الكمال هو ما يريده الانسان.

 

كلمات مضيئة .

وقفت ذات يوم خلف النافذة ارقب ما اراه اما مى فى ذلك الشارع الممتد والذى يضم اطيافا من الناس من كل الطبقات الاجتماعية والكل يسرع فى خطاه باحثا عن شيء ما يراه هو الحق وهو الاكمل والافضل بالنسبة له , كلمة الحق واسعة وفضفاضة والكل يفهمها كما اراد , الحق قد يراد به الكمال ,  والكل باحث عن ذلك الكمال , البحث عن الكمال قوة غريزية لا تحتاج الى تأمل , فالطفل الوليد فى ايامه الاولى يبحث عن ذلك الكمال , عندما يجوع يبكى لانه يريد ان يأكل , لان كماله البدنى يحتاج الى الطعام , الحيوان يبحث عن الكمال من خلال بحثه عن طعامه , والنبات يبحث عن الكمال ايضا وعندما تعطش تصفر ثم تموت , لا شيء ينمو ويكبر الا اذا توفرت له اسباب كماله , وهو الغذاء , الغذاء حق لكل من تتوقف حياته عليه , فلا يمنع عمن يحتاجه , وقد سخر لكل مخلوق من يغذيه , فالامطار تغذى الارض لكي تنبت فيها ما يزرع مما يحتاج اليه الانسان , والانسان مسخر لخدمة الحيوان يطعمه ويعتنى به , والفلاح يسقى الارض العطشى ويحرثها لكي تنبت له ما يحتاج اليه , لولا تطلع الانسان الى الكمال لما كانت الحياة , والكمال نسبى ولكل انسان كماله الخاص به والذى يلبى به حاجة الاخرين , وكل انسان يرى الكمال فيما تاجه قلبه اليه من المواهب والاستعدادات , لا احد يماثل الاخر في كل شيء , لا بد من الاختلاف فى شيء ما , العقول ليست متساوية وهي متفاوتة فى قدراتها , وهي مندفعة نحو كمالها الخاص بها ,هذا هو سر التدبير الالهي وعظمته لكي تكون الحياة كما هي عليه , لا احد هو الاكمل , الكل يعتقد ان ما اختاره هو الاكمل , والكل راض بما هو فيه , هذا التنوع فى مفهوم الكمال يجعل كل فرد راضيا عن نفسه , ولكل وجهة واستعداد وهو يسعى للوصول الى ما يراه كمالا له , لا تفاضل بين الناس الا بالعمل الصالح الذى يحبه الله من عباده , اعظم الناس مكانة فى نظر مجتمعه يحتاج لأقل الناس مكانة لكي يوفر له ما يحتاجه ولولا ذلك  لماكانت الحياة ممكنة , مهمة التعليم ان يرتقي بمستوى المواهب والاستعدادات لكي تكون اكثر رقيا وعطاءا , التعليم لا يوجد المهارات من عدم وانما ينمى الاستعدادات ويبرزها , من ليس لديه الاستعداد فالتعليم لا ينهض به , النجاح يكمن فى اكتشاف تلك المهارات  وتنميتها لكي تنمو نموا سليما لا اعوجاج فيه ولا انحراف , الانسان هو الركن الاهم فى كل نهضة لانه هوالعمود الفقرى الذى اذا كان قويا وسويا استقام البدن كله , لن ننهض الا بالانسان الذى هو المؤتمن على الحياة , اذا كان افضل اختار انظمته التى تجعل الحياة اكثر رقيا وجمالا , مهمة التربية ان تقوم الانحراف اذا كان وان تعيد الانسان الى الاعتدال فما زاد عن الاعتدال فى الطبائع والقوى الذاتية الغريزية فليس فضيلة , الانسان مكلف وبمقتضى ذلك التكليف فعليه ان يختار الافضل والاكمل الذى يليق بمن اراده الله ان يكون خليفته فى الارض التى يباهي الله به ملا ئكته , مهمة التعليم هو تكوين المها رات وتنمية الاستعدادات نحو الامل , اما التربية فمهمتها ان ترتقي بالمفاهيم لكي تنمو بطريقة تمنع الانحراف فيها , الغرائزغالبة ولا ينبغى ان تكون متحكمة ومسيطرة , مهمتها ان تكون فى قبضة العقل فلا تتخطاه ولا تتحداه ولا تتجاهله , فاذا تمكنت من صاحبها فهماك الدين ومهمته ان يضاعف من قدرات العقول لكي لا تستسلم امام الحاح القوى الغريزية الجامحة , هناك عوامل تسهم فى طغبان الغرائز وتجعلها اقل استجابة لصوت العقل والدين , وهناك عاملان اساسيان هما القوة والترف , فالقوة المفرطة سواء كانت ناتجة عن السلطة او المال او الجاه تؤدى الى الطغيان بطريقة حتمية , وما لم تقيد هذه القوى وتكبح فقد تدفع صاحبها الى الهاوية , وقلما يفيق من غفوته , فلا حدود لخطر القوة المفرطة على كل الاخرين طغيانا وقسوة وعدوانا , اما العامل الثانى الذى يدفع صاحبة الى الهاوية فهو  الترف المفسد للنفوس واذا صاحبه الجهل فلا حدود لخطره على كل الاخرين و وهو لا يدوم لانه يستفز كل المستضعفين ,  ومن طبيعة الانسان حيث كان انه يعتبر نفسه على الحق وقلما ينصت لصوت موقظ او لكلمة ناصحة , مهمة الدين ان يجعل الكمال الغريزى كمالا اخلاقيا دعائمه:  العدالة والرحمة والاستقامة والسلام , مهمة الدين  فى مجتمعه ان يمنع طغيان القوة فى الاموال والسلطة فلا مكان لغير الصالحين فى المجتمع الذى اراده الله ان يكون افضل المجتمعات فى محبته  للخير واحترامه للانسان..

( الزيارات : 694 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *