكسب , وهذا يؤدى حتما الى كساد فى الاسواق وهجرة المظلومين بحثا عن العمل فيتراجع العمران , ويعتبر الدولة هي المؤتمنة على حماية المظلومين ممن يملكون القوة والمنعة , وعدد الصور التى يبرز فيها الظلم وهي كثيرة , هناك حالات معروفة ومنتشرة وهي اغتصاب الاراضى والحقوق والاجور وانتقاص قيم الاعمال عن طريق اعطاء العمال اقل مما يستحقون من الاجور , ولا يمكن ان يقاوم ذلك الا عن طريق الدولة وهي التى تملك القوة القاهرة التى تمنع الظلم عن طريق الدولة والقانون , وعدد انواع الظلمة وهم كثر واهمهم المغتصبون للحقوق والمنتهبون لها وهناك جباة الاموال بغبر حقها وهناك المانعون لحقوق الناس وهناك غصاب الاملاك , وكل هؤلاء ظلمة , واهم ما لفت نظرى واعتبره مهما هو انتقاص قيم الاعمال والاجور  , وابن خلدون سبق رواد الفكر الاشتراكى بعدة قرون الذين تحدثوا عن انتقاص قيم الاعمال , وهي انتقاص الاجور كليا او جزئيا لان هؤلاء الناس يعملون لكي يكسبوا قيمة جهدهم فمن انتقصهم اجورهم فقد ظلمهم واعتدى عليهم , ومن احس بالظلم شعر بالاحباط والحزن والالم , وعندما لا يجد من يحميه ويعيد اليه اجره فمن الطبيعى ان يشعر بالخيبة ويقعد عن السعي والكسب لانه لا احد من الناس يرضى الظلم , وهنا تضعف الاعمال ويحل الكساد وينتشر الفقر وتكثر التوترات الاجتماعية , لقد تحدثت اكثر من مرة عن قيم الاعمال والاجور وانه ليس من العدالة ان يقل اجر العامل عن تلبية حاجاته كالطعام والسكن واللباس والعلاج والتعليم , وتلك مطالب مشروعة لكل العاملين وغير العاملين لان الحياة لا تستقيم بدونها والقادر يحمل العاجز , والغني يحمل الفقير , لان حق الانسان فى الحياة حق من الله لعباده , واداته الكسب  العادل الذى يوفر له كل حاجاته الضرورية , لا بد من التكافل بين الاغنياء والفقراء لتوفير ما هو ضرورى لحياة كل مواطن , الحياة لا تكون الا باسبابها , ولا يمكن لمجتمع ان يعيش باغنيائه فقط , فالفقير موجود ولا بد من حمل اعبائه لكي يشارك فى مسيرة الحياة الانسانية , عندما لا تتحقق العدالة كما امر الله تعالى فمن الطبيعى ان تكون التوترات الاجتماعية لان الجائع سوف يبحث عن اسباب حياته , الحيوان عندما يجد طعامه وشرابه ويشعر بالامن يكون اليفا فلا يعتدى على الانسان , وعندما لا يجد طعامه فانه يعتدى على الانسان ويخيفه , العدالة تحقق الاستقرار النفسي وتؤدى الى السلام الاجتماعى والمحبة بين الطبقات الاجتماعية , التفاوت العادل لا يستفز النفوس ولا يدفعها للعدوان فاذا كان الظلم فى الاجور وانتقاص قيم الاعمال فهذا من اهم الاسباب التى تدفع للفوضى اولا وخراب العمران ..

( الزيارات : 718 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *