الغضب العاقل..

كلمات مضيئة .. الغضب العاقل ..

الاقدام صفة محمودة بشرط ان يكون اقداما عاقلا يعبر عن امرين الشجاعة اولاوحسن الفهم لمعنى الشجاعة , التهور شجاعة ولكنه يفتقد الحكمة وحسن الفهم , العاقل يحسن الفهم لمعرفة الوقت الملائم لاقدامه , الشجاعة احد ابرز الفضائل الاخلاقية وهي ناتجة عن القوة الغضبية عن الانسان , الغضب هو الذى يصنع الحمية ويقوى  الارادة ويوجد العزم , فمن ضعفت لدية قوة الغضب فمن الصعب عليه ان يقاوم ويتصدى لمن يستفزه , الشجاعة هي الفضيلة وليس التهور , التهور قرار انفعالى فى لحظة تضعف فيه الارادة وتتحكم الغريزة , العاقل يحرص ان يسخر غضبه لكي يكون اداته لتحقيق ما يريد , لذلك يختار زمانه الملائم لقراره ,  وقد ينتظره سنوات , والصبر فضيلة كالشجاعة , وليس كل الناس يحسنون الصبر , الغضب قوة غريزية وهو كالسلاح يستخدم فى الوقت الذى تحتاجه , الصغير لا يسلم السلاح لانه قد يستخدمه فى اية لحظة , ولهذا فان من مهمة المربى والمؤدب ان يعلم الطفل كيف يتحكم فى قواه الغريزية , فاذاكان الطفل اكثر انفعالا وغضبا كانت مهمة المربى ان يعلمه كيف يمسك بزمام نفسه عند الغضب , الصحة النفسية هي اعتدال المزاج واستقامته , فمن كان شديد الغضب او قليل الغضب فهذا يدل على خلل فى المزاج وهو مرض نفسي , المرض قد يكون ناتجا عن اسباب عضوية او نفسية , مهمة الطبيب ان يعالج الاسباب العضوية التى تؤدى الى اعتلال الصحة , ولهذا يعتمد الطبيب على فحص مستويات الدم لكي يكتشف الخلل العضوى الذى تظهر اثاره ولاتعرف اسبابه , اما المرض النفسي فهو اشد صعوبة لانك تكتشف اثاره من خلال السلوك والانفعالات ولا وسيلة لمعرفة اسبابه , وفى الحديث الشريف المروى بسند صحيح ليس الشديد بالصرعة وانما هو الذى يملك نفسه عند الغضب , هذا الموضوع اثار انتباهي واهتمامى , وكان موضوع درسي فى الدروس الحسنية امام الملك الراحل الحسن الثانى رحمه الله , الغضب قوة غريزية فى الانسان وهو كالقوة الشهوانية التى زود الله بها الانسان لكي تكون اداة كماله البدنى والنفسي , ولولا هاتين القوتين لماكانت الحياة ولما استمرت , لولا الشهوة الى الطعام والشراب لما سعى الانسان للبحث عن الطعام , ولولا غضبه لما دافع عن حقوقه المشروعة له , عندما يشعر الانسان بشهوته الى الطعام  تتجه ارادته للبحث عن الطعام وتوفير اسبابه , عندما يولد  الطفل يبكى غاضبا لانه يطلب الحليب من ثدي امه , لولا تلك الرغبة لما طلب الرضاع , البكاء غضب واحتجاج ولا يتوقف بكاء الطفل الا اذا وقعت الاستجابة لحاجاته , الكبير كالصغير سوف يغضب ويحتج عندما يجوع , وعندما لاتقع الاستجابه لمطالبه يغضب ويثور بحثا عن اسباب حياته , هذه حقوق فطرية تولد مع الانسان والله تعالى اقرها للانسان وكفلها ووفر اسبابها مما هو فى الطبيعة , الارض تعطى للانسان اسباب حياته , الماء والزرع , لكل انسان قيمة جهده فلا احتكار فيما ارتبطت الحياة به , من تجاوز قيمة جهده فقد اعتدى وظلم وافسد فى الارض , الغضب وليد الظلم , فمن شعر بالظلم والحرمان من اسباب حياته اشتد غضبه , عندما يكون توزيع الارزاق عادلا فلا مبرر للغضب ولا للثورات , عندما توزع ثروات الارض بعدالة فلا مبرر للغضب , يتفاوت البشر فى مدى جهدهم فى كسب عيشهم , وهذا تفاوت مقبول ومفهوم فالناس ليسوا سواء,  ومن العدالة ان يحصل كل انسان قيمة جهده , ومن الظلم ان يغتصب حق المستضعفين الاخرين ممن يعملون معه , من الظلم ان يكون هناك من لا يجد طعامه الذى يحتاج اليه , لا يمنع جائع من الطعام , الناس فريقان هناك من استغنى عن الاخرين بجهده وكسبه , وهؤلاء هم العاملون , وهناك فريق اخر لم يجد حاجته فافتقر لمساعدة غيره , , والاقوى يحمل الاضعف ويتكفل به , لا بد من تعادل الكفتين لكي يتحقق التوازن ويكون السلام , مهمة الدولة ان تحقق هذا التوازن لكي يتحقق السلام وتكون المحبة ويسعى الكل فى اسعاد الكل فى صيغة للتعاون الانسانى والتآخي والمودة , الشعوب والقوميات والمذاهب والدول كلها صيغ واقعية ليست متناقضة ولا متصارعة ولامتعادية , مهمة الدين ان ينصت الجميع الى رسالة الله الى عباده ان يكونوا صالحين متعاونين على الخير يؤدون حقوقهم نحو الله الذى خلقهم واكرمهم ويحترمون حقوق بعضهم من غير تجاوز او ظلم او عدوان , وسيلة الانسان عند الاختلاف ان يحاورالمخالفين له  بالكلمة الطيبة , اسوا صفة فى الانسان هي غريزة الطمع والطمع وليد القوة الشهوانية التى اذا تمكنت من صاحبها جعلته اكثر طمعا فى حقوق الاخرين , الانسان اذا كبر وتضخم تمكنت منه اوهامه وكبرت فيه ذاته ونمت انانيته وكان اكثر جشعا ونهما فى الحصول على حقوق الاخرين المادية والمعنوية , لو تعلم هؤلاء من الحياة لاكتشفوا اسرارها وهي ان الانسان مهما كبر وعلا فى الارض فحياته قصيرة وما يملكه هو وهم لا يمكن ان  يضمنه لنفسه , كل ما فى الحياة من متع لا يمكنها ان تمنح صاحبها السعادة , والسعادة امر نسبي ,  ليس عدلا ان يكون هناك هذا التفاوت فى الثروات بين الطبقات الاجتماعية بما يعمق الشعور بالكراهية والبغضاء , ليس كل غضب فضيلة , الغضب العاقل الذى يسهم فى الدفاع عن الحق هو غضب محمود لان غايته تحقيق العدالة التى هي قوام المجتمعات واسباب استقرارها , العدالة مفهوم يتجدد باستمرار ويرتقى لكي يحقق مزيدا من الكرامة للانسان والانتقال من مرحلة العبودية التى كانت من قبل الى الحياة والكرامة التى تليق بالانسان والتى تميزه عن غيره من الحيوان , ما يقود الانسان الى مزيد من الحرية والكرامة فهذا هو الدين وهذه هي رسالة الدين, وما كرس الجهل والتخلف والظلم فهذا ليس من الدين ولا يتفق مع رسالته الالهية ..

( الزيارات : 825 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *