القروض الاستثمارية وموقف الاسلام منها

–  القروض الاستثمارية وموقف الإسلام منها…

هذا الكتاب اعد في وقت مبكر كرسالة للماجستير بكلية دار العلوم بالقاهرة ونوقش عام 1965، ولم يطبع في حينه، بالرغم من أهمية موضوعه، ثم طبع عام 1989 في دار البحوث العلمية في الكويت..

عندما أعددت هذا البحث لم تكن هناك دراسات حول هذا الموضوع، كان محاولة مبكرة لتقديم اقتراحات أولية لمنهجية استثمارية تعتمد على أرضية إسلامية، وبالأحرى لا تعتمد المنهج الاستثماري الربوي السائد اليوم…

ذكرت في مقدمة البحث الأسباب التي دفعتني لاختيار هذا الموضوع، وهو مجرد طموح إلى الأفضل وتطلع إلى إحداث نظام إسلامي في مجال الاستثمار والمصارف..

لاشك أن المصارف الإسلامية بالرغم من الملاحظات المأخوذة عليها قد أسهمت في اغناء الفكر الإسلامي بتجارب معاصرة لا يمكن إنكار جدية اهتمامها بصياغة منهج متكامل…

ليس المهم  أن ننجح في تقديم المشروع الأكمل والأجمل، ذلك حلم قد يطول وأمل مرتجى نتطلع إليه، ومجرد الشروع في تقديم النماذج الممكنة هو بداية مشجعة، يعكس صدق النوايا، ويجب أن تشجع هذه الخطوات، وان نتوقف عن النقد المبالغ فيه والذي يؤدي إلى الإحباط، وفي الوقت ذاته نرجو أن يتسع صدر القائمين على هذه المؤسسات الاستثمارية لقبول النصح الصادر من أهل الاختصاص العلمي، وأن يكون هدفهم هو خدمة الإسلام أولا وأخيرا…

عندما أقرأ في هذا الكتاب أشعر بسعادة لأنني أطل من خلال قراءتي على عالمي الأول، عالم الشباب والطموح والأمل، وهو عالم الحركة والنشاط، كنا في تلك المرحلة نفكر بعواطفنا وصدقنا، ونجد الأرض معبدة أمام أعيننا، واكتشفنا فيما بعد أن الواقع شيء آخر، ولا يمكن لأحد أن يتخطى الحواجز  الأمنية التي تحمي الأنظمة الاجتماعية القائمة التي تملك سلطة القرار ولابد من مراعاة أصحاب المصالح الذين يقفون بالمرصاد لأي فكر لا يخدم مصالحهم في السلطة أو المال أو المكانة الاجتماعية…

رموز القديم لا يقبلون الجديد الذي يهدد مصالحهم، ورموز الجديد لا يعترفون بأي حق لغيرهم في التعبير عن فكره، ولابد من إيجاد صيغة توافقية تعترف بحق كل فرد للتعبير عن ذاتيته وفكره، لا احد يعتقد انه على خطأ، والكل يعتقد انه يمتلك وحده الحقيقة، وهذا يبرر له حق إلغاء الآخر، وهذا خطأ منهجي، ولابد من التعددية الثقافية لتوليد رؤية ممكنة وسديدة…  

من حق مجتمعنا أن يبحث عن الأفضل لأجل المستقبل، ولكن لابد من التوافق على صيغة ملائمة تريح الجميع، وترتقي بالواقع الاجتماعي إلى الأفضل…

قضية الاستثمار الربوي معقدة، بسبب الاختلاف في مفهوم الربا المحرم، ولا خلاف في تحريم الربا، ولكن ما هو الربا، ومتى يتحقق، وهل يقتصر مفهوم الربا على تلك الصورة الشائعة أم يمتد لكي يشمل كل زيادة ظالمة في البيوع والقروض…

ولابد من تحرير النظام المصرفي من الاستغلال والظلم، وتحرير المعاملات التجارية من سيطرة القوي على الضعيف، ومن عقود الإذعان وتوفير العدل في المعاملات…

الربا المحرم هو الزيادة المرتبطة بظلم، والتي يرتضيها الطرف الضعيف على غير إرادة منه، ويدفعها وهو كاره لها ومنكر لشرعيتها، ولا إرادة لمكره في إبرام عقد، ولا يلزم المكره بما يبرمه من عقود لانتفاء الإرادة الحقيقية المعبرة عن الرضا والاختيار…

( الزيارات : 1٬573 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *