الوهم والحقيقة

.كلمات مضيئة.. الوهم والحقيقة

الوهم  هو ما يراه الانسان انه الحقيقة , وليس هو الحقيقة , الحقيقة تبنى على معطيات ومؤشرات عقلية وحسية يمكن ادراكها وبناء الحقيقة على ماتقتضيه تلك المعطيات , الحقيقة هي وليدة واقع ولها اسس منطقية , ومن اليسير فهمها وتوقعها , قد تختلف الطرق وتتعدد ولكنها لا بد من بناء الحقيقة على اسباب يمكن التوصل اليها , الظن ليس هو الوهم لان الظن ترجيح ما هو ممكن بناء على قرائن , اما الوهم فهو امر اخر يختلف كليا عما تراه العقول , الوهم يبنى على افتراض غير موجود من الاساس ولا يراه الا صاحبه ولا دليل عليه يؤكده من الواقع  , الوهم ان ترى شيئا غير موجود من الاساس , انت تراه وحدك وتبنى عليه فكرك وموقفك , الحواس تؤدى مهمتها بطريقة طبيعية , فمن رأى شيئا لاوجود له فقد توهم وجود ماليس موجودا  , هناك من يسمع صوتا لا يسمعه غيره , هذا هو الوهم , وهو دليل خلل فى تكوين الانسان اوفى عضو من اعضائه الحسية  , الوهم يدفعك لتصور افكار لا وجود لها , هناك خلل ما يدفع الى الوهم , هناك اسباب نفسية واحيانا تربوية تسهم فى تكوين مشاعر ليست منسجمة مع الواقع , انت تتوهم ان هناك عدوا يترصدك لكي يعتدى عليك , المشاعر اذا تجاوزت الاعتدال ونمت بطريقة خاطئة فهذا من الوهم , الخوف من المجهول يسيطر عليك ويجعلك حزينا تترقب خطرا يقتحم عليك مخدعك , هناك من يتوهم انه اكبر مما هو عليه , الشعور بالعظمة والتميز هو نوع من الوهم  وهو كثير , هناك اسباب نفسية وتربوية ترسخ الوهم وتدفع صاحبه الى سلوكيات خاطئة , معظم الناس يتوهمون انهم اكبر مما هم عليه , معظم  العظماء والعلماء والقادة والمبدعون  يصابون بمرض الوهم , المقدار اليسير من الوهم مقبول ويلتمس العذر لصاحبه  فاذا تجاوز الحدود كان مرضا ويؤدى الى الكبر والتعالى على كل الاخرين , الوهم هو خلل فى الادراكات الحسية وذلك عندما تشعرك الحواس بمشاعر لا تتطابق مع الواقع الذى تعيشه , ويمكن فهم الاسباب النفسية  والتربوية والشعور الداخلى اللا شعورى بما يحيط بك , الوهم يعبر عن حاجة صاحبه للبقاء  والتعبير عن الذات والانانية ,  انه بحث عن البقاء  فما تتوهمه هو مالايمكنك التعبير عنه , الشعور بالعظمة او الشعور بالاضطهاد من الوهم  السلوكى  , هناك طبقة من الناس تتوهم الكمال وترى فى نفسها من اسباب الكمال مالا يراه الاخرون بها , معظم ابناء العظماء واصحاب الانساب وابناء المشاهير يتوهمون الكمال فى انفسهم ويطلبون من كل الاخرين ان يعترفوا لهم بما توهموه من الفضل والتميز , وهؤلاء يعيشون حالة من الاحباط والحزن وخيبة الظن لانهم لا يجدون من يعترف لهم بفضلهم ومكانتهم , وقد تحدث ابن خلدون عن هؤلاء ممن يتوهمون الكمال ولو كانوا اقل من كل الاخرين , انهم يظنون بسبب انسابهم الرفيعة ومكانة ابائهم  يستحقون من الاهتمام والتكريم مالا يستحقه من هو دونهم مكانة , ما اقسى الوهم عندما يستولى على اهله ممن يشعرون بالنقص مما هم فيه وبخاصة فى مجتمعات الجهل والترف والسفه  , هذا هو الوهم الاجتماعى وهو كثير فى المجتمعات التى يعم جهلها , وهناك اوهام اخرى اشد خطورة وهو توهم اصحاب الاموال اذا استفحل جهلها  ان المال وحده يكفيهم لبناء حضارة او لا قتحام عالم التقدم والنهضة  , توهم الكمال لا يحقق الكمال ولو استغنى  اهله , الوهم يصيب الافراد ويصيب الشعوب والدول , لا شيء من الوهم يمكنه ان يكون حقيقة , مشكلة المتوهمين انهم يعتقدون انهم على حق فيما اختاروه ..

 التصحيح هو منهج العقول للبحث عن الحقيقة الانسانية وهي حقيقة الشوق الى الكمال البدنى والعقلى والسلوكى  و يمكن للعقلاء ان يتوصلوا الي ذلك الكمال لكي يكون مؤتمنا على الحياة  فما بنى على الاوهام من الثقافات والمبالغات التاريخية فلايصمد فى مواجهة المناهج المناهج العقلية والثوابت العلمية ..

( الزيارات : 560 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *