العقول متأثرة بمكوناتها ومجيطها

كلمات مضيئة ..العقول متأثرة بمكوناتها ..

سؤال كان يتردد فى ذهنى , ولم اجد جوابا له , وكنت ادفعه باستمرار واحيانا كان يلح على ويستمر التساؤل , وهذا السؤال يتعلق بالعقل وكيف يؤدى العقل مهمته , وهل يمكن ان يختلف دور العقل متأثرا بعوامل خارجية تجعله يعمل بطريقة موجهة , كنت الاحظ ان العقل الانسانى قد تختلف احكامه بين موقف واخر , وعندما تتغير تلك المؤثرات الخارجية نجد ذلك العقل يعمل بطريقة مختلفة , العقل ليس واحدا وادراكاته ليست واحدة , كل العقول قد تتشابه فى بنيتها الاساسية ولكن حكمها على الاشياء ليس واحدا , وتختلف اختلافا بينا , ليس بين الانسان والاخر وانما تختلف بين الانسان وذاته عندما تتغير الظروف التى تحيط به , عندما ينتقل الانسان من مجتمع الى مجتمع مختلف فيمكنه ان يفكر بطريقة مختلفة , والانسان نفسه يفكر بطريقة مختلفة بحسب المرحلة العمرية التى يعيشها من الشباب الى الشيخوخة  , عندما اتذكر ماكنت افكر فيه من قبل قبل ثلاثين سنة ادرك اننى لم اكن كما انا , كانت قناعاتى ليست هي نفس القناعات , والاختيارات ليست واحدة , ماكنت اراه انه الصواب  من قبل لم اعد اراه كما كان , ما الذى تغير وتبدل , القضية واحدة ولكن الحكم عليها لم يعد كما كان , فى البحوث العلمية كنا نحرض فى تراجم العلماء اننا نطلب من الباحث ان يكتب مقدمة تمهيدية يتحدث فيها عن الجانب السياسي والحياة الاقتصادية وطبيعة العصر الذى عاشت فيها تلك الشخصية التى نريد البحث عنها ودراسة افكارها , لان الفكر لا بد الا ان يتأثر بعصره , وكنت ارى تلازما كبيرا بين البيئة والانسان , والعقل هو وليد ذلك المحيط الذى نشأ فيه وهو متأثر به , حاولت مرة  ان ادرس مدى تأثير شخصية المجتهد فى اجتهاداته , وابن خلدون قد اكد على اهمية الجغرافيا فى اخلاق البشر , الفقر والترف وحياة البداوة وحياة الحضارة , التربية مؤثرة فى اختيارات العقول والقدوة مؤثرة , والشعور بالكرامة ليس واحدا , ظاهرة النفاق الاجتماعى هو وليد بيئة اجتماعية ومنهج تربوى , العقل الانسانى واحد ولكنه يعمل بطريقة مختلفة,  وهذا يجعلنا اكثر فهما لحتمية الاختلاف , وحتمية التعدد , كل الناس يملكون عقولا ولكن تلك العقول لا تعمل بطريقة واحدة , النص واحد ولكن طريقة فهمه ليست واحدة , وكل انسان يبحث عن الحق كما يراه او يترجح له , لا احد يمكنه ان يفرض على الاخر قناعته الشخصية , الحكم على الاشياء ليس واحدا , عندما نعطل عقولنا فسوف نصل الى نهايات واحدة , ولكن عندما نفكر فمن المؤكد اننا سنختلف فيما نراه , المعايير ليست واحدة والقيم الناتجة عن جهد العقول ليست واحدة , كل هذا كنت اتامل فيه , وكان يشغلنى باستمرار , عندما نطالب كل الناس ان يفكروا بطريقة واحدة فهذا امر غير ممكن , الا فى حالة واحدة وهي ان يفكر البعض ومهمة الاخرين هو تقليدهم فيما ذهبوا اليه , عندما يفكر كل صاحب عقل وكل مخاطب فان من المؤكد اننا سنجد اراء مختلفة,  وهذه ظاهرة ايجابية تعبر عن مشاركة الجميع فى تحمل المسؤولية , فى مراحل الركود يفكر البعض وينقاد البعض لهم لا لقناعة بانهم الاصح وانما لقناعة بوجوب تقليدهم فيما ذهبوا اليه , توارث التقليد يجعل التقليد راسخا فى اعماق النفس فلا احد يفكر فيما خالفه من الاراء  , هذه هي منهجية الاجيال المتعاقبة التى ترسخت فيها منهجية التقليد , هذا هو السبب الذى قاد فكرنا الى الجمود لاننا افترضنا ان ما كان هو الخيار الوحيد الذى لا يجوز التامل فيه , عندما نعيد النظر فى مناهجنا التربوية فمن المؤكد اننا سنطالب العقول بان تؤدى دورها فى التفكير من خلال الموازين العقلية التى هي وليدة واقعها ومحيطها , لا شيء من جهد العقول لا يقبل التغيير ولا يحتاج الى التجديد , جهد العقول لا يتجاوز عصرة ومحيطه , وهو ثمرة لواقع , الماء الصافية الحلوة ليست كالماء المالحة التى تسقى بها الاشجار,  والثمرة ليست واحدة , نضارة الوجوه هي ثمرة لغذاء غنى نظيف واصفرار الوجوه هو نتيجة لمياه ليست نقية ولا صافية , من اعتاد حياة النظافة فلا يمكنه ان يجد سعادته فى غيرها , ومن اعتاد حياة الوساخة فأنه يألفها ويدافع عنها ,..

الفكر هو وليد الحياة التى يعيشها الانسان , ترتقى برقيه وتتأثر بطبيعة حياته ومشاعره الداخلية , حياة الترف مؤثرة فى الافكار وحياة الفقر كذلك فالمعاناة هي من  الاسباب التى تؤثر فى الافكار , جمال الحياة فى كمالها وتعبييرها عن كل الاطياف الانسانية , مهمة الدين ان يخاطب الجميع بما يجعلهم اكثر انسانية واخلاقية , ليس هناك فرد او  مجتمع هو اقرب الى الله من الاخرين , رسالة الدين واحدة لاتتناقض , قد  تختلف وسائلها الى تحقيق الكمال الذى يراه

 الدين , ثوابت الدين لا تتغير فالظلم محرم ولكن اشكال الظلم ليست واحدة والظلم تتجدد اشكاله وصوره , وعندما يكون الظلم ويثبت فهو مما حرمه الدين , والربا كذلك فكل زيادة ارتبطت بظلم واستغلال فهي مما حرمه الدين , والحكم فى هذه الامور هو للعقل الانسانى الذى يعتمد على رأي اهل الاختصاص فما تجاوز بظلم وانكره اهل الاختصاص فهو من الظلم ..كنت كثير التأمل فيما كنت اواجهه من المواقف , كنت اجد سعة فى الفهم تجعل الفكر اكثر مرونة وتعبيرا عن المقاصد التى ارادها الدين …  

( الزيارات : 624 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *