المؤتمنون على الدين

كلمات مضيئة .. المؤتمنون على الدين

مما لفت نظري ان من نلقاهم ونصادفهم في حياتنا ليسوا سواء في صدقهم وإخلاصهم وفيما يدعون لانفسهم من اوصاف , هم ككل شيء في الحياة متفاوتون  فى مكوناتهم البدنية وفى فى استعداداتهم النفسية وفى مدى تاثرهم بمجتمعهم وبالقيم السائدة فيه رقيا وانحدارا  وكمالا ونقصانا  ولا احد منهم كالاخر,  وهم ثمرة ماهم فيه ،هناك صالحون وصادقون وأهل تقوى ودين واستقامة ، ولا يخلو منهم عصر او مجتمع ، وهؤلاء يعرفون بسيماهم في وجوههم وكلماتهم وسلوكهم ، وهم قلة وعلى درجات متفاوتة من الصلاح والتقوى ، وهؤلاء هم البركة التي يكرم الله بها مجتمعها ، ولاتجد هؤلاء في الصفوف الأمامية وهم عن كل ذلك معرضون ، واغلب هؤلاء ليسوا اهل منبر وكلمة  وبيان ، وقد تصادفهم صدفة في الطرقات الفرعية والخلفية يعملون لله حبا في الخير من غير تكلف  او استرضاء للعامة  او حرص على  حسن السمة  والرغبة فى الجاه  ، وهم لا يعلنون ما يفعلون ،ويفعلون الخير رغبة منهم فى ارضاء الله تعالى لان الله تعالى  يحب المحسنين ,  اذا صادفت احدا من هؤلاء فامسك به فهؤلاء هم جند الله فى الارض  وقد سخرهم الله لفعل الخير ان يصدر عنهم وشرح قلوبهم له ، وعندما تلقاهم فلا بد لك الا ان تحبهم من كل قلبك لانهم يحبون الخلق ولا يصدر منهم الشر,  ولو مع من اساء اليهم ا ونازعهم فى ا مرهم ، هؤلاء هم جنود الخير والرحمة وقد سخرهم الله لخدمة المستضعفين  وزودهم بالرحمة لكي تتحرك قلوبهم  لمساعدة المحتاجين  ، هؤلاء لا يكرهون ولا يحقدون ، لانهم لا ينازعون احدا في حق من حقوقه  ,  وهناك اخرون مختلفون عنهم ، قد تلقاهم كما تلقى غيرهم  فى طريقك  , فلا تضق بهم  ولا تصاحبهم ولاتقترب منهم ,  ودعهم فيما هم فيه , فلا وصاية لك عليهم فيما يختارون لانفسهم  , وهم علي درجات متفاوتة  ايضا ، وأبعدهم عن الله هم الغافلون المنافقون الذين يفترون على الله الكذب فيما يقولون ، يتقربون الى العامة بما يرضيهم ويضاعف جهلهم ولو كان ذلك من عند أنفسهم وممايخدم اهواءهم ومصالحهم ، وهؤلاء ان تكلموا كذبوا وان وعدوا أخلفوا وان ائتمنوا خانوا ، وان كانوا مع اهل الدنيا والمال كانوا طامعين وان كانوا مع اهل السلطة كانوا منافقين ، يخفون اطماعهم الدنيوية باسم الدين ، ويتظاهرون بالتقى والصلاح وهم ليسوا اهل تقوى واستقامة ، هؤلاء في الغالب يحسنون الكلام ويجيدون البيان  ، هؤلاء هم الغافلون عن الله والمبعدون عنه لانهم يفترون على الله ويخدعون الناس بما هم فيه , ان حصلوا على ما يريدون كانوا اهل مدح وثناء وان لم يحصلوا على ما يريدون كانوا اهل ذم وهجاء  ، ومن علامة هؤلاء انك اذا رأيتهم ضاق صدرك ذرعا بهم وكرهت مجالستهم والقرب منهم ، وقلما تجد من هؤلاء صالحا او تقيا ، هؤلاء اهل دنيا ومصالح وتجدهم في الغالب في الصفوف الأمامية في مجتمعهم ، وهم مع الغالب والمنت ت مضيئة .. المؤتمنون على الدين                                         صر ولو كان ظالما ، وضد المستضعف  ولو كان مظلوما  , هؤلاء هم المنافقون حقا ، وهم الأكثر عددا  ويكثر هؤلاء فى مجتمع  التخلف وفى عصر الطغيان ، وهؤلاء يركبون خيول الدين ويقتحمون بها غمار الدنيا بحثا عن سلطة او مال او جاه اجتماعي ، هؤلاء ابعد الناس عن الله وعن الدين  ، وهؤلاء اذا تولوا سلطة كانوا سفهاء واذا ملكوا المال كانوا من الفاسقين ، وهم ليسوا اغبياء في معايير مجتمعهم ولكنهم مكروهون ومذمومون ، ومعظم هؤلاء يمتحنون في اخر حياتهم بالمذلة والهوان لانهم افتروا على الله وكذبوا على الخلق طمعا في دنيا يبحثون عنها ، ومثل هؤلاء يكثرون في ايّام الفتن والازمات ويكونون دائما على الضفة الأخري من الطبقات المظلومة والمستضعفة، هؤلاء لا عذر لهم عند الله وعند الناس فيما يفعلون ، وقلما تجد بين هؤلاء تقيا او صالحا ، ما اكثر ما فعله هؤلاء من فساد فى مجتمعاتهم قديما وحديثا  وهم ظاهرة تستحق  التامل والبحث عن اسبابها ، هؤلاء هم معاول الطغاة في كل عصر ، هؤلاء يبررون كل ظلم ويدافعون عن الطغيان طمعا فيه ان ينالوا حظا منه ، هؤلاء هم جند الباطل وسيوفه ، هناك جند يدافع بيده عن الظلم والطغيان ، وهناك من يبرره باسم الدين ، وهؤلاء يحملون اثم ما اقترفوه من السوء ،واغلب هؤلاء يعده الله بسوء المصير ، وهذا يفرض علينا ان نهتم بمؤسسات التكوين العلمي والمدارس  التربوية والشرعية بصورة خاصة ان تهتم بالتربية الروحية اولا وتكوين القيم الاخلاقية واختيار النماذج المؤهلة لحمل مسؤولية العلم ، ويعذر العامة  فيمن غلبه جهله من هؤلاء  اذا انحرفوا او صدر منهم مالا يليق من انواع المواقف والسلوكيات التى لاتليق , اما رموز العلم والمنتسبين اليه  فلا عذر لهم  فيما ينسب اليهم لان العامة تقتدى بهم  وتثق بما يقولون وما يفعلون , وليس كل من انتسب الى العلم يصلح له فهما لمقاصده والتزاما بمطالبه ,  لان العلم يحتاج الي شخصية راقية الاهتمامات والخصائص رفيعة القيم متطلعة للكمال خجولة من النقصان ، تحسن اختيار مواقفها وتحترم ما يصدر عنها ، ليس هناك كمال مطلق فلا احد خارج الطبيعة الانسانية فيما تضعف فيه النفوس  وهذا مما  يؤخذ بالاعتبار بقدر محدود  ، الا انه   لايبرر ذلك الانزلاق المخجل الذي لا يليق بالانسان  الذى يحترم نفسه ، الضعف الانساني مبرر امام المغريات والشهوات والطموحات ، ولكن صَغار النفوس في المواقف لا يبرّر ولا يتوقع من اصحابه  الا ما يعبر عن  الصغار ، وبخاصة عندما يصدر من رموز يفترض فيهم الكمال ولو بحده الأدنى ، السفه خلق الصغار ويخجل منه الكبار ولا حدود لما يفعله السفهاء من المواقف ، الدين رسالة الهية لكل الخلق وذات أهداف انسانية لهداية الانسان وليس مطية لاحد ولو كان تقيا , وليس مجرد شعار وانما هو خلق والتزام   وهو هوية انتماء اخلاقى وتربية وسلوك  ، الدين رسالة هداية  لكل الخلق وهو خطاب متجدد  لكل المكلفين به من الخلق  ، ركن الدين امران : الايمان بالله  وحده لا شريك له والاستقامة فى السلوك بما يحقق الخلق ، وهذا هو حق الله على عباده ان يكونوا صالحين ، الانسان مخاطب ومكلف ومؤتمن ،  وهو الذي يختار افعاله الإرادية ، ما كان خيرا فله اجره وماكان شرا فعليه وزره ، تلك هي العدالة الالهية  ان يكون  الناس جميعا مشمولين بالرحمة  , لا شيء من الشر من الد ين  وكل ما يهدد الانسان  او ينتقصه حقا من حقوقه الانسانية فى كمال الكرامة فليس من الدين ولا ينسب اليه  , والدين يؤخذ من كلام  الله تعالى عن طريق رسله ولا يؤخذ من غيرهم  الا بما يتفق مع اصوله تاكيدا لها وبيانا . العدوان شر مهما كان مبرر فاعله ، والله خالق كل شيئ ولا شيء الا بأمره ، و من العدالة الالهية ان يكون الانسان مسؤولا عن كامل أعماله الارادية ,  

( الزيارات : 599 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *