المعرفة الايمانىة اكثر رسوخا

كلمات مضيئة..المعرفة الايمانية اكثر رسوخا

تعتبر قضية المعرفة هي القضية الاولى فى اهتمام الفلاسفة على امتداد التاريخ , ومازالوا حتى اليوم يبحثون عن تلك المعرفة وما زالوا مختلفين فى مدى قدرة العقل على اداتها , ومثل هؤلاء فلاسفة الاسلام الذين حاولوا التوفيق بين الحكمة والشريعة , ولو بقدر من التكلف , اهم ما وقع فيه الفلاسفة من الاغلاط انهم لم يفرقوا بين الالهيات وبقية القضايا التى اخضعوها للتامل , كل المعقولات يمكن التوصل فيها الى المعرفة عن طريق العقل , كان فلاسفة التصوف اكثر فهما ودقة فى بحثهم عن المعرفة الالهية , كان هؤلاء لا يرون ان العقل هو اداة تلك المعرفة الايمانية , وهم يعتمدون على القلب وليس العقل , وكلمة القلب كلمة ذات دلالة واسعة , القلب هو الانسان بكل ما يملكه من القدرات , كل الاستعدادات التى لا تدركها الحواس الظاهرة , واهم ذلك القدرات هي الفطرة التى خلق الله الانسان بها , والفطرة الصافية الطاهرة النقية هي كالماء الصافى الذي يمكن للحقيقة ان تنطبع فيه  بما يلائم تلك الفطرة , كل ما يتعلق بالايمان فموطنه ذلك القلب  الذي يحتضن كل اسرار الانسان , ولهذا يتحدثون عن امراض القلب وهي كل ما يعترى القلوب من الغرائز والتعلقات الدنيوية كالطمع والشهوات والاهواء وحظوظ النفس , والسؤال الذي يتردد فى هذه الحالة هل يمكن للانسان مهما كانت درجة صفائه ان يتجرد من تلك الشهوات الخفية وهي متمكنة من الانسان , ماكان فى اللاوعي لا يمكن التحكم فيه ولا ادراكه  , وقد ندرك اثاره فى الفكر والسلوك , تجربة الصوفية الروحية خاصة بهم , لا يمكن ان نجرد معظمها  من الانزلاقات الناجمة عن الاوهام وما تتخيله النفوس فى لحظات التأمل , التجربة الصوفية تجربة روحية لا يمكن الحكم عليها الا من خلال التامل فى افكار  اصحابها , فاذا قادتهم الى الاستقامة والفضائل واعمال الخير والرحمة والتخفيف من الصفات المذمومة والصفاء النفسى والروحي ومحبة الكمال لذات الكمال فهي تجربة مفيدة , واعطت عطاءها فى فكر اكثر رقيا وفى سلوك اكثر استقامة , واذا لم نجد تلك الاثار من الرقي والفهم والاستقامة فلاقيمة لها ولا اثرولا يحتج بها ولا يوثق بها  , وهي كتجارة غير رابحة اوكحديقة غيرمخضرة ولا  مزهرة , لا شيء من عمل الانسان لا يخضع لميزان العقل والشرع معا , عدم الثقة بالعقل فى ميدان المعرفة الروحية  لا يعنى تجاهل دوره فى فهم ما يصادفه من الافكار, مهما تجاوزنا العقل فلا يمكننا اغفاله فى الحكم على الاشياء , لا نريد صوفيه متوهمة ومدعاة , تلك صوفية المتاخرين من ادعيائها , ولا يمكن الاهتجاج بهم فى معايير التفاضل , اتكلم عن الصوفية الاصيلة ذات المنهجية الروحية الملتزمة وذات الاشراقات  الايمانية ,  ولا يحتج بالصوفية فى غير القضايا الايمانية , وقد تميزت المنهجية الصوفية بمنهجها التربوى الروحي الذي يعتمد على المجاهدات , وهذا منهج لم تنفرد به الصوفية ونجده لدى كثير ممن تغلبت عليهم ميولهم الروحية , وكانوا يبحثون عن الصفاء الروحي بعيدا عن الرغبات الجسدية , تلك نزعات خاصة وليس كل من قام بها اثمرت فى حياته ما كان ينتظره منها , افراد قلائل هم اهل صفاء وخصوصية وهؤلاء هم الصادقون , ومن انتسب اليهم او اخذ بمنهجهم لا يعنى ان يثمرشجره اوتخضر حديقته , من اراد ان يحصد قمحا فلا بد الا ان تكون ارضه خصبة , فى النهاية ما يعنينا هو ما نراه من اثار وثمار , العقل معيار فلا يمكن تجاوزه للحكم على الاشياء والشرع باصوله وثوابته ومقاصده ولا يمكن تجاوزه , فما اسهم فى رقي الحياة واسعاد الانسان فيجب التمسك به , وما اسهم فى انحدار الحياة فى نظمها وفى قيمها وفى معايير العدالة فيها فلا يمكن قبوله ولا حاجة اليه ويجب الاستغناء عنه , الحياة الروحية حاجة انسانية , وشوق النفوس الى عالم الروح والمثل حاجة ضرورية , والايمان شعور فطرى لا يمكن تجاهله , ومهمته ان يجعل الحياة اكثر متعة وكمالا , حاجة الانسان الى الاخلاق كحاجته الى الايمان  , كل منهما يسهم فى خدمة الانسان , ما عدا ذلك من اهتمامات الفلاسفة والمفكرين هو مطلب ضرورى لكمال المجتمع الانسانى , الثقة بالعلم والعقل هما المنطلق لبناء فكر انسانى يواكب عصره ولا يتوقف ولا يجمد , ولا حدود للثقة بالعقل وبالعلم معا , ولا اقصد اي علم وانما اريد ذلك العلم الذي يبدع المعرفة الانسانية فى كل العلوم وفى تجديد الحياة بما يجعلها اقل معاناة وظلما واكثر عدالة ورحمة , واننى اعتقد ان الايمان بالله يجعل الحياة اكثر انسانية والقوانين اكثر عدالة والنظم الوضعية اقل جورا, لان المرجعية الدينية تسهم فى تنمية القوى الروحية التى توقظ الانسان من غفوته ,وتشعره بالمسؤولية امام الله تعالى ..

( الزيارات : 678 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *